البنك الدولي يحذر: نقص المياه بنسبة 40% بحلول 2030 يهدد الأمن المائي والتنمية المستدامة
الخميس، 06 مارس 2025 09:00 م

المياه العالمية
تحليل/كريم قنديل
تُعَدّ أزمة المياه من أكبر التحديات التي تواجه العالم في القرن الحادي والعشرين، حيث تزايدت الضغوط على الموارد المائية بسبب التغيرات المناخية والنمو السكاني والأنشطة الصناعية والزراعية.
وفقًا للبنك الدولي، من المتوقع أن يواجه العالم نقصًا بنسبة 40% بين الطلب المتوقع على المياه والإمدادات المتاحة بحلول عام 2030، في ظل هذه التحديات، تتزايد الحاجة إلى تحسين إدارة الموارد المائية لضمان الأمن المائي وتحقيق التنمية المستدامة.

المخاطر الاقتصادية المرتبطة بأزمة المياه
يعتمد قطاع الزراعة، الذي يستهلك حوالي 72% من المياه العذبة عالميًا، بشكل كبير على توفر المياه، يؤدي شح الموارد المائية إلى انخفاض الإنتاج الزراعي، مما يرفع أسعار المواد الغذائية ويؤثر على الأمن الغذائي، كما أن نقص المياه العذبة يعيق ري المحاصيل ويهدد سلاسل الإمداد الغذائي، خاصة في البلدان التي تعتمد على الزراعة كمصدر رئيسي للناتج المحلي الإجمالي.
التكاليف الاقتصادية لسوء إدارة الموارد المائية
سوء إدارة المياه يُفاقم المشكلة من خلال الهدر وسوء التخطيط، وتشير التقديرات إلى أن 2.2 مليار شخص حول العالم لا يحصلون على مياه الشرب المُدارة بشكل آمن، مما يؤدي إلى ارتفاع تكاليف الرعاية الصحية وتراجع الإنتاجية الاقتصادية نتيجة للأمراض المرتبطة بالمياه الملوثة.

تداعيات التغير المناخي على الاقتصاد المائي
نُعَد الظواهر الجوية الشديدة، وتغيرات نمط دورة المياه، من العوامل التي تجعل من الوصول إلى مياه الشرب الآمنة أمرًا صعبًا، كما يزيد التغير المناخي من الضغوط المائية، بالمناطق ذات الموارد المائية المحدودة للغاية، مما يؤدي إلى زيادة المنافسة على المياه، وقد يصل إلى نشوب نزاعات.
تمثل كوارث المياه %90 من إجمالي الكوارث "الطبيعية" على مستوى العالم، وتؤثر بشكل خاص على السكان المهمشين، بحلول عام 2050، سيفتقر أكثر من 5 مليارات شخص إلى ما يكفي من المياه لمدة شهر واحد على الأقل سنويًا، ووفقًا لتقديرات اليونيسيف، سيعيش حوالي 1 من كل 4 أطفال على مستوى العالم في مناطق ذات ضغوط مائية شديدة بحلول عام 2040.
زيادة الطلب على المياه في القطاع الصناعي
مع النمو الصناعي المتزايد، يزداد الطلب على المياه بشكل كبير، على سبيل المثال، تستهلك صناعة النسيج كميات هائلة من المياه، حيث يحتاج إنتاج قميص قطني واحد إلى حوالي 2700 لتر من المياه، هذا الاستهلاك المفرط يزيد من الضغط على الموارد المائية ويؤدي إلى منافسة بين القطاعات المختلفة.

أنماط النمو الأكثر استهلاكًا للمياه
في ظل التنافس العالمي في مجال التصنيع وامتلاك مصادر الطاقة، أصبح العالم يشهد أنماط نمو أكثر استهلاكًا للمياه، إذ نجد أن تزايد عدد سكان العالم وما يترتب عليه من ارتفاع الطلب على الغذاء سوف يفرض ضغوطا كبيرة على عمليات سحب المياه العذبة، خاصة في ظل استخدام قطاع الزراعة حوالي 72% في المتوسط من المياه العذبة حول العالم خلال عام 2023، وفقًا لمنظمة الفاو.
وفي الوقت نفسه، يستهلك التنوع الصناعي كميات ضخمة من المياه. وهنا تجدر الإشارة إلى أن صناعة النسيج والأزياء من أكبر القطاعات استهلاكا للمياه في العالم، حيث يتطلب تصنيع قميص قطني واحد، على سبيل المثال وفقًا للتقديرات نحو 2700 لتر من المياه العذبة، وهو ما يكفي لتلبية احتياجات الشرب لشخص واحد لمدة عامين ونصف.
الوضع المالي للإجهاد المائي
تتعرض 25 دولة حاليًّا لإجهاد مائي مرتفع للغاية سنويًّا، وفقًا لبيانات معهد الموارد العالمية (WRI)، مما يعني أنها تستخدم أكثر من 80% من إمداداتها المائية المتجددة لأغراض الري وتربية الماشية والصناعة والاحتياجات المنزلية، وحتى الجفاف قصير الأمد يعرض هذه الأماكن لخطر نفاد المياه ويدفع الحكومات في بعض الأحيان إلى إغلاق الصنابير، مثل إنجلترا والهند وإيران والمكسيك وجنوب إفريقيا.
الأكثر تعرضًا للإجهاد المائي هي البحرين، وقبرص، والكويت، ولبنان، وعمان، وقطر، ويعزى الإجهاد المائي في هذه البلدان في الغالب إلى انخفاض إمدادات المياه العذبة مقارنة بحجم الاحتياجات منها.

