9.5 تريليون دولار على المحك، حرب الرسوم تهدد أكبر شراكة تجارية في العالم
الإثنين، 17 مارس 2025 11:20 ص

الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي
تحليل/ عبد الرحمن عيسى
تشهد العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي تحولات جوهرية بسبب التوترات التجارية المستمرة، وأبرزها حرب الرسوم الجمركية التي تهدد بتقويض هذه العلاقة المتينة.
وتشير تقديرات الغرفة التجارية الأميركية لدى الاتحاد الأوروبي إلى أن هذه الحرب قد تؤدي إلى تهديد الأعمال التجارية عبر الأطلسي التي تقدر قيمتها بحوالي 9.5 تريليون دولار سنويًا، فهذه الأرقام تكشف عن حجم التأثير المتوقع على أكبر علاقة تجارية في العالم.

التهديدات الناجمة عن حرب الرسوم الجمركية
حذرت الغرفة التجارية الأميركية في تقريرها السنوي من أن الصراع التجاري بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي قد يتسبب في أضرار جسيمة لهذه العلاقة التي حققت أرقامًا قياسية في عام 2024.
إذ وصلت تجارة السلع والخدمات بين الطرفين إلى تريليوني دولار، وفي ضوء ذلك، يعتبر العام 2025 عامًا حاسمًا، محملاً بالتحديات والفرص على حد سواء.
فرضت الولايات المتحدة في الأسابيع الأخيرة، رسومًا جمركية على الصلب والألومنيوم، بينما وضع الاتحاد الأوروبي خططًا للرد على هذه الإجراءات.
وتهدد الولايات المتحدة من جانب آخر، بفرض رسوم بنسبة 200% على النبيذ والمشروبات الروحية من الاتحاد الأوروبي، في خطوة تهدد بتصعيد النزاع التجاري.
التوترات بين ترامب والاتحاد الأوروبي
أدى تصاعد التوترات إلى تعزيز الجدل حول العجز التجاري السلعي الأميركي مع الاتحاد الأوروبي، حيث انتقد الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، هذا العجز رغم وجود فائض أميركي في الخدمات.
وحث ترامب الشركات المصنعة على الإنتاج داخل الولايات المتحدة بدلًا من الاعتماد على الاستيراد، وفي هذا السياق، يرى ترامب أن فرض الرسوم الجمركية هو أسلوب ناجع لتصحيح هذه الاختلالات التجارية.

الاستثمار كمؤشر رئيسي للتجارة عبر الأطلسي
تؤكد الغرفة التجارية الأميركية على أن التجارة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لا تقتصر فقط على تبادل السلع والخدمات، بل تمتد لتشمل الاستثمار الذي يمثل المعيار الحقيقي لعلاقة الأعمال بين الطرفين.
وفي هذا الصدد، يشير التقرير إلى أن الاستثمارات الأميركية والأوروبية تتدفق بشكل متبادل إلى الأسواق داخل كلا الجانبين، بدلًا من التوجه إلى الأسواق الناشئة التي تقدم تكاليف منخفضة.
وبذلك، تُعتبر هذه التدفقات الاستثمارية جزءًا أساسيًا من القوة الاقتصادية المتبادلة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
التأثيرات الاقتصادية على الشركات عبر الأطلسي
تعد مبيعات الشركات الأجنبية التابعة للولايات المتحدة في أوروبا أعلى بنحو أربعة أضعاف من صادرات الولايات المتحدة إلى أوروبا.
وفي المقابل، مبيعات الشركات الأوروبية التابعة في الولايات المتحدة أعلى بثلاث مرات من الصادرات الأوروبية إلى الولايات المتحدة.
هذه الأرقام تبرز قوة التبادل الاستثماري بين الجانبين، وهو ما يعكس مدى التأثير العميق الذي يمكن أن تحدثه الحرب التجارية على اقتصاد كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
الآثار السلبية على التجارة بين الشركات
يشير دانييل هاميلتون، المعد الرئيسي للتقرير، إلى أن جزءًا كبيرًا من التجارة عبر الأطلسي يأتي من التجارة بين الشركات، مما يشكل نحو 90% من تجارة أيرلندا و60% من تجارة ألمانيا.
وعلى الرغم من أن هذه الأنشطة التجارية تمثل جزءًا كبيرًا من الاقتصاد الأوروبي، فإنها قد تتأثر سلبًا بسبب تأثيرات الحرب التجارية.
التأثيرات المحتملة تشمل تعطيل سلاسل التوريد، وتباطؤ النشاط الاقتصادي في بعض القطاعات، مما يخلق حالة من عدم اليقين بالنسبة للعديد من الشركات.

احتمالات تأثير الحرب التجارية على تجارة الخدمات والطاقة
لا تقتصر المخاوف على التجارة في السلع فقط، بل تمتد لتشمل تجارة الخدمات والبيانات والطاقة، كما إن أوروبا تعتمد بشكل متزايد على واردات الغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة، وهو ما قد يتأثر بالصراع التجاري.
تتزايد المخاوف من أن تؤدي الإجراءات التجارية إلى تهديد هذه التدفقات الحيوية للطاقة، ما ينعكس على استقرار السوق الأوروبية.
التأثيرات المتتالية للصراع التجاري
يؤكد هاميلتون أن تأثيرات الحرب التجارية لن تقتصر على التجارة بين الجانبين فقط، بل ستمتد لتشمل جميع القطاعات الأخرى.
تصبح العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أكثر تعقيدًا في ظل هذه التوترات التجارية، ما يثير القلق بشأن التفاعل بين مختلف المجالات الاقتصادية.
وبالنظر إلى حجم التجارة بين الجانبين والاعتماد المتبادل، أي اضطراب في هذه العلاقة قد يؤدي إلى تأثيرات سلبية واسعة النطاق على الاقتصادين الأميركي والأوروبي.
الفرص والتحديات التي تواجه الشركات
في حين أن التحديات المترتبة على الحرب التجارية قد تشكل عقبة أمام الشركات، فإنها في الوقت نفسه قد تخلق فرصًا جديدة.
شركات مثل أبل وإكسون موبيل وفيزا التي تهيمن على الغرفة التجارية الأميركية، لديها القدرة على التكيف مع هذه التغيرات الاقتصادية عبر إعادة هيكلة سلاسل الإمداد وتوسيع استثماراتها في أسواق جديدة، وبالتالي، فإن الشركات القادرة على التكيف مع هذه التحديات قد تتمكن من الاستفادة من الفرص الناشئة.
ختامًا: تتمثل المخاطر الكبرى في أن حرب الرسوم الجمركية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي قد تؤدي إلى تعكير صفو العلاقة التجارية الوثيقة بين الطرفين، والتي تُعد الأكبر من نوعها في العالم.
فإذا استمرت هذه التوترات، فإنها ستؤثر على جميع القطاعات الاقتصادية، بما في ذلك التجارة في السلع والخدمات والطاقة.
Short Url
اللوجستيات العكسية، طريق الشركات نحو الاستدامة وتقليل الهدر البيئي
17 مارس 2025 06:57 م
رقمنة الإبداع، كيف يعيد الذكاء الاصطناعي تشكيل الصناعات الإبداعية؟
17 مارس 2025 05:30 م
30% من طعام رمضان يُهدر يوميًا, كيف نحول الإسراف إلى وعي؟
17 مارس 2025 04:59 م


أكثر الكلمات انتشاراً