«الكينوا والمورينجا»، كيف غيرت التكنولوجيا اقتصاد النباتات المجهولة

الإثنين، 03 مارس 2025 12:44 م

أراضي زراعية

ميرنا البكري

شهد قطاع الزراعة تطورات هائلة في السنوات الأخيرة، حيث أصبحت بعض النباتات التي كانت مهملة سابقًا الآن محط اهتمام كبير.

وبفضل التقدم التكنولوجي والاقتصادي، تحولت هذه النباتات إلى محاصيل استراتيجية للمزارعين والمستثمرين، بل وأيضًا للمستهلكين.

فبعض هذه النباتات كان يُزرع على نطاق محدود أو لم يكن يُعرف بقيمته الاقتصادية والصحية، حتى تم اكتشاف إمكانياتها الكبيرة، سواء من خلال زيادة الطلب العالمي عليها، أو لفوائدها الصحية المتعددة، أو لاستخداماتها في بعض الصناعات.

وفيما يلي بعض الأمثلة المثيرة على هذه التحولات الزراعية:

الكينوا "حبات الذهب" التي غزت العالم

من نبات مهمل إلى غذاء عالمي فائق القيمة

كانت تتم زراعة الكينوا بشكل أساسي في جبال الأنديز بأمريكا الجنوبية، ولم تكن معروفة على مستوى العالم، لكنها أصبحت من أكثر الحبوب طلبًا بعد أن تعدد إجراء الدراسات عليها، وتم إثبات أنها غنية بالبروتين وخالية من الجلوتين، مما جعلها بديلًا مناسبًا للحبوب التقليدية مثل القمح.

لماذا أصبحت منجم ذهب؟

بعد إثبات فعاليتها، تزايد الطلب عليها عالميًا، خاصةً في أوروبا وأمريكا كبديل صحي للقمح، ونتيجة لذلك ارتفع سعارها بسبب قلة المعروض وزيادة الطلب العالمي، وبعض الدول، مثل مصر، بدأت تهتم بزراعتها لتقليل استيراد الحبوب الأساسية، وتوفير بديل مثاليًا للقمح، وتعزيز الصادرات إلى الدول الأوروبية، حيث نجحت زراعة الكينوا في عدد من المواقع بالأراضي الجديدة بمحافظتى المنيا وبني سويف، وبلغت المساحة المنزرعة أكثر من 500 فدان في عام 2023.

التين الشوكي، من نبات صحراوي إلى صناعة بمليارات الدولارات

"فاكهة الفقراء" التي أصبحت استثمارًا عالميًا

كان التين الشوكي يُباع بأسعار منخفضة في الشوارع خلال فصل الصيف، ولكن في الفترة الأخيرة، تحول إلى استثمار ضخم، ليس فقط كفاكهة للاستهلاك، ولكن لاستخداماته العديدة في الصناعات التجميلية والدوائية.

كيف أصبح مربحًا؟

أصبح الطلب على زيت بذور التين الشوكي متزايدًا بشدة في صناعة مستحضرات التجميل، حيث يسجل سعر اللتر الواحد منه إلى أكثر من 1000 دولار، وتُعتبر تونس من أول بلاد العالم إنتاجًا لزيت بذور التين الشوكي بمواصفات عالية الجودة تعكس خصائصه الفعالة.

ويتم استخدام التين الشوكي في الأعلاف الحيوانية، وبالتالي يوفر بديلًا اقتصاديًا ملائمًا للأعلاف التقليدية، وأيضًا يتحمل الجفاف ويحتاج إلى كميات قليلة من المياه، مما يجعله مناسبًا للزراعة في المناطق الصحراوية.

المورينجا، "الشجرة المعجزة" التي غيّرت الموازين

من شجرة بسيطة إلى كنز صحي واقتصادي

كانت تُزرع المورينجا في بعض الدول الإفريقية والآسيوية دون اهتمام كبير، ولكن مع اكتشاف فوائدها الغذائية والعلاجية، فأصبحت من أكثر النباتات طلبًا عالميًا.

لماذا أصبحت استثمارًا مربحًا؟

يتم استخدام أوراقها في صناعة المكملات الغذائية بسبب قيمتها الغذائية العالية، الزيت الذي يُنتج منها غني بمضادات الأكسدة، ما يجعله عنصرًا أساسيًا في صناعة مستحضرات التجميل، كما أن زراعتها سهلة وتكاليفها منخفضة، مما يقدم فرصة استثمارية مربحة للمزارعين الصغار.

الأفوكادو، من فاكهة غير معروفة إلى “الذهب الأخضر”

فاكهة الأثرياء التي غيّرت قواعد السوق

الأفوكادو لم يكن منتشرًا في كثير من الدول، وخاصة في الشرق الأوسط، ولكنه أصبح من أغلى المحاصيل الزراعية مع زيادة الوعي بفوائده الصحية العديدة.

كيف أصبح مشروعًا مربحًا؟

ارتفاع الطلب عليه في الأسواق العالمية، خاصة في أوروبا وأمريكا، وبالتالي يجذب كبار المزارعين لزيادة إنتاجه، كما أن أسعاره أصبحت مرتفعة جدًا، خاصة مع قلة المعروض وزيادة الاستهلاك، وبعض الدول، مثل المغرب، استثمرت فيه بقوة، وأصبح أحد أهم صادراتها الزراعية.

كيف تحوّلت النباتات المهملة إلى كنز اقتصادي؟

1. التغير في الطلب العالمي: في العقود الأخيرة، زاد التوجه نحو الأكل الصحي، وبالتالي ارتفع الطلب على محاصيل لم تكن معروفة من قبل.

2. التطور التكنولوجي: التقنيات الزراعية الحديثة ساعدت في زراعة هذه المحاصيل بكميات كبيرة، مما جعلها استثمارًا مربحًا، وأصبحت مصدر جذب للعديد من المزارعين لتحقيق أرباح عالية.

3. التوجه نحو الاستدامة البيئية: نباتات مثل التين الشوكي والمورينجا لا تحتاج إلى كميات كبيرة من المياه، مما يجعلها ملائمة في ظل أزمات المياه العالمية، وتحقيق التوجه العالمي نحو الاستدامة.

ختامًا، لا يوجد محصول مهمل أو مهمش، بل هناك محصول لم يتم اكتشاف قيمته بعد، والأسواق في حالة تغير مستمر، والتوجهات الاستهلاكية تتطور، فالاهتمام بالنباتات المهمشة يفتح آفاقًا جديدًا للتنمية المستدامة وتحقيق الأمن الغذائي، وجني أرباح ضخمة.

Short Url

أخبار متعلقة