بث تجريبي

الإثنين، 20 يناير 2025

01:21 ص

أسسها

حازم الجندي

رئيس مجلس الإدارة

أكرم القصاص

إشراف عام

علا الشافعي

دراسة لـ "إيجي إن": الكويت.. التضخم السنوي يسجل ارتفاعًا بنسبة 0.15% خلال نوفمبر الماضي

الخميس، 16 يناير 2025 04:18 م

الكويت

الكويت

كريم قنديل

في ظل التحديات الاقتصادية العالمية المتسارعة والتقلبات التي تشهدها الأسواق الدولية، تبرز قضية التضخم كأحد أهم الملفات التي تواجه الاقتصاد الكويتي، من ارتفاع أسعار السلع والخدمات إلى تأثيرات الطلب والعرض، تترك هذه الظاهرة بصمتها على القوة الشرائية للمستهلكين ومستوى المعيشة، وبينما تسعى الدول إلى كبح جماح التضخم، تقف الكويت أمام معادلة معقدة تتطلب توازنًا دقيقًا بين دعم النمو الاقتصادي والحفاظ على استقرار الأسعار.

التضخم

هدف الدراسة

تسعى هذه الدراسة إلى القاء الضوء على تطورات معدلات التضخم والرقم القياسي لأسعار المستهلك في الكويت خلال الفترة من نوفمبر 2023 إلى نوفمبر 2024، مستعرضة أهم الأرقام والتغيرات الشهرية، وتحلل الأسباب الكامنة وراء هذه التقلبات، كما تسعى الدراسة إلى فهم العوامل المؤثرة على تغير الأسعار، سواء كانت داخلية مثل الطلب المحلي وسياسات بنك الكويت المركزي، أو خارجية مثل تقلبات الأسواق العالمية وسلاسل التوريد، كما تهدف إلى تقديم رؤية شاملة للسياسات النقدية وتأثيرها على استقرار الأسعار والقوة الشرائية للمستهلكين.

مفهوم التضخم وتأثيراته

يشير التضخم إلى الارتفاع المستمر في أسعار السلع والخدمات، مما يؤدي إلى تراجع القوة الشرائية للمستهلكين، حيث يحدث التضخم نتيجة عوامل متعددة، أهمها زيادة الطلب على السلع والخدمات وارتفاع تكاليف الإنتاج، فعلى سبيل المثال، يؤدي الانتعاش الاقتصادي في دولة ما إلى زيادة الطلب نتيجة انخفاض معدلات البطالة وارتفاع الدخل، مما يرفع معدلات الاستهلاك والاستثمار، ومع ذلك، قد تعجز الطاقة الإنتاجية عن مواكبة هذا الطلب المرتفع، فينعكس ذلك بزيادة الأسعار.

دور البنوك المركزية في السيطرة على التضخم

تلعب البنوك المركزية دورًا كبيرًا في السيطرة على التضخم من خلال استخدام أدوات السياسة النقدية، حيث تتحكم في أسعار الفائدة، من خلال القيام برفعها عندما يكون التضخم مرتفعًا لتقليل الطلب على القروض، وبالتالي الحد من الإنفاق الاستهلاكي والاستثمارين كما يمكن أن تخفض أسعار الفائدة إذا كان التضخم منخفضًا أو في حالة الركود الاقتصادي، مما يعزز النمو عبر تشجيع الإنفاق والاستثمار، كما تستخدم البنوك المركزية عمليات السوق المفتوحة لضبط السيولة في الاقتصاد، من خلال شراء أو بيع السندات الحكومية لزيادة أو تقليل النقود المتداولة.

علاوة على ذلك، تعتمد بعض البنوك المركزية سياسة استهداف التضخم، حيث تحدد هدفًا محددًا للتضخم وتعمل على تحقيقه باستخدام الأدوات المتاحة، كما تقدم البنوك المركزية سياسات توجيهية تساعد في تثبيت توقعات السوق، مما يساهم في استقرار الأسعار، وفي بعض الحالات، قد تتدخل البنوك المركزية في سوق العملات للحفاظ على استقرار العملة الوطنية، وهو ما يقلل من التضخم المستورد الناجم عن تقلبات أسعار العملات الأجنبية.

