«السياحة المستدامة»، اكتشاف العالم وحمايته في نفس الوقت
السبت، 08 مارس 2025 01:39 م

السياحة المستدامة
ميرنا البكري
تجلى مفهوم السياحة المستدامة في أواخر القرن العشرين، مع تزايد الوعي بالآثار الاجتماعية والاقتصادية التي تنتج من السياحة التقليدية، والسياحة المستدامة هي تطبيق عدة ممارسات وأساليب تهدف إلى الحد من الأثر السلبي لصناعة السياحة على البيئة، وأيضًا هي عبارة عن محاولة للاعتراف بتأثيرات السياحة الإيجابية والسلبية، مع تسليط الضوء على آثارها السلبية للحد منها، وتعظيم الآثار الإيجابية.

تلعب السياحة المستدامة دورًا رئيسيًا في تحقيق أهداف التنمية المستدامة من خلال دعم الأبعاد البيئية والاجتماعية والاقتصادية. فهي تقوم بتحقيق توازن بين احتياجات المجتمعات المحلية والسياح في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.
ويتم ذلك من خلال تطبيق الأساليب والممارسات التي تساهم في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، وتعزز الفوائد الاقتصادية والاجتماعية للمجتمعات المحلية، بينما تحد من التأثيرات السلبية للأنشطة السياحية، كما توفر تجارب سياحية ممتعة ومفيدة للزوار.
تطور مفهوم السياحة المستدامة
في ثمانينيات القرن الماضي، أخذ مفهوم السياحة المستدامة يتبلور بشكل كبير، مدعومة بالاتجاه البيئي العالمي وزيادة الاهتمام بالتنمية المستدامة.
في عام 1992، تم عقد مؤتمر الأمم المتحدة للبيئة والتنمية (قمة الأرض في ريو دي جانيرو)، وهذا المؤتمر عزز مفهوم التنمية المستدامة، والذي يتضمن السياحة كونها جزءًا من القطاعات التي تحتاج إلى تبني الاستدامة، وتم إصدار العديد من الوثائق والتقارير المهمة التي تشير إلى ضرورة تبني ممارسات سياحية مستدامة، مثل تقرير “أجندة 21” الذي صدر عن قمة الأرض.
في بداية عام 2002، أعلنت الأمم المتحدة أن هذه السنة (السنة الدولية للسياحة المستدامة من أجل التنمية)، مما ساهم في زيادة الوعي وتكثيف الجهود نحو تطوير السياحة المستدامة عالميًا.
بعض الأساليب الرئيسية لضمان استدامة قطاع السياحة وحمايته للمستقبل
السفر في مجموعات صغيرة
عند الحديث عن السفر، حجم المجموعة له تأثير كبير، والأصغر دائمًا يكون الأفضل، حيث إن جولات المجموعات الصغيرة تترك أثرًا بيئيًا أقل مقارنة بالمجموعات الكبيرة، كما يمكن اكتشاف الأماكن الأقل شهرة، والإقامة في فنادق أصغر، وزيارة الأعمال التجارية والمطاعم الصغيرة.
احترام السكان المحليين وعاداتهم
بغض النظر عن وجهة السفر، من المهم جدًا أن تلتزم بعادات وتقاليد المكان، على سبيل المثال في جولات شركة السياحة "بونيك"، سيتأكد مرشدو الرحلات من أنك ستكون على دراية تامة بكل ما تحتاج إلى معرفته وسيرشدونك خلال كافة التفاصيل المهمة.
دعم المشاريع المحلية
دعم المشاريع المحلية هو مبدأ ضروري في السياحة المستدامة. عندما تقوم بإنفاق الأموال في عمل تجاري صغير، سواء كان مطعمًا أو فندقًا أو متجرًا محليًا، فأنت تساهم في خلق فرص عمل، وتساعدهم على توفير دخل لهم وتسديد فواتيرهم.
تقليل النفايات
من الممكن أن تكون صناعة السياحة لها تأثير سلبي كبير على البيئة، خصوصًا فيما يتعلق بالاستهلاك المفرط والنفايات. ففي جولات شركة “بونيك”، يلتزم الجميع بالحفاظ على الأماكن التي يزورونها. وأيضًا يتم التأكد من أن المجموعة لا تقوم بإلقاء القمامة، من أجل تقليل النفايات.
وفي عام 2019، بدأت الشركة في استخدام الزجاجات القابلة لإعادة الاستخدام في جولات السفر بهدف أن يتم استخدامها بنسبة 80% من المجموعات الصغيرة بنهاية عام 2025.
