الإثنين، 24 فبراير 2025

09:46 م

الاضطرابات الجيوسياسية تؤثر على كفاءة المنشآت الصغيرة والمتوسطة

الإثنين، 24 فبراير 2025 01:50 م

المنشآت الصغيرة والمتوسطة

المنشآت الصغيرة والمتوسطة

تحليل/ عبد الرحمن عيسى

تعتبر سلاسل الإمداد من العناصر الحيوية في الاقتصاد العالمي والمحلي، وتمثل الشبكة التي تربط جميع الأطراف والأنشطة المعنية بتوصيل السلع والخدمات من المنتج إلى المستهلك النهائي.

كما تشمل هذه العمليات المراحل المختلفة بدءًا من الحصول على المواد الخام، مرورًا بالتخزين والتوزيع، وصولًا إلى تسليم المنتجات.

وفي هذا التحليل، نسلط الضوء على تقرير الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة (منشآت)، والذي يكشف أهم العوامل التي تؤثر في سير سلاسل الإمداد، خاصةً في المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وكذلك استعراض أبرز التحديات التي تواجهها، والفرص التي توفرها التطورات التكنولوجية الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة في تحسين الكفاءة التشغيلية.

الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة (منشآت)

أولًا: مفهوم سلاسل الإمداد وأهمية الإدارة الفعالة

سلسلة الإمداد هي مجموعة من الأنشطة المترابطة التي تشمل المورّدين والمصنعين والموزعين، وتهدف إلى توصيل المنتج النهائي للمستهلك.

الإدارة الفعالة لهذه السلاسل تسهم في تحسين الكفاءة وتقليل التكاليف وزيادة الأرباح، مما يعزز قدرة المنشآت الصغيرة والمتوسطة على التنافس في الأسواق العالمية، كما تساعد على ضمان المرونة في مواجهة التغيرات السوقية، مثل تقلبات الطلب أو الاضطرابات الخارجية.

العناصر الأساسية في سلاسل الإمداد

ثانيًا: مفهوم تأثير الفراشة

نظريًا، يمكن أن تؤثر التغييرات الصغيرة بشكل غير متوقع على الأنظمة المعقدة مثل سلاسل الإمداد، وهو ما يعرف بتأثير الفراشة، ففي بعض الأحيان، قد تحدث اضطرابات بسيطة تؤدي إلى تأثيرات كبيرة على سير العمليات، هذا التأثير واضح في حالة الحوادث أو الكوارث الطبيعية أو التغيرات الجيوسياسية التي يمكن أن تتسبب في تعطيل العمليات وتأخير التوريد أو الشحن، لذلك فإن الوعي المستمر بالعوامل التي تؤثر على سلاسل الإمداد أمر بالغ الأهمية للمنشآت.

تحديات سلاسل الإمداد العالمية

ثالثًا: التحديات التي تواجه المنشآت الصغيرة والمتوسطة في إدارة سلاسل الإمداد

تواجه المنشآت الصغيرة والمتوسطة العديد من التحديات في إدارة سلاسل الإمداد، ومنها:

التقلبات في الطلب: التغيرات المفاجئة في طلب السوق قد تؤدي إلى صعوبة في التنبؤ بالاحتياجات المستقبلية مما يؤدي إلى نقص أو فائض في المخزون.

المشاكل اللوجستية: صعوبة تأمين طرق نقل فعّالة وفي الوقت المحدد، خاصة في الأسواق العالمية المعقدة.

التغيرات في الظروف الاقتصادية: مثل التضخم وتقلبات العملات أو الكوارث الطبيعية التي قد تؤثر على سلاسل الإمداد.

الإدارة غير الفعالة للمخزون: من الممكن أن يؤدي الاحتفاظ بمخزون زائد أو غير دقيق إلى تكاليف إضافية أو تعطيل في الإنتاج.

الاضطرابات الجيوسياسية: مثل الحروب أو التوترات الدولية، التي قد تؤدي إلى تعطيل التجارة العالمية.

التجارة العالمية

رابعًا: الخطوات الأساسية لبناء سلاسل إمداد قوية للمنشآت الصغيرة والمتوسطة

بناء سلاسل إمداد قوية يتطلب التخطيط المدروس والإدارة المستمرة للعمليات المختلفة. فيما يلي بعض الخطوات الأساسية التي يمكن أن تساعد المنشآت الصغيرة والمتوسطة في تحسين سلاسل الإمداد:

التخطيط الاستراتيجي: من الضروري تطوير إستراتيجية قوية تهدف إلى تحسين كل مرحلة من مراحل سلسلة الإمداد، مع تحديد التوقعات المحتملة وتطوير أنظمة لإدارة الطلب بشكل دقيق.

