ترامب والمقايضة الكبرى، هل يعيد تشكيل النظام العالمي؟
الخميس، 13 مارس 2025 11:38 ص

دونالد ترامب
كتب/كريم قنديل
منذ توليه السلطة، انتهج ترامب سياسة قائمة على "المقايضة والصفقات" بدلاً من التحالفات التقليدية، مما أدى إلى تغييرات جوهرية في موازين القوى الدولية.
قرار وقف الدعم العسكري لأوكرانيا بقيمة 4 مليارات دولار، في وقت تعاني فيه كييف من ضغوط عسكرية واقتصادية هائلة، يكشف بوضوح عن استراتيجية واشنطن الجديدة القائمة على تحقيق مكاسب اقتصادية وسياسية دون انخراط مباشر في النزاعات.

تحولات السياسة الأميركية.. من التحالفات إلى الصفقات
لطالما دعمت الولايات المتحدة أوكرانيا في حربها ضد روسيا، إذ قدمت مساعدات تجاوزت 123 مليار دولار منذ اندلاع النزاع، لكن قرار ترامب الأخير يعكس تحولاً جوهرياً نحو نهج أكثر براجماتية، هذه الخطوة تُعيد ترتيب الأولويات الأمريكية وفق رؤية ترتكز على تقليل الإنفاق العسكري الخارجي مقابل تحقيق مكاسب اقتصادية.
إن السياسة الخارجية الأمريكية لم تعد تخضع للثوابت التقليدية، بل باتت تعتمد بشكل متزايد على الصفقات الاقتصادية، حيث يسعى ترامب إلى إعادة تشكيل العلاقات الدولية من خلال استبدال الدعم العسكري باتفاقيات اقتصادية مربحة.
الضغوط على أوكرانيا.. خيارات صعبة أمام زيلينسكي
تواجه أوكرانيا موقفًا صعبًا بعد تعليق المساعدات الأميريكية، حيث تزايدت الضغوط على الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لقبول تسويات إقليمية لإنهاء الحرب. إضافة إلى ذلك، فإن واشنطن لم تعد تراهن على زيلينسكي كخيار وحيد، إذ تشير التقارير إلى اجتماعات بين فريق ترامب وزعماء المعارضة الأوكرانية لبحث إمكانية إجراء انتخابات مبكرة.
وفي ظل هذه التطورات، تسعى كييف إلى إيجاد بدائل لدعمها العسكري، بما في ذلك التقارب مع السعودية والدول الأوروبية، لكنها تواجه معضلة أن الدعم الأوروبي لا يمكنه تعويض الانسحاب الأمريكي بالكامل.

مأزق أوروبا.. هل يمكنها تعويض الفراغ الأميركي؟
اعتمدت أوكرانيا بشكل كبير على الدعم الغربي، إذ قدمت الدول الأوروبية مساعدات بقيمة 122 مليار دولار، لكن الانسحاب الأمريكي يضع أوروبا أمام اختبار صعب، حيث تعاني الاقتصادات الأوروبية بالفعل من أعباء الحرب، وسط توقعات بعجزها عن سد الفراغ المالي والعسكري الذي ستتركه الولايات المتحدة.
بحسب ستانيسلاف ميتراخوفيتش، كبير الباحثين في الصندوق الوطني الروسي لأمن الطاقة، فإن "القوى الاقتصادية والسياسية في الغرب تدرك استحالة تحقيق انتصار عسكري على روسيا، مما يدفع بعض الدول إلى إعادة تقييم مواقفها." وأضاف أن العديد من الشركات الأميركية الكبرى، مثل "إكسون موبيل"، بدأت في البحث عن فرص لاستعادة علاقاتها مع موسكو بمجرد انتهاء النزاع.
التداعيات الاقتصادية العالمية.. بين الانكماش والتضخم
بلغت خسائر الاقتصاد العالمي جراء الحرب الأوكرانية 3 تريليونات دولار، بينما تكبدت أوروبا وحدها خسائر بقيمة 1.3 تريليون دولار، في حين خسر الاقتصاد الأوكراني أكثر من 1 تريليون دولار. أما الشركات الأميركية، فسجلت خسائر تقدر بـ 324 مليار دولار.
إضافة إلى ذلك، فإن واشنطن بدأت باستخدام التكنولوجيا كورقة ضغط جديدة، حيث هدد مالك "ستارلينك"، إيلون ماسك، بوقف خدمات الاتصالات العسكرية للجيش الأوكراني، مما قد يؤدي إلى انهيار الجبهات الأمامية.

روسيا والصين.. هل يفكك ترامب التحالف القوي؟
تدرك إدارة ترامب أن التحالف بين روسيا والصين يمثل تهديدًا كبيرًا للهيمنة الأمريكية، لذا تسعى إلى فك هذا الارتباط عبر تقديم حوافز اقتصادية لموسكو، لكن خبراء يرون أن روسيا لن تضحي بعلاقاتها مع الصين مقابل وعود أميركية غير مضمونة.
تشير التطورات الأخيرة إلى أن سياسة ترامب تعتمد على إعادة تشكيل النظام العالمي بناءً على منطق الصفقات بدلاً من التحالفات التقليدية. هذه الاستراتيجية قد تؤدي إلى اضطرابات جيوسياسية، خاصة في أوروبا وأوكرانيا، كما ستلقي بظلالها على الاقتصاد العالمي.
في ظل هذه المتغيرات، يبدو أن الأشهر القادمة ستكون حاسمة في تحديد مسار العلاقات الدولية ومستقبل النظام العالمي الجديد الذي يسعى ترامب إلى تشكيله وفق رؤيته الخاصة.
Short Url
تقرير الأمم المتحدة: 867 مليار دولار تدفقات استثمارية للبلدان النامية في 2023
13 مارس 2025 02:09 م
مركز المعلومات: مشروعات النقل الأخضر تشكل 50% من الاستثمارات العامة الخضراء في مصر
13 مارس 2025 01:46 م
%10 تراجع في الاستثمار الأجنبي المباشر عالميًا في 2023
13 مارس 2025 12:24 م


أكثر الكلمات انتشاراً