بنك الكويت المركزي

تهدف البنوك المركزية، مثل بنك الكويت المركزي، إلى تحقيق استقرار الأسعار ضمن أولويات سياساتها النقدية، ولذلك، تحرص هذه المؤسسات على متابعة معدلات التضخم وتحليل أسبابه باستخدام مؤشرات متنوعة، لاتخاذ الإجراءات المناسبة للحد من تأثيراته السلبية على الاقتصاد الوطني.

مؤشرات قياس التضخم وأسعار السلع والخدمات

توجد العديد من المؤشرات التي تُستخدم لقياس التغير في أسعار السلع والخدمات، أبرزها الرقم القياسي لأسعار المستهلك (CPI)، الذي يُعد المؤشر الأكثر شيوعًا لقياس معدلات التضخم، كما تشمل المؤشرات الأخرى الرقم القياسي لأسعار الجملة، والرقم القياسي لأسعار المنتجين، ومُكمش الناتج المحلي الإجمالي، حيث تُستخدم هذه المؤشرات في مجالات مختلفة، مثل التحليل الاقتصادي والتخطيط والسياسات النقدية، فضلاً عن استخدامها في تقييم الاستقرار المالي وإجراء المقارنات الدولية.

الرقم القياسي لأسعار المستهلك

يُعتبر الرقم القياسي لأسعار المستهلك أداة رئيسية لقياس التضخم من خلال تتبع التغيرات في تكلفة سلة مختارة من السلع والخدمات التي يستهلكها الأفراد، يتم تحديد وزن كل عنصر في السلة بناءً على نتائج بحوث الدخل والإنفاق الأسري، مما يعكس الأهمية النسبية لكل سلعة أو خدمة، وتُظهر التغيرات في هذا الرقم من فترة لأخرى مدى ارتفاع أو انخفاض أسعار المستهلكين وتأثير ذلك على الاقتصاد المحلي.

التضخم وأثره العالمي

أصبحت مشكلة التضخم تحديًا كبيرًا يواجه الاقتصادات العالمية، خاصة بعد تداعيات جائحة كورونا التي دفعت الحكومات إلى ضخ أموال هائلة لدعم الاقتصاد، هذا التدفق النقدي ساهم في زيادة الطلب المكبوت خلال فترات الإغلاق، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار بعد استئناف النشاط الاقتصادي، كما أدت الاضطرابات في سلاسل التوريد إلى تقليص الإنتاج، في حين أسهمت التطورات الجيوسياسية، مثل الحرب بين روسيا وأوكرانيا، في ارتفاع أسعار الطاقة والسلع الأساسية إلى مستويات قياسية.

السياسات النقدية وتشديد الفائدة

في محاولة لمواجهة التضخم المتصاعد، تبنت البنوك المركزية سياسات نقدية أكثر تشددًا، مثل رفع أسعار الفائدة بشكل متسارع، ورغم أن هذه السياسات ساعدت في تهدئة الاقتصاد، إلا أنها أدت إلى تباطؤ النمو وارتفاع مخاطر الركود التضخمي، وحذرت المديرة التنفيذية لصندوق النقد الدولي في بداية عام 2023 من أن استمرار هذه السياسات قد يؤدي إلى عام اقتصادي أصعب، خاصة مع تباطؤ النمو في الاقتصادات الكبرى مثل الولايات المتحدة والصين.

التضخم في الكويت وأسبابه

يعكس التضخم في الكويت التحديات الاقتصادية العالمية، حيث تأثرت الأسعار المحلية بالعديد من العوامل، أبرزها ارتفاع تكاليف الواردات بسبب تقلبات أسعار الطاقة والسلع الأساسية عالميًا، بالإضافة إلى ذلك، فإن الزيادة في الإنفاق الاستهلاكي داخل البلاد، مدفوعة بانتعاش اقتصادي بعد فترة من التباطؤ، ساهمت في ارتفاع الطلب على السلع والخدمات. ومع ذلك، فإن محدودية الإنتاج المحلي واعتماد الكويت الكبير على الاستيراد يجعل الاقتصاد الكويتي أكثر عرضة لتقلبات الأسعار الخارجية.