وينبغي على الشركات أن تتبع هذه المبادىء لتعزيز مفهوم السياحة المستدامة، والعمل على نشر التوعية بن المواطنين والسياح بأهمية الحفاظ على وجهة السفر، من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
تجربة المملكة العربية السعودية في تطبيق مبادىء السياحة المستدامة
مشروع البحر الأحمر: يُعتبر المشروع واحدًا من أكبر وأهم المشروعات السياحية المستدامة في العالم، ويغطي مساحة تتجاوز 28,000 كيلومتر مربع على الساحل الغربي للمملكة، ويتمثل هدفه الأساسي في تطوير منتجعات فاخرة على جزر غير مأهولة، مع بذل الجهد للحفاظ على البيئة البحرية والحياة البرية، ويتم استخدام الطاقة من مصادر متجدد، لتقليل الحد الأدنى من الأثر البيئي، مع الالتزام بإعادة تدوير النفايات.
مشروع "نيوم NEOM": يُعد مشروع "نيوم NEOM" من أهم المدن المستقبلية التي تعتمد على التكنولوجيا والابتكار، ويتمحور هدفه حول خلق استدامة بيئية عبر استخدام مصادر الطاقة المتجددة وتطبيق أفضل الممارسات البيئية، كما ستتضمن المنطقة مناطق سياحية تهدف إلى الحفاظ على البيئة والحد من التأثير البيئي، مع تسليط الضوء على السياحة البيئية والثقافية.
محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية: توجد المحمية في منطقة تبوك، وتقع على مساحة كبيرة تحتوي على تنوع بيولوجي متميز، وتهدف المحمية إلى دعم السياحة البيئية من خلال توفير أنشطة، كـ رحلات السفاري، والمشي في الطبيعة، مع الحفاظ على الحياة البرية.
تشير هذه المشاريع إلى جهود المملكة في تعزيز مفهوم التنمية المستدامة، والسياحة المستدامة، ومن المتوقع أن تستمر الممكلة في هذه الجهود.
توصيات لتعزيز السياحة المستدامة في مصر
- يمكن لمصر أن تستثمر في محميات طبيعية ومناطق سياحية غير مستكشفة، مثل الصحراء البيضاء، والواحات، وجنوب سيناء، والبحر الأحمر. تشجيع الأنشطة السياحية البيئية مثل رحلات السفاري، والمشي في الطبيعة، والغوص في المناطق المحمية، يعزز من الوعي البيئي ويحافظ على البيئة الطبيعية.
- تطوير مشاريع سياحية تستهدف الحفاظ على الأنظمة البيئية الفريدة، مثل الحماية البحرية في البحر الأحمر وتعزيز المحميات الطبيعية.
- يمكن لمصر تبني فكرة استخدام الطاقة المتجددة في المشاريع السياحية الكبرى، مثل منتجعات البحر الأحمر. استخدام الطاقة الشمسية وطاقة الرياح يمكن أن يسهم في تقليل الأثر البيئي ويجذب السياح الذين يفضلون الوجهات المستدامة.
- يمكن لمصر الاستفادة من مشاريع مثل "نيوم" السعودية عبر إنشاء مدن سياحية ذكية تعتمد على التكنولوجيا لتوفير بيئة نظيفة وآمنة للسياح، مع التركيز على الابتكار في تصميم المناطق السياحية التي تدمج الاستدامة في جميع جوانبها، من استخدام الطاقة النظيفة إلى الحفاظ على البيئة المحلية.
- تشجيع السياح على دعم المشاريع المحلية الصغيرة مثل المطاعم والفنادق والأسواق المحلية من خلال توفير حوافز سياحية، مثل خصومات أو مزايا إضافية عند الدفع للأعمال التجارية المحلية.
- ضرورة زيادة الوعي العام بالسياحة المستدامة بين المصريين والسياح على حد سواء. يمكن تحقيق ذلك من خلال حملات إعلامية وتعليمية تهدف إلى نشر ثقافة الاستدامة وأهمية حماية الموارد الطبيعية.
Short Url
«%57 زيادة بالإيرادات» شركة سمو تقود قاطرة نمو المشاريع العقارية 2024
09 مارس 2025 02:49 م
المنتجات الكيماوية تتصدر قائمة صادرات المملكة غير البترولية بنسبة 25.9%
09 مارس 2025 02:17 م
7 شركات سياحية رائدة تعزز الوعي البيئي وتدعم المجتمعات المحلية
09 مارس 2025 11:03 ص


أكثر الكلمات انتشاراً