الإثنين، 10 مارس 2025

04:20 ص

هل انتهى صعود السوق، تراجع مفاجئ في الطلب العقاري بمصر بعد تعويم الجنيه

الجمعة، 07 مارس 2025 01:00 م

السوق العقاري

السوق العقاري

تحليل/كريم قنديل

يعتبر مؤشر الطلب العقاري الذي تصدره منصة عقارماب منذ عام 2012 أحد أكثر الأدوات التحليلية موثوقية في السوق العقاري المصري، حيث أصبح مرجعًا رئيسيًا يُعتمد عليه من قبل المستثمرين، شركات التطوير العقاري، المحللين الاقتصاديين، الهيئات الحكومية، والمنظمات الدولية، وقد استُشهد به في العديد من التقارير الدولية المرموقة مثل بلومبرج، رويترز، أكسفورد جروب، البنك العربي الأفريقي، الغرفة التجارية الأمريكية، والأمم المتحدة للإسكان، مما يعكس أهميته الكبيرة في تقييم الاتجاهات العامة للسوق العقارية المصرية.

عقارماب

لطالما لعب هذا المؤشر دورًا أساسيًا في تحليل ديناميكيات الطلب، وقياس ردود أفعال السوق تجاه الأحداث الاقتصادية والسياسية الكبرى، فمن خلال تتبع البيانات على مدار أكثر من عقد، تمكن المؤشر من توثيق التأثيرات التي طرأت على السوق العقارية في مصر خلال الفترات الحرجة، مثل الاضطرابات السياسية في 2013، تعويم الجنيه في 2016، أزمة جائحة كورونا في 2020، تقلبات السوق العالمية في 2022، وتعويم الجنيه مجددًا في 2024.

نظرة على أداء الطلب العقاري في 2023 - 2024

على مدار الاثني عشر شهرًا الماضية، شهد السوق العقاري في مصر اتجاهًا تصاعديًا في الطلب، مدعومًا بعدة عوامل، أبرزها تدهور قيمة الجنيه المصري أمام الدولار الأمريكي، مما دفع المستثمرين والأفراد إلى البحث عن العقارات كملاذ آمن للحفاظ على قيمة أموالهم، وقد أدى هذا الاتجاه إلى تسارع نمو الطلب في النصف الثاني من عام 2023، وتحديدًا خلال الربعين الثالث والرابع.

ومع ذلك، بدأ الطلب في التراجع خلال الربع الأول من 2024، حيث سجل المؤشر انخفاضًا ملحوظًا بنسبة 8% في شهر مارس مقارنة بفبراير، ويرجع هذا التراجع إلى عدة أسباب رئيسية، من بينها:

  1. تعويم الجنيه المصري من قبل البنك المركزي، مما أدى إلى تقليل الفجوة بين السعر الرسمي وسعر السوق السوداء، وبالتالي تراجع الحوافز التي كانت تدفع المستثمرين نحو العقارات كوسيلة للتحوط من تراجع العملة.
  2. تأثير شهر رمضان، حيث يشهد السوق العقاري عادةً انخفاضًا في الطلب خلال الشهر الكريم، نتيجة لانشغال المستهلكين بانفاقهم الاستهلاكي على القطاعات الأخرى مثل الأغذية والسلع الأساسية.
  3. حالة الترقب لدى المستثمرين، حيث فضل العديد منهم انتظار استقرار سعر الصرف قبل اتخاذ قرارات استثمارية كبيرة في القطاع العقاري.
الطلب العقاري

آلية احتساب مؤشر الطلب العقاري 

يتميز مؤشر الطلب العقاري بمنهجية تحليل متطورة تعتمد على خوارزمية متخصصة تجمع بين عدة مصادر بيانات، مما يمنحه دقة وعمقًا في تحليل الطلب العقاري، تشمل هذه المصادر:

  • بيانات منصة عقارماب، التي تستقبل أكثر من 2 مليون مستخدم شهريًا يبحثون عن العقارات، سواء للشراء أو الاستثمار.
  • محركات البحث الإلكترونية، التي تتيح تحليل الاتجاهات العامة في بحث المستهلكين عن العقارات.
  • المؤشرات الاقتصادية الكلية، مثل التضخم، سعر الفائدة، ومستوى الدخل القومي، والتي تؤثر على قرارات الشراء لدى الأفراد والمستثمرين.
  • البيانات المالية ومؤشرات الأداء الخاصة بالمطورين العقاريين المدرجين في البورصة، مما يساعد في قياس نشاط السوق من جانب العرض.