التوريد والمشتريات: بناء علاقات قوية وموثوقة مع الموردين لتقليل التكاليف وضمان التسليم في الوقت المحدد.

إدارة المخزون: اتباع أساليب إدارة مثل "الإنتاج في الوقت المناسب" أو "الإنتاج الاحتياطي" لضمان الحفاظ على مخزون مناسب دون زيادة.

إدارة اللوجستيات: ضمان إدارة مسارات النقل والتكاليف لتقليل التأخير وضمان التسليم في الوقت المناسب.

تحليل البيانات: جمع البيانات عبر سلاسل الإمداد لتحسين الكفاءة المستقبلية، عبر التحليل المتواصل لتحسين الدورة من التخزين إلى التسليم.

إدارة المخاطر: يجب أن تتضمن هذه العمليات تطوير استراتيجيات لمواجهة الاضطرابات المستقبلية، مثل الكوارث الطبيعية أو الأوبئة، عبر تنويع الموردين وتطوير خطط طوارئ مرنة.

سفينة الحاويات "إيفر جيفن" في قناة السويس

خامسًا: التحديات والفرص في سلاسل الإمداد العالمية

تواجه سلاسل الإمداد العالمية مجموعة من التحديات المتمثلة في الحوادث، والظروف الاقتصادية المتغيرة، والكوارث الطبيعية.

كما تسبب جنوح سفينة الحاويات "إيفر جيفن" في قناة السويس عام 2021 في تعطيل حركة الملاحة لعدة أيام مما أثر بشكل كبير على التجارة العالمية.

وأسفر ذلك عن خسائر يومية بمقدار 36 مليار ريال، وهذه التحديات تبرز أهمية المرونة والتخطيط الاستباقي في مواجهة الأزمات.

ومع ذلك، توفر هذه التحديات أيضًا فرصًا للابتكار والتحسين المستمر، فمن خلال الاعتماد على التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي، يمكن للمنشآت تحسين التنبؤ بالطلب وتقليل التكاليف وتحقيق كفاءة أكبر في العمليات.

الذكاء الاصطناعي التوليدي

سادسًا: الفرص المستقبلية في سلاسل الإمداد من خلال التقنيات الحديثة

تعد التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي والأتمتة من العوامل التي تتيح للمنشآت الصغيرة والمتوسطة التكيف مع التغيرات في سلاسل الإمداد، وفيما يلي بعض الفرص المرتبطة بهذه التقنيات:

الذكاء الاصطناعي التوليدي (مثل Gemini): يمكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي في تحسين إدارة سلاسل الإمداد عبر معالجة البيانات وإنشاء مخرجات جديدة بناءً على المدخلات التي يتم تقديمها، والشركات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي التوليدي تتوقع تحقيق عوائد كبيرة على استثماراتها.

أتمتة عمليات التخطيط: يمكن للذكاء الاصطناعي أتمتة العديد من المهام المتكررة، مما يساعد في توفير الوقت وتقليل الأخطاء البشرية وتسريع العمليات.

منصات البرمجة قليلة الأكواد (Low-code platforms): تتيح هذه المنصات تبسيط عملية أتمتة سلاسل الإمداد، مما يمكن المنشآت من تعديل الأنظمة وفقًا للمتغيرات الطارئة بسهولة.

الاستدامة في سلاسل الإمداد: يمكن للمنشآت الصغيرة والمتوسطة تحسين استدامتها من خلال تطبيق المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة (ESG)، مما يساهم في تعزيز ولاء العملاء والحصول على تمويلات أكبر.


ختامًا: في خضم التغيرات الكبيرة التي يشهدها عالم سلاسل الإمداد، تتعين على المنشآت الصغيرة والمتوسطة تعزيز مرونتها وابتكارها لمواجهة التحديات المستمرة.

ومن خلال تنفيذ استراتيجيات إدارة سلاسل الإمداد الفعالة، واعتماد التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي، يمكن لتلك المنشآت تعزيز قدرتها التنافسية وتحقيق نمو مستدام في ظل بيئة اقتصادية وجيوسياسية متقلبة.

Short Url

search