الأربعاء، 02 أبريل 2025

05:48 ص

من الفقر إلى الطفرة، كيف غيّر النفط مستقبل غيانا وجنوب السودان؟

الإثنين، 31 مارس 2025 04:05 م

النمو الاقتصادي

النمو الاقتصادي

تحليل/ ميرنا البكري

وفقًا للتوقعات الاقتصادية الصادرة عن صندوق النقد الدولي (IMF)، تُظهر أن بعض الاقتصادات الناشئة تنمو بخطى متسارعة، مع سيطرة واضحة لدول إفريقيا وآسيا على قائمة الأسرع نموًا في 2025.

ومعظم هذه الدول تعتمد على قطاع النفط بشكل كبير كمحرك أساسي لاقتصادها، وبالتالي يجعل هذه الدةل أكثر عرضة للتقلبات الناتجة عن الاضطرابات الجيوسياسية، والتحديات اللوجستية، وتقلبات الاسعار العالمية.

ما هي نظرة صندوق النقد الدولي إلى مصر وتونس ولبنان؟
صندوق النقد الدولي

نظرة على الدولتين الأسرع نموًا في 2025

 جنوب السودان، النفط بين لعنة الموارد والأزمات السياسية

تأتي جنوب السودان في صدارة قائمة الدول المتوقع أن تنمو بنسبة تبلغ 27.2%، لكن هذا الرقم لا يعكس بالضرورة قوة اقتصادية مستقرة، بل هو ناتج عن التقلبات الحادة بسبب الحرب الأهلية، وضعف البنية التحتية، والأزمات الإنسانية.

يركز اقتصاد جنوب السودان بشكل شبه كامل على النفط، حيث يتم تصديره عن طريق خطوط أنابيب تمر عبر السودان إلى البحر الأحمر، وفي عام 2024، تعرض أحد هذه الأنابيب لانفجار كارثي، مما انعكس في انخفاض عائدات الحكومة بشكل حاد، خاصة مع صعوبة إصلاحه بسبب وجود أجزاء منه في مناطق يسود فيها الصراع.

مع جهودها للنهوض من هذه الأزمة، تبحث حكومة جنوب السودان عن مسارات تصدير بديلة، كما تسعى للحصول على دعم مالي من قطر والإمارات لإنقاذ اقتصادها المنهار، وفقًا لتقارير "بلومبرج".

جنوب السودان يسعى لاستئناف إنتاج النفط من جديد
إنتاج النفط في جنوب السودان

 غيانا، قصة تحوّل من الفقر إلى الطفرة النفطية

تعتبر غيانا الدولة الوحيدة في أمريكا الجنوبية التي ظهرت في تصنيف صندوق النقد الدولي، ومن المتوقع أن تنمو  بنسبة 14.4%، مدعومة بشكل رئيسي بالاكتشافات النفطية الكبرى التي غيّرت مسارها الاقتصادي.

قبل عام 2015، كانت غيانا واحدة من أفقر دول القارة، لكن بعد اكتشاف احتياطيات نفطية ضخمة أمام سواحلها جعلها تدخل في عصر جديد من الازدهار والنمو، كما بدأت عمليات الإنتاج في ديسمبر 2019، وسرعان ما جلبت إيرادات ضخمة تجاوزت المليار دولار سنويًا، وفقًا لوكالة "أسوشيتد برس".

لم تتوقف غيانا عند تصدير النفط فقط، بل تم استخدام العائدات في مشروعات بنية تحتية ضخمة، تشمل مستشفيات، ومدارس، وطرق سريعة، وأول ميناء مياه عميقة في البلاد. 

وتشير التوقعات أنه بحلول عام 2040، قد تصل إجمالي إيرادات النفط إلى 157 مليار دولار، مما قد يحولها إلى واحدة من أثرى وأغنى الدول الصغيرة في العالم.

التحليل الاقتصادي، هل النفط مفتاح النمو أم قيد على التنمية؟

تمتلك الدول الغنية بالنفط مثل جنوب السودان وغيانا  فرصة ذهبية للنمو السريع، لكن يكمن التحدي الحقيقي  في كيفية إدارة هذه العائدات. فبينما تستثمر غيانا في تنويع اقتصادها، تستمر جنوب السودان في الاعتماد الكامل على النفط دون استراتيجية استدامة واضحة.

حيث إن الاعتماد الكلي على النفط يجعل الاقتصاد أكثر تأثرًا بالتقلبات في الأسعار العالمية، وبالتالي يؤدي إلى دورات اقتصادية متأرجحة بين الازدهار والركود، كما هو الحال في جنوب السودان.

تجربة غيانا هي تجربة ناجحة في الاستفادة من ثرواتها بسبب الاستقرار النسبي والسياسات الاقتصادية الحكيمة، بينما يواجه جنوب السودان  اضطرابات سياسية تجعل أي نمو اقتصادي هشًا ومعرضًا للانهيار.

ختامًا، رغم إن النفط هو المحرك الرئيسي لنمو أسرع الاقتصادات في العالم، إلا أن التجارب السابقة أثبتت إن الثروة النفطية وحدها غير كافية لضماننمو اقتصادي مستدام،  فالدول التي تستثمر في تنويع مصادر دخلها، وتطوير البنية التحتية، وتحقيق الاستقرار السياسي هي الأكثر قدرة على تحويل الفرص النفطية إلى نهضة اقتصادية حقيقية ومستدامة.

Short Url

search