جهود بنك الكويت المركزي في مواجهة التضخم

يعمل بنك الكويت المركزي على ضبط معدلات التضخم من خلال تبني سياسات نقدية تهدف إلى استقرار الأسعار ودعم الاقتصاد الوطني، حيث يعتمد البنك على مؤشرات مثل الرقم القياسي لأسعار المستهلك لمراقبة التحركات السعرية، كما يسعى لتخفيف تأثيرات التضخم عبر التحكم في السيولة المحلية وتنسيق السياسات المالية مع الجهات الحكومية، هذه الجهود تسعى إلى تحقيق التوازن بين دعم النمو الاقتصادي والحفاظ على استقرار القوة الشرائية للمواطنين.

تحليل تطور معدل التضخم السنوي في الكويت خلال الفترة الممتدة من نوفمبر 2023 إلى نوفمبر 2024

طبقًا لبيانات البنك المركزي الكويتي، شهد معدل التضخم في الكويت خلال الفترة الممتدة من نوفمبر 2023 إلى نوفمبر 2024 تقلبات ملحوظة، بدأت بمعدل 3.8% في نوفمبر 2023. في ديسمبر من نفس العام، انخفض التضخم إلى 3.37% بسبب استقرار أسعار السلع المستوردة، والذي قد يكون نتيجة لانخفاض تكاليف النقل أو تحسن سلاسل التوريد العالمية. مع بداية عام 2024، استمر الانخفاض تدريجيًا إلى 3.3% في يناير، يعكس ذلك تأثير السياسات النقدية التي ساهمت في تقليص السيولة النقدية الزائدة في السوق.

في فبراير 2024، شهد التضخم ارتفاعًا طفيفًا إلى 3.4%، ربما نتيجة زيادة الطلب الموسمي أو ارتفاع أسعار السلع الغذائية. ومع ذلك، عاد التضخم للانخفاض في مارس ليصل إلى 3.02%، واستمر في هذا الاتجاه المستقر عند مستويات معتدلة بلغت 3.17% في أبريل ومايو. هذا الاستقرار يعكس تحسن الرقابة على الأسعار وثبات العرض والطلب المحلي. لكن بحلول يونيو، تراجع التضخم إلى 2.84%، وهو أدنى مستوى منذ بداية الفترة، ما قد يرتبط بتراجع أسعار الطاقة أو جهود الحكومة في دعم أسعار السلع الأساسية.

في النصف الثاني من عام 2024، استمر التضخم في الانخفاض التدريجي، حيث بلغ 2.75% في سبتمبر و2.44% في أكتوبر، قبل أن يصل إلى 2.36% في نوفمبر. يعكس هذا الانخفاض جهود بنك الكويت المركزي في مواجهة التضخم من خلال سياسات نقدية فعّالة، إلى جانب استقرار الأسعار العالمية للسلع الأساسية. حيث تراجعت أسعار المواد الغذائية والمشروبات 4.66% مقابل 4.98% في أكتوبر، والصحة 4.2% مقابل 4.29%، والسلع والخدمات المتنوعة 5.54% مقابل 5.62%، بالإضافة إلى ذلك، استمرت تكاليف النقل في الانخفاض -1.89% مقابل 1.89%، وفي الوقت نفسه، ارتفعت التكاليف بالنسبة للاتصالات 0.88% مقابل 0.72% والترفيه والثقافة 2.42% مقابل 2.34%.

تحليل تطور معدل التضخم علي أساس شهري في الكويت خلال الفترة الممتدة من نوفمبر 2023 إلى نوفمبر 2024

طبقًا لبيانات البنك المركزي الكويتي، إن معدل التضخم الشهري في الكويت يظهر تقلبًا طفيفًا بين الأشهر مع ميل للاستقرار النسبي، ففي عام 2023، بدأ التضخم الشهري بمعدل منخفض جدًا في نوفمبر بنسبة 0.2% وزيادة بسيطة في ديسمبر 0.3%، ثم استمر في نفس النطاق المنخفض طوال معظم الأشهر في عام 2024، ولكن كانت الزيادة الأكثر وضوحًا في مارس 2024، حيث سجل التضخم 0.38%، وهو أعلى معدل شهري مسجل خلال هذه الفترة، ولكن