الإثنين، 31 مارس 2025

02:18 ص

أمريكا تضرب صناعة الشحن الصينية، معركة اقتصادية بمليارات الدولارات

الخميس، 27 مارس 2025 02:35 م

الولايات المتحدة والصين

الولايات المتحدة والصين

كتب/كريم قنديل

في خطوة جديدة ضمن معركة السيطرة على الأسواق العالمية، تدرس الولايات المتحدة فرض غرامات على السفن المصنّعة في الصين، في محاولة لإنعاش صناعة بناء السفن الأمريكية، هذا التحرك الذي يتبناه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يهدف إلى تقليل الاعتماد على السفن الصينية، لكنه يثير تساؤلات كبرى حول مدى واقعيته في ظل المعطيات الاقتصادية الحالية.

السفن الصينية

تحديات كبرى أمام الحرب الاقتصادية على الشحن الصيني

رغم تصعيد واشنطن ضد صناعة السفن الصينية، إلا أن فرض رسوم باهظة على سفن الحاويات الصينية يواجه عقبات معقدة قد تجعل هذه الحرب الاقتصادية أكثر كلفة على الاقتصاد الأميركي نفسه.

🔹 هيمنة صينية على الصناعة: تسيطر بكين على سوق بناء السفن عالميًا، ما يجعل الحد من سفنها تحدياً قد يرفع تكاليف الشحن واللوجستيات.
🔹 تراجع القدرة الأمريكية: تعاني الولايات المتحدة من ضعف في قطاع بناء السفن بسبب ارتفاع التكاليف وانعدام القدرة على المنافسة، ما يجعل إحياء هذه الصناعة بحاجة إلى استثمارات ضخمة وزمن طويل.
🔹 ضربة للاقتصاد والتجارة: زيادة تكاليف النقل البحري قد تؤثر على الاقتصاد الأمريكي، خاصة مع اعتماد واشنطن الكبير على الواردات الآسيوية.
🔹 رد صيني انتقامي: قد ترد بكين بإجراءات مضادة، مثل فرض قيود ورسوم على الشحن الأميركي، ما قد يفاقم الأزمة.
🔹 تأثير على الحلفاء: فرض قيود على السفن الصينية قد يثير توترات مع الشركاء التجاريين الكبار مثل أوروبا ودول آسيا، ما قد يضع الولايات المتحدة في مأزق اقتصادي ودبلوماسي.

في ظل هذه التعقيدات، يبدو أن المواجهة الاقتصادية بين القوتين العالميتين قد تترك تداعيات تتجاوز قطاع الشحن إلى أسواق المال والتجارة الدولية.

حرب تجارية

السياق الاقتصادي.. لماذا تتحرك واشنطن الآن؟

صناعة بناء السفن الأمريكية تعاني من تراجع طويل الأمد، حيث باتت الشركات الآسيوية، وعلى رأسها الصينية، تهيمن على سوق الشحن البحري بفضل تكاليفها المنخفضة وقدراتها التصنيعية الهائلة. في المقابل، تعاني الولايات المتحدة من ارتفاع تكلفة الإنتاج وصعوبة توفير العمالة الماهرة، ما جعلها غير قادرة على المنافسة منذ عقود.

بحسب بيانات مجلس الشحن العالمي، فإن 98% من السفن التي ترسو في الموانئ الأمريكية مصنّعة في الصين، مما يضع واشنطن في موقف ضعيف عند محاولة فرض هذه الغرامات. 

الشحن البحري

تداعيات اقتصادية.. ارتفاع التكاليف وضرب سلاسل التوريد

التوجه الأمريكي الجديد يهدد بزيادة تكاليف الشحن، حيث من المتوقع أن ترتفع تكلفة الحاوية الواحدة بين 600 و800 دولار أميركي، ما قد يؤدي إلى تضاعف تكاليف نقل الصادرات الأميركية، هذا يعني أن المزارعين والصناعيين الأميركيين سيتحملون عبئًا إضافيًا، مما سيؤثر سلبًا على القدرة التنافسية للمنتجات الأمريكية في الأسواق العالمية.

في المقابل، قد تلجأ الصين إلى فرض إجراءات انتقامية، مثل فرض رسوم على السفن الأمريكية أو تقييد وصول السلع الأمريكية إلى السوق الصينية، وهو ما قد يزيد من تعقيد المشهد التجاري العالمي.

التحدي الأكبر.. فجوة التصنيع

حتى لو قررت الولايات المتحدة فرض الغرامات، فإنها لا تمتلك حاليًا البدائل الكافية لتعويض السفن الصينية. صناعة بناء السفن الأميركية تحتاج إلى استثمارات ضخمة، وإلى عقود من الزمن حتى تستطيع مجاراة الإنتاج الصيني والكوري الجنوبي، ومع غياب هذه القدرة التصنيعية، فإن أي قرارات متسرعة قد تؤدي إلى مزيد من الفوضى في السوق العالمية، وليس إلى تحقيق الاستقلالية الاقتصادية التي تسعى إليها واشنطن.

الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين

هل تستطيع واشنطن الفوز في هذه الحرب؟

الواقع يشير إلى أن فرض الغرامات لن يكون الحل السحري لاستعادة الهيمنة الأميركية على صناعة الشحن، فبدون استثمار ضخم ومستدام في بناء السفن، وبدون بدائل محلية حقيقية، ستواجه واشنطن صعوبات كبيرة في تنفيذ استراتيجيتها. كما أن رد الفعل الصيني قد يكون مكلفًا، ليس فقط للاقتصاد الأميركي، ولكن أيضًا للاقتصاد العالمي ككل.

في النهاية، يبقى السؤال: هل تسعى واشنطن فعلاً لإعادة بناء صناعة السفن، أم أن هذه القرارات ليست سوى ورقة ضغط جديدة في حربها الاقتصادية ضد الصين؟ الأيام وحدها ستكشف مدى جدوى هذا التوجه، ولكن المؤكد أن المعركة الاقتصادية بين القوتين العظميين ستظل مشتعلة.

Short Url

search