الإثنين، 10 مارس 2025

09:31 م

20% من البنوك المركزية العالمية تستعد لإطلاق عملات رقمية لتعزيز الاقتصاد

الأحد، 09 مارس 2025 01:18 م

العملات المشفرة

العملات المشفرة

كتب/كريم قنديل

شهدت العملات الافتراضية اهتمامًا متزايدًا خلال السنوات الماضية، لا سيما مع التقلبات الكبيرة التي شهدتها عملة البيتكوين، والتي وصلت قيمتها إلى 20 ألف دولار في 2017 قبل أن تنخفض إلى 3600 دولار في 2020، ثم ترتفع مجددًا إلى 34 ألف دولار في 2021، قبل أن تصل في 2025 إلى مستوى قياسي مسجلًا 86,099 دولار.

العملات الافتراضية

هذا التذبذب الكبير يعكس إحدى أبرز سمات العملات المشفرة، مما يطرح تساؤلات حول مدى إمكانية انتشارها الواسع. وفي هذا الإطار، ظهرت العملات المستقرة المدعومة بأصول ثابتة، مثل الذهب أو العملات النقدية، والتي يراها البعض خطوة نحو مستقبل أكثر استقرارًا لهذا المجال.

الفرص المتاحة أمام العملات الافتراضية

تعزيز التجارة الإلكترونية والتحول نحو الاقتصاد الرقمي

أدت جائحة كورونا إلى تسريع الاعتماد على التجارة الإلكترونية وطرق الدفع غير النقدية، مما أتاح فرصة كبيرة لنمو العملات الرقمية، أصبح الاتجاه العالمي نحو التخلي عن النقود المادية وتطوير عملات افتراضية أكثر وضوحًا، حيث بدأت البنوك المركزية حول العالم في دراسة إمكانية إصدار عملاتها الرقمية الخاصة، والتي تُعرف باسم "العملات الرقمية للبنك المركزي" (CBDCs).

العملات الرقمية للبنوك المركزية: الحلول والمزايا

تعرف العملة الرقمية للبنك المركزي بأنها نوع جديد من النقود الرقمية الصادرة عن البنوك المركزية، وتختلف عن العملات المشفرة اللامركزية بأنها مركزية ومنظمة، من شأن هذه العملات حل مشكلات رئيسية مثل التقلبات السعرية العالية للعملات المشفرة التقليدية، وخفض تكلفة المعاملات المالية من خلال تقليل الحاجة إلى وسطاء مثل Visa وMasterCard، مما يؤدي إلى تقليل العمولات المرتفعة التي تتراوح بين 1% و5% من قيمة العمليات الشرائية.

العملات الرقمية

تعزيز النمو الاقتصادي

يمكن أن تساهم العملات الرقمية للبنوك المركزية في تسريع عمليات الدفع وزيادة حجم المعاملات المالية، مما يؤدي إلى رفع الناتج المحلي الإجمالي، خاصة بعد التأثيرات الاقتصادية السلبية الناتجة عن جائحة كورونا. وتشير التقارير إلى أن 20% من 66 بنكًا مركزيًا عالميًا يخططون لإطلاق عملة رقمية خلال السنوات الست القادمة.

أبرز العملات الرقمية المرتقبة

اليورو الرقمي

يدرس البنك المركزي الأوروبي إصدار "اليورو الرقمي" ليكون مكملًا للنقد التقليدي وليس بديلًا عنه، ومن المتوقع اتخاذ قرار بشأنه في منتصف 2021، مع الإشارة إلى أن تنفيذه قد يستغرق ما بين سنتين وست سنوات.

اليوان الرقمي الصيني

تعد الصين من الدول الرائدة في مجال العملات الرقمية، حيث بدأ بنك الشعب الصيني اختبار "اليوان الرقمي" منذ عام 2020. تهدف الصين إلى تعزيز سيطرتها على الاقتصاد الرقمي وتقليل اعتمادها على الدولار الأمريكي، وقد أجرت اختبارات واسعة النطاق لاستخدام هذه العملة في عدة مقاطعات.

حقَّقت الصين تقدمًا في مجال العملات الرقمية للبنك المركزي، ومنذ أوائل عام 2020، صعّدت تدريجيًّا من اختبار «اليوان الرقمي» الذي يتم إصداره والتحكم فيه من قِبل بنك الشعب الصيني، ويهدف إلى منح السلطات الصينية مزيدًا من السيطرة على الاقتصاد الرقمي السريع، وتختبر بكين اليوان الرقمي في عدد من المقاطعات، وتمت أكبر عملية اختبار في هذا الشأن في أكتوبر 2020، عندما أجرت حكومة مقاطعة شنتشن يانصيبًا لمنح 10 ملايين يوان (حوالي 1,5 مليون دولار) من العملة الرقمية، وأتاحت للفائزين إمكانية إنفاقها لدى أكثر من 3000 تاجر في المقاطعة. 