سوء إدارة استخدام المياه
2.2 مليار شخص لا يزالون يعيشون اليوم دون إمكانية الحصول على مياه الشرب المُدارة بشكل آمن، ويفتقر 3.5 مليارات شخص إلى خدمات الصرف الصحي المُدارة بشكل آمن في عام 2022، وإذا استمر هذا الوضع سيؤدي إلى عدم توافرما يكفي من إمدادات المياه للوفاء بالطلب عليها بحلول عام 2030، مما يجعل تحقيق الهدف السادس من أهداف التنمية المستدامة، وهو إتاحة مياه الشرب المأمونة وخدمات الصرف الصحي للجميع أمرًا مستحيلاً.
تزايد عدد السكان
يرتبط ازدياد الطلب على المياه بزيادة أعداد السكان ونمو التصنيع والأنشطة البشرية الأخرى، مثل الزراعة المرويَّة، وتربية الثروة الحيوانية، وإنتاج الطاقة، مما يؤثر على سياسات استخدام المياه غير المستدامة وغير العادلة، ومن ثم يستمر التفاقم في الإجهاد المائي، خصوصًا في البلدان التي تشهد نموًا سكانيًّا واقتصاديًّا سريعًا.
تجتمع عوامل مثل الفجوات في إمكانية الحصول على إمدادات المياه وخدمات الصرف الصحي، وتزايد عدد السكان، وأنماط النمو الأكثر استهلاقًا للمياه، وزيادة معدلات التذبذب في هطول الأمطار، والتلوث في العديد من الأماكن، لتجعل المياه واحدة من أكبر المخاطر التي تهدد التقدم الاقتصادي والقضاء على الفقر وتحقيق التنمية المستدامة.
_1787_083537.jpg)
تشهد بعض المناطق انخفاضًا في معدلات نموها نتيجة للخسائر المرتبطة بالمياه في مجالات الزراعة، والصحة، وانخفاض مستويات الدخل، ومستويات الرخاء، ويُعد ضمان توفير إمدادات كافية وثابتة من المياه في ظل ندرة متزايدة، غاية في الأهمية لتحقيق الأهداف العالمية المتمثلة في تخفيف وطأة الفقر.
تعزيز الاستثمار في البنية التحتية المائية
يجب على الحكومات والشركات الاستثمار في تقنيات تحلية المياه ومعالجة المياه العادمة، بالإضافة إلى تطوير أنظمة ري أكثر كفاءة تقلل من الهدر وتزيد من الإنتاجية الزراعية، من إن العالم لا يسير على المسار الصحيح لتحقيق أهداف التنمية المستدامة المتعلقة بالمياه بحلول عام 2030.
فعلى الرغم من التقدم المحرز في تحقيق هذا الهدف، لا يزال 2.2 مليار شخص لا يحصلون على مياه الشرب الآمنة، و3.5 مليارات شخص لا يستطيعون لوصول إلى خدمات الصرف الصحي المدارة بأمان، و2.0 مليار شخص لا يستطيعون الوصول إلى خدمات النظافة الأساسية، وذلك خلال عام 2022.
تعزيز التعاون الدولي حول الموارد المائية المشتركة
تعتمد أكثر من 3 مليارات شخص حول العالم على مياه تعبر الحدود الوطنية، ومع ذلك فإن 24 دولة فقط لديها اتفاقيات تعاون شاملة. لذا، فإن تعزيز الشراكات الإقليمية واتفاقيات تقاسم المياه يعد أمرًا ضروريًا لتجنب النزاعات المائية وضمان إدارة فعالة للموارد.

تمثل أزمة المياه تحديًا اقتصاديًا واجتماعيًا وبيئيًا يتطلب استجابة عالمية متكاملة، إن تحسين إدارة الموارد المائية والاستثمار في البنية التحتية وتعزيز السياسات المستدامة يمكن أن يسهم في تخفيف آثار الأزمة وضمان الأمن المائي للأجيال القادمة. وبينما يتزايد الطلب على المياه، يصبح العمل الجماعي والتخطيط المستدام أمرًا ضروريًا لضمان مستقبل أكثر استدامة وعدالة للجميع.
Short Url
«نيوزيلندا تُحرج أمريكا» سفير يُشعل فتيل حرب اقتصادية عالمية باستقالته
06 مارس 2025 02:01 م
عمالقة التريليونات يقودون الاقتصاد العالمي في 2025
05 مارس 2025 05:34 م
هل تهدد الوظائف البشرية؟، مستقبل العمل في عصر الأتمتة بين الفرص والتحديات
04 مارس 2025 12:33 ص


أكثر الكلمات انتشاراً