ورغم أن المؤشر لا يقيس تغيرات أسعار العقارات مباشرة، إلا أنه يوفر صورة دقيقة عن سلوك المستهلكين واتجاهات الطلب، وهو ما يجعله أداة رئيسية للمستثمرين والمطورين في اتخاذ قراراتهم المستقبلية.

التسويق العقاري

كيف يعكس المؤشر تحولات السوق في مصر؟

نجح مؤشر الطلب العقاري في أن يكون مرآة دقيقة لحالة السوق العقارية خلال الفترات الاقتصادية المختلفة، فقد وثّق بدقة تأثير عدة أحداث كبرى، أبرزها:

  1. التغيرات السياسية في 2013، التي أدت إلى حالة من الترقب في السوق العقاري، وانخفاض الطلب في بعض الفترات.
  2. الإصلاحات الاقتصادية في 2016، خاصة تعويم الجنيه المصري، مما أدى إلى ارتفاع الطلب بشكل كبير على العقارات كوسيلة لحفظ قيمة الأموال.
  3. أزمة كورونا في 2020، التي أثرت على الطلب بشكل مؤقت، قبل أن يتعافى السوق سريعًا في النصف الثاني من العام.
  4. التذبذبات الاقتصادية العالمية في 2022، والتي أدت إلى زيادة الطلب على العقارات بسبب المخاوف من ارتفاع التضخم.
  5. تطورات 2024، بعد تعويم الجنيه مجددًا، وما تبعه من تأثير على الطلب، حيث أظهر المؤشر استجابة سريعة لهذه التغيرات.
الطلب على العقارات

ما الذي يحمله المستقبل للطلب العقاري في مصر؟

مع استمرار التغيرات الاقتصادية الحالية، من المتوقع أن يظل الطلب العقاري متذبذبًا على المدى القريب، حيث يعتمد بشكل كبير على عدة عوامل، من بينها:

  • استقرار سعر الصرف، حيث يترقب المستثمرون ما إذا كان الجنيه المصري سيشهد مزيدًا من الانخفاض أو الاستقرار بعد قرارات التعويم الأخيرة.
  • أسعار الفائدة، التي تلعب دورًا رئيسيًا في تحديد قدرة المستهلكين على تمويل شراء العقارات عبر القروض البنكية.
  • التطورات في سوق العقارات الفاخرة مقابل الإسكان المتوسط، حيث قد تشهد بعض القطاعات طلبًا أعلى من غيرها.
  • المشروعات الحكومية الجديدة، مثل العاصمة الإدارية الجديدة ومدن الجيل الرابع، التي قد تسهم في إعادة توزيع الطلب على مناطق جديدة.

لماذا يظل مؤشر الطلب العقاري أداة لا غنى عنها؟

مع استمرار التحولات الاقتصادية، يبقى مؤشر الطلب العقاري واحدًا من أهم الأدوات التي يعتمد عليها المستثمرون والمطورون لفهم اتجاهات السوق العقارية في مصر، فهو ليس مجرد مقياس لحجم الطلب، بل هو أيضًا أداة استشرافية تُمكن الشركات والمحللين من رصد تغيرات السوق والتفاعل معها بفعالية.

في ظل الأوضاع الاقتصادية المتقلبة، من المرجح أن يظل الطلب على العقارات قويًا على المدى البعيد، حيث ستظل العقارات أحد أكثر الأصول أمانًا للمستهلكين والمستثمرين في مصر، خاصة مع استمرار معدلات التضخم وغياب بدائل استثمارية أكثر استقرارًا.

Short Url

showcase
showcase
search