العملة الرقمية

وكان العمل قد بدأ على اليوان الرقمي في عام 2014، لكن التفاصيل بدأت في الظهور بعد أن كشفت شركة Facebook النقاب عن مشروع العملة الرقمية Libra في يونيو 2019، وتسرع الصين من إجراء تجارب عملتها الرقمية في عدد من مقاطعات البلاد، بهدف استباق الألعاب الأوليمبية الشتوية المقرر عقدها في بكين في فبراير 2022، بحيث يمكن استغلال هذه الألعاب للترويج لليوان الرقمي إذا نجحت التجارب الأولية، ومن شأن اتساع نطاق استخدام الدفع الإلكتروني في الصين أن يسهل عملية الانتقال نحو استخدام اليوان الرقمي في أوساط المستهلكين.

الروبل المشفر

تسعى روسيا لتطوير "الروبل المشفر" كوسيلة لمواجهة العقوبات الغربية، ومن المتوقع أن تبدأ التجارب عليه منذ 2021.

عملة ديم (Libra سابقًا)

تسعى شركة Facebook إلى إطلاق عملتها الرقمية "ديم"، إلا أن المشروع يواجه اعتراضات كبيرة من الجهات التنظيمية، خاصة في أوروبا، بسبب المخاوف المتعلقة بالشفافية والأمن المالي، على النحو الذي قد يؤدي إلى استغلاها في غسيل الأموال، أو العمليات الإرهابية.

فضلًا عن تهديد خصوصية بيانات المستخدمين ، ورغم إدخال تعديلات على هذه العملة، فإنها ما زالت تواجه انتقادات؛ فقد صرّح وزير المالية الألماني بأن «العملة المشفرة لـ Facebook المُعاد تسميتها هي «ذئب في ثياب حمل» ولا تغير المخاطر الكامنة التي تأتي معها»، موضحًا أن «ألمانيا وأوروبا لا تستطيعان ولن تقبلا دخولها السوق طالما لم تتم معالجة المخاطر التنظيمية بالشكل المناسب». 

البيتكوين

مشروع عابر

على الصعيد العربي، تعمل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة على مشروع "عابر"، وهو عملة رقمية مشتركة بين البلدين تهدف إلى تسهيل عمليات التسوية المالية محليًا وعبر الحدود.

التحديات التي تواجه العملات الافتراضية

تقلبات الأسعار

رغم الفرص المتاحة، فإن العملات الافتراضية لا تزال تعاني من تقلبات حادة في الأسعار، مما يقلل من جاذبيتها كوسيلة للدفع والاستثمار، فقد شهدت البيتكوين انخفاضًا حادًا في مارس 2020، ثم ارتفعت بشكل كبير بنهاية العام نفسه، مما جعلها بيئة غير مستقرة لصغار المستثمرين.

القبول العام وصعوبة الانتشار

يعتمد انتشار العملات الرقمية على قبول المستخدمين لها، وهو ما لا يزال يشكل تحديًا كبيرًا، لا سيما في ظل تعقيد استخدامها مقارنة بالنقود التقليدية. بالإضافة إلى ذلك، لا يزال حوالي 40% من سكان العالم غير متصلين بالإنترنت، مما يقلل من فرص تبني هذه العملات على نطاق واسع.

عمليات الاحتيال

تزايد عمليات الاحتيال والقرصنة

يشهد قطاع العملات الرقمية تزايدًا في عمليات الاحتيال والاختراقات الأمنية، تشير تقارير إلى أن 56% من خدمات العملات الرقمية لديها ضوابط ضعيفة يسهل اختراقها، كما ارتفعت عمليات القرصنة على منصات التمويل اللامركزي (DeFi) في 2020 بنسبة 21% من إجمالي السرقات الرقمية.

تواجه العملات الافتراضية مستقبلًا معقدًا يجمع بين الفرص والتحديات، ففي الوقت الذي تتزايد فيه الجهود العالمية لإصدار عملات رقمية مركزية، لا تزال المخاوف المتعلقة بالأمان، والتقلبات السعرية، وصعوبة القبول العام تشكل عقبات رئيسية أمام انتشارها، مع ذلك، قد يشهد المستقبل القريب تحولات كبيرة في هذا المجال، خاصة مع استمرار البنوك المركزية في تطوير أنظمتها الرقمية، الأمر الذي قد يحدد شكل النظام المالي العالمي الجديد.

Short Url

search