بث تجريبي

الأربعاء، 22 يناير 2025

06:24 ص

أسسها

حازم الجندي

رئيس مجلس الإدارة

أكرم القصاص

إشراف عام

علا الشافعي

توقعات الاقتصاد الفلسطيني لعام 2025، نمو طفيف في ظل بيئة مليئة بالتحديات

الثلاثاء، 21 يناير 2025 01:50 م

فلسطين

فلسطين

كريم قنديل

بعد عام 2024 الذي شهد انهيارًا اقتصاديًا غير مسبوق، يتطلع الاقتصاد الفلسطيني إلى تحقيق انتعاش طفيف في عام 2025. وتشير التوقعات الأساسية إلى نمو يتراوح بين 1.0% و2.0% مقارنةً بالانكماش الحاد بنسبة 28% المسجل في العام السابق. ورغم أن هذه النسبة تمثل تحسنًا على الورق، إلا أنها تعكس في الواقع تأثير قاعدة المقارنة مع عام كان من بين الأسوأ في تاريخ الاقتصاد الفلسطيني، وليس بالضرورة نتيجة لتحسن جوهري في الأداء الاقتصادي.

ويتوقع أن يعتمد هذا النمو المحدود على زيادة طفيفة في الإنفاق الاستهلاكي الخاص ونمو القيمة المضافة للقطاعات الاقتصادية الرئيسية، مع انخفاض طفيف في معدلات البطالة إلى 49.2% مقارنة بـ51.2% في عام 2024. ومع ذلك، يبقى الاقتصاد الفلسطيني محاطًا بتحديات كبيرة، في ظل بيئة محفوفة بالمخاطر وعدم اليقين، تتراوح تداعياتها المحتملة بين سيناريوهات متفائلة وأخرى متشائمة قد تؤثر بعمق على مسار التعافي في المستقبل القريب.

نتائج العدوان الإسرائيلي

تنبؤات النمو للعام 2025

طبقًا لبيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، تشير البيانات إلى مسار تنازلي حاد في النمو الاقتصادي الفلسطيني بين عامي 2021 و2024، حيث انخفض النمو من 7.0% في عام 2021 إلى -27.4% في عام 2024، وهو تراجع يعكس عمق الأزمات الاقتصادية المتراكمة. هذا الانكماش الحاد في عام 2024 يرتبط بشكل كبير بالتحديات الهيكلية والضغوط السياسية والاقتصادية، بما في ذلك استمرار القيود المفروضة على التجارة والحركة، والتراجع في المساعدات الدولية، وغياب الاستثمارات المستدامة في القطاعات الإنتاجية. كما أن قطاع غزة على وجه الخصوص يواجه صعوبات أكبر مقارنة بالضفة الغربية بسبب استمرار الحصار والأوضاع المعيشية المتدهورة.

أما بالنسبة للتوقعات لعام 2025، فمن المتوقع أن يسجل الاقتصاد الفلسطيني تعافيًا نسبيًا بنمو يبلغ 1.8%، ما يعكس احتمال وجود تحسن في بعض المؤشرات الاقتصادية نتيجة جهود إصلاحية محتملة، أو زيادة طفيفة في التدفقات المالية والدعم الدولي. ومع ذلك، يظل هذا التعافي المتوقع محدودًا وغير كافٍ لتعويض الخسائر الكبيرة السابقة، مما يستدعي تبني سياسات شاملة تركز على تحسين بيئة الأعمال، وتعزيز الاستثمار المحلي والدولي، وتخفيف القيود السياسية والاقتصادية لضمان استدامة النمو على المدى البعيد.

الاقتصاد الفلسطيني

وبناءً عليه، فمن المتوقع أن يبدأ الاقتصاد الفلسطيني في تحقيق ارتفاع طفيف تتراوح نسبته من 1.0% إلى 2% خلال العام 2025، مقارنةً بانكماش حاد يُقدر بحوالي 28% في العام 2024، مما يشكل أحد أكبر حالات التراجع الاقتصادي في تاريخ فلسطين. وعلى الرغم من هذا النمو الطفيف المتوقع، إلا أنه لا يعكس تحسنًا جوهريًا في الأداء الاقتصادي، وإنما يعزى بشكل أساسي إلى تأثير قاعدة المقارنة مع عام شهد انكماشًا غير مسبوق في مختلف القطاعات الاقتصادية.

ومن المتوقع أن تسهم مكونات الناتج المحلي الإجمالي ذات المساهمة الأعلى في تحقيق هذا النمو المتوقع، مدفوعًا بنمو الإنفاق الاستهلاكي الخاص، ونمو القيمة المضافة للأنشطة الاقتصادية الرئيسية. ومن المتوقع أن يرافق هذا النمو انخفاض معدلات البطالة إلى 49.2%، مقارنة مع 51.2% في العام 2024.

ونظرًا لكون البيئة التي يعمل فيها الاقتصاد الفلسطيني تنطوي على قدر كبير من المخاطر وعدم اليقين، فقد تم تضمين هذه التنبؤات تحليلاً لمخاطر محتملة الحدوث بدرجات متفاوتة (السيناريو المتفائل، والسيناريو المتشائم)، والتي من المتوقع، في حال حدوثها، أن يكون لها تداعياتها الإيجابية أو السلبية على الأداء الاقتصادي في المدى القريب.

