الخميس، 13 مارس 2025

02:23 م

التصنيع المحلي في خطر، كيف نغلق باب الاستيراد المفتوح؟

الخميس، 13 مارس 2025 11:00 ص

قطاع الصناعة

قطاع الصناعة

تحليل/ ميرنا البكري

يُعتبر التصنيع المحلي، أحد الركائز الهامة لنمو الاقتصاد الوطني، حيث يوفر فرص عمل، ويساهم في تقليل الاعتماد على الاستيراد، وتعزيز القيمة المضافة للمنتجات المحلية، في المقابل، يلعب الاستيراد دورًا أساسيًا في سد احتياجات السوق المحلي من السلع غير المتوفرة، أو التي لا يتم إنتاجها بكميات كافية.

ومع ذلك، هناك فجوة بين التصنيع المحلي والاستيراد في أغلب البلاد، ما يؤدي إلى مشكلات اقتصادية مثل العجز في الميزان التجاري، والضغط المتزايد على العملة الأجنبية.

 

أسباب الاعتماد على الاستيراد رغم وجود تصنيع محلي

التكلفة والجودة:- عادةً تكون المنتجات المستوردة أرخص؛ نظرًا لانخفاض تكلفة الإنتاج في الدول الصناعية الكبرى مثل الصين والهند.

كما يفضل بعض المستهلكين، المنتجات المستوردة بسبب جودتها العالية أو تنوع البدائل، ومن الضروري زيادة جودة المنتجات المحلية، لسد احتياجات المستهلكين وزيادة الصادرات.

نقص المواد الخام والتكنولوجيا:- ويتم تصنيع بعض المنتجات على خامات غير متوفرة محليًا، ما يضطر المصانع للاستيراد هذه المواد، وضعف البحث والتطوير، يؤدي إلى تخلف بعض الصناعات المحلية عن مثيلتها  في الدول المتقدمة.

ضعف القدرة التنافسية للصناعة المحلية:- فعدم وجود حوافز قوية للمصنعين كالدعم الحكومي والإعفاءات الضريبية والجمركية، يقلل من قدرتهم على المنافسة، كما أن ارتفاع تكلفة الإنتاج، يرجع إلى مشكلات عديدة في الطاقة، النقل، أو الضرائب.

العوامل اللوجستية والتوزيع:- ومن الممكن أن يؤدي عدم كفاءة سلاسل التوريد، إلى ارتفاع تكلفة الإنتاج المحلي مقارنةً بالمستورد، ما يعزز من الاستيراد، حيث إن بعض المنتجات، تحتاج وقتًا طويلًا للوصول للأسواق بسبب عقبات النقل والتخزين.

 

أبرز العوائق التي تواجه الصناعة المحلية

مشاكل التمويل والاستثمار

وبحيث إن نقص التمويل للمشروعات الصناعية الناشئة، يحد من قدرة المشروعات على التوسع والتطوير، فبالإضافة إلى ذلك، هناك ارتفاع تكلفة القروض الصناعية، مقارنةً بأغلب الدول المنافسة.

 

التحديات البيروقراطية والإجراءات الحكومية

ويوجد إجراءات عديدة  للحصول على تراخيص التصنيع والاستيراد، ما يعطل عملية الإنتاج، وبعض القوانين التنظيمية، حيث قد تكون معقدة، لكنها تحد من مرونة إنشاء المصانع.

ضعف البنية التحتية وسلاسل التوريد

إن انقطاع التيار الكهربائي، وضعف شبكات النقل، وعدم توفر مناطق صناعية مجهزة، تعوق نمو الصناعة المحلية في كثير من الدول النامية، كما أن مشكلات إدارة المخزون والشحن، يؤثران على تسعير المنتجات المحلية.

غياب العمالة المدربة والمهنية

ويرجع غياب العمالة، إلى عدم توفر برامج تدريب كافية، لتأهيل العمالة الصناعية، على استخدام التكنولوجيا في مراحل الإنتاج، ما يدفع  الكفاءات الفنية للهجرة إلى الخارج، بحثًا عن رواتب أفضل.

 

تأثير الفجوة بين التصنيع المحلي والاستيراد

التأثير على الاقتصاد الوطني

ارتفاع الواردات، يؤدي إلى تفاقم العجز في الميزان التجاري، بسبب ارتفاع فاتورة الاستيراد مقارنة بالصادرات، كما إن زيادة الضغط على العملة الأجنبية، يدفع قيمة العملة المحلية إلى التراجع.

التأثير على المستهلكين النهائيين

وسترتفع الأسعار، نتيجة تقلبات سعر الصرف واعتماد السوق على المنتجات المستوردة، ما يؤثر على المستهلكين، كما إن قلة تنوع المنتجات المحلية وضعف جودتها، يؤدي إلى تفضيل المستورد.

التأثير على المصانع المحلية

وتواجه المصانع المحلية، منافسة شرسة مع المنتجات المستوردة، خصوصًا المنتجات منخفضة السعر، كما يواجه صعوبة في التوسع والتصدير، بسبب ضعف القدرة التنافسية.

 

بعض نماذج من صناعات متأثرة بهذه الفجوة في مصر

الصناعات الغذائية

وعلى الرغم من وجود مصانع محلية، فإنه يتم استيراد العديد من المنتجات الغذائية مثل الألبان المجففة، واللحوم، وبعض الحبوب، نظرًا لارتفاع تكلفة إنتاجها محليًا.

الغزل والنسيج

وتواجه الصناعة، تحديات كبيرة نتيجة استيراد الملابس الجاهزة من دول مثل الصين وتركيا بأسعار تنافسية، وفي الفترة الأخيرة، تراجعت المساحات المزروعة بالقطن، الأمر الذي أدى إلى الاعتماد على استيراد الأقطان والخيوط.

الصناعات الإلكترونية والتكنولوجية

إن ضعف التصنيع المحلي في قطاع الإلكترونيات، يضطر السوق للاعتماد على المنتجات المستوردة من الصين وكوريا الجنوبية، كما إن نقص الاستثمار في البحث والتطوير، يعيق نمو هذا القطاع محليًا.

 

بعض التوصيات لتقليل الفجوة بين الاستيراد والتصنيع المحلي 

ينبغي تقديم دعم حكومي مباشر مثل تخفيض الضرائب، وتطبيق بعض الإعفاءات الجمركية على مدخلات الإنتاج، وتقديم قروضٍ ميسرةٍ للصناعات الاستراتيجية؛ لتعزيز التصنيع المحلي، وكذلك توفير الدعم اللازم لبرامج البحث والتطوير في الجامعات والمؤسسات الصناعية، وتنفيذ معايير الجودة العالمية، يضمنان تحسين المنتجات المحلية وزيادة تنافسيتها في الأسواق المحلية والعالمية.

إنشاء مناطق صناعية متخصصة ومجهزة بالبنية التحتية المناسبة، وتحسين منظومة النقل والشحن الداخلي لتقليل التكاليف، يحسن كذلك من سلاسل التوريد، وأيضًا نشر حملات توعية حول أهمية شراء المنتجات المحلية، بهدف دعم الاقتصاد، ومن الممكن كذلك فرض رسوم جمركية على بعض المنتجات المستوردة، من أجل حماية الصناعة المحلية.

ختامًا، من الضروري تحقيق التوازن بين التصنيع المحلي والاستيراد، لضمان استدامة الاقتصاد المصري، وتعزيز التصنيع المحلي، كما يجب أن تركز السياسات الحكومية، على تعزيز التصنيع المحلي من خلال الدعم المالي، وتحسين البنية التحتية، وتحفيز الابتكار، ونشر حملات التوعية بأهمية دعم المنتج المحلي، إذا تمكنت مصر من تقليل الفجوة بين التصنيع المحلي والاستيراد، ستصبح دولة رائدة في التصنيع،  وتحقق نموًا اقتصاديًا مستدامًا.

Short Url

search