الغاز الأمريكي في قبضة الحرب التجارية، كيف استفادت أوروبا من توقف الشحنات للصين؟

الإثنين، 07 أبريل 2025 12:44 م

الصين والولايات المتحدة

تحليل/ ميرنا البكري

في ظل التوترات الجيوسياسية المتصاعدة بين الصين وأمريكا، مر قطاع الغاز الطبيعي المسال بتغيرات عديدة في الفترة الأخيرة، فلم تستورد الصين أي شحنات من الغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة منذ 60 يومًا، وهي أطول فترة توقف منذ خمس سنوات، سنوضح في هذا التحليل تأثير هذه التغيرات على الأسواق العالمية، وعلى وجه الخصوص على أوروبا التي استفادت من التغيرات في تجارة الغاز، في وقت حساس بسبب نقص الإمدادات الروسية.

أمريكا أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم بحلول 2022 - Economy Plus — **أمريكا من أكبر مصدري الغاز الطبيعي المسال**

أسباب توقف استيراد الغاز الأميركي من الصين

1. التوترات السياسية بين أمريكا والصين: في السنوات الأخيرة، شهدت العلاقات بين أكبر اقتصادين في العالم، الصين والولايات المتحدة تدهورًا ملحوظًا، كما أثرت الحرب التجارية بين البلدين بشكل واضح على تدفقات التجارة، وخصوصًا في قطاع الطاقة، وكانت بداية التغيير عندما فرضت الصين تعريفة جمركية بنسبة 15% على شحنات الغاز الطبيعي المسال الأميركي في فبراير الماضي، ردًا على الرسوم الجمركية الأمريكية، وهو ما أدى إلى توقف استيراد الغاز الأميركي.
2. فرض رسوم جديدة من الصين: بداية من فبراير، قامت الصين بفرض مجموعة من التعريفات الجمركية على جميع الواردات الأميركية، مما أثر بشكل ملحوظ على سوق الغاز المسال، وجاء هذا الموقف ردًا على تزايد التوترات بين البلدين، مما أدى إلى تغيير نمط التجارة وإعادة توجيه الشحنات إلى أسواق أخرى.

تأثير الحرب التجارية على سوق الغاز الطبيعي

بدأت الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين منذ فترة طويلة، وكان لهذا الصراع الجيوسياسي له تأثير مباشر على قطاع الغاز الطبيعي المسال، في فترة الحرب التجارية الأولى (التي بدأها الرئيس الأميركي دونالد ترمب)، لم تستورد الصين أي شحنات من الولايات المتحدة لمدة وصلت إلى 400 يوم، كما إن هذه الحرب التجارية فرضت على المستهلكيين الصينيين تعديل استراتيجياتهم، مما أثر بشكل مباشر على تدفقات الغاز المسال الأميركي إلى الصين.

هل الصين بحاجة ماسة للغاز الطبيعي المسال الأميركي؟

في الواقع. لا، وفقًا للبيانات، حيث إن الطقس الشتوي المعتدل في الصين العام الماضي، بالإضافة إلى المخزونات الكبيرة التي تمتلكها، جعلت الصين لا تحتاج إلى استيراد الغاز المسال، مما سمح للتجار الصينيين بالمرونة في إعادة بيع الغاز الأميركي إلى منافسيهم في آسيا والأسواق الأوروبية، وهو ما أفاد أوروبا بشكل كبير في الفترة الأخيرة.

أثر توقف استيراد الغاز على أوروبا:

1. يعتبر توقف استيراد الغاز الأمريكي فرصة ذهبية لأوروبا لتعويض النقص في إمدادات الغاز الروسي، فوجدت أوروبا نفسها التي كانت تعتمد بشكل كبير على الغاز الروسي عبر الأنابيب في مأزق بعد توقف هذه الإمدادات بسبب الحرب الروسية الأوكرانية.

وبالتالي توقف استيراد الصين للغاز المسال الأميركي أعطى فرصة من ذهب لأوروبا للحصول على كميات أكبر من الغاز المسال لتعويض هذا النقص، كما إن السوق الأوروبي شهد زيادة في الطلب على الغاز المسال في الفترة الأخيرة، مما جعل الولايات المتحدة تمثل مصدرًا مهمًا لتعويض هذا العجز.

2. انعكاسات إيجابية على الأمن الطاقي في أوروبا: في وقت من الاوقات، كانت الصين السوق الأكبر للغاز الأميركي، والصين أعطت أوروبا فرصة لاستيراد الغاز الذي كان في طريقه إلى الصين، هذا يُعتبر تغيير في تدفقات الغاز، وبالتالي يسهم في تعزيز الأمن الطاقي في أوروبا.

التداعيات على أسواق الغاز العالمية

1. تحولات في التجارة الدولية: مع تغيير وجهات الشحنات من الصين إلى أسواق أخرى، مثل أوروبا وآسيا، وتتزايد التوقعات بتغييرات في الأسعار، إذا استمرت هذه التحولات لفترة طويلة، من الممكن أن تؤدي إلى زيادة الطلب على الغاز المسال من الولايات المتحدة، وهو ما سينعكس على الأسعار في السوق العالمية.

2. الاستفادة الاقتصادية لأمريكا: رغم توقف التجارة بين الولايات المتحدة والصين، فإن زيادة الطلب على الغاز الأميركي من أوروبا من الممكن أن يعوض هذا النقص. وبالتالي يساهم في دعم قطاع الطاقة الأميركي، والذي أصبح جزءًا لا غنى عنه من الاقتصاد الأميركي في السنوات الأخيرة.

ختامًا، التغيرات التي تشهدها أسواق الغاز الطبيعي المسال بين الصين وأمريكا، وخصوصًا التوقف الكبير في استيراد الصين للغاز الأميركي، تضعنا أمام صورة جديدة للعبة التجارة العالمية في هذا القطاع. الحرب التجارية، والتوترات السياسية، والطبيعة المتغيرة للطلب على الغاز، كل هذه العوامل ساهمت في إعادة تشكيل السوق بشكل واضح. أوروبا استفادت بشكل غير مباشر من هذه التغيرات، مما ساعد في تعزيز أمنها الطاقي. وفي النهاية، تظل تجارة الغاز واحدة من أكثر القطاعات تأثرًا بالتغيرات الجيوسياسية، ويجب على الدول المصدرة والمستوردة أن تظل على استعداد للتكيف مع هذه التحولات المستمرة.

Short Url

أخبار متعلقة