الوضع الاقتصادي في غزة

تنبؤات التضخم لعام 2025

طبقًا لبيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، تشير البيانات إلى أن معدلات التضخم في فلسطين شهدت ارتفاعًا ملحوظًا خلال الفترة من 2021 إلى 2024، حيث ارتفع التضخم من 1.2% في عام 2021 إلى ذروته عند 46.7% في عام 2024. هذا الارتفاع الحاد يعكس ضغوطًا اقتصادية كبيرة ناجمة عن الأزمات السياسية والاقتصادية، بما في ذلك ارتفاع تكاليف المعيشة، وتراجع القوة الشرائية، وتأثير القيود على التجارة وحركة البضائع. كما يعكس التضخم المرتفع في عام 2024 تأثيرات داخلية وخارجية، مثل تراجع التمويل الدولي، وضعف الإنتاج المحلي، وزيادة الاعتماد على الواردات مع ضعف العملة المحلية.

بالنسبة لعام 2025، تظهر التوقعات انخفاضًا ملموسًا في التضخم إلى 4.4%، وهو ما يشير إلى احتمالية استقرار نسبي في الأوضاع الاقتصادية. قد يكون هذا التراجع ناتجًا عن سياسات حكومية للحد من التضخم، أو زيادة الدعم الدولي، أو تحسن في الأداء الاقتصادي العام. ومع ذلك، يبقى هذا المستوى أعلى من معدلات التضخم في الفترة 2021-2022، مما يعكس استمرار التحديات الاقتصادية. لضمان استدامة هذا الانخفاض، يجب تعزيز الإنتاج المحلي، وزيادة كفاءة الإنفاق الحكومي، والحد من الاعتماد المفرط على الواردات.

تشير الافتراضات الأساسية التي استند عليها سيناريو الأساس، إلى استمرار الوضع القائم دون أي تغير جوهري في الظروف السياسية والأمنية الحالية. فوفقًا لهذا السيناريو، فإن الاقتصاد الفلسطيني سيستمر في مواجهة قيود مشددة على الحركة التجارية والمعابر، مع توقف شبه كامل للأنشطة الاقتصادية في قطاع غزة، بسبب الدمار الهائل الناتج عن العدوان الإسرائيلي، إلى جانب تعطل كبير في حركة العمالة الفلسطينية إلى إسرائيل.

كما يفترض هذا السيناريو استمرار التدهور في الوضع المالي للحكومة الفلسطينية، بسبب القرصنة الإسرائيلية من إيرادات المقاصة، إضافة إلى تراجع الإيرادات المحلية بسبب انخفاض النشاط الاقتصادي ودورة الأعمال. وعلى صعيد المنح والمساعدات الدولية، يفترض السيناريو أن مستويات المساعدات ستبقى عند مستوياتها المتدنية الحالية. وبالإضافة إلى ذلك، يُتوقع أن يستمر تأثير التطورات في منطقة البحر الأحمر ومضيق باب المندب على تكاليف النقل والتأمين البحري، وبالتالي التأثير سلبًا على الحركة التجارية.

بعد وقف إطلاق النار، هناك عدة توقعات إيجابية يمكن أن تساهم في تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في فلسطين، ومنها:

تحسن البيئة الاستثمارية: من المتوقع أن يشجع وقف إطلاق النار عودة الاستقرار النسبي، مما قد يدفع المستثمرين المحليين والدوليين لاستئناف أو توسيع أنشطتهم الاستثمارية في فلسطين، وخاصة في القطاعات الإنتاجية مثل الزراعة والصناعة.

تعزيز التجارة وحركة البضائع: وقف إطلاق النار قد يؤدي إلى تخفيف القيود المفروضة على المعابر، مما يسهم في تسهيل حركة البضائع والتجارة بين الضفة الغربية وقطاع غزة، وأيضًا مع الأسواق الخارجية.

استعادة النشاط الاقتصادي: الاستقرار الأمني قد يساهم في إعادة تنشيط الأسواق المحلية، ورفع مستوى الاستهلاك، وزيادة الطلب على المنتجات المحلية، مما يعزز معدلات النمو الاقتصادي.

تحسن فرص العمل:مع انتعاش الاقتصاد، يمكن خلق المزيد من فرص العمل، خاصة في القطاعات المتأثرة بالصراع مثل البناء والبنية التحتية.

زيادة الدعم الدولي:وقف إطلاق النار قد يشجع المانحين الدوليين على تقديم مزيد من المساعدات الإنسانية والمالية لدعم إعادة الإعمار والتنمية الاقتصادية، مع زيادة التركيز على المشاريع طويلة الأمد بدلًا من الإغاثة الطارئة.

تحسين الخدمات والبنية التحتية:مع انخفاض حدة الصراع، يمكن تركيز الجهود على إصلاح البنية التحتية المتضررة، مثل شبكات الكهرباء والمياه والطرق، مما ينعكس إيجابيًا على حياة المواطنين اليومية.

دخول المساعدات المصرية لغزة

يعد وقف إطلاق النار فرصة حقيقية لإعادة بناء الاقتصاد الفلسطيني وتحسين الأوضاع الاجتماعية والمعيشية. ومع توفر الاستقرار النسبي، يمكن توجيه الجهود نحو تعزيز الاستثمار، وتنشيط حركة التجارة، وخلق فرص عمل، وإعادة إعمار البنية التحتية المتضررة. ومع ذلك، يبقى تحقيق هذه التطلعات مرهونًا بالالتزام الجاد من الأطراف كافة، وتكثيف الدعم الدولي لضمان تحول هذه الفرص إلى واقع ملموس يعيد الأمل للمواطنين الفلسطينيين في مستقبل أفضل.

Short Url

showcase
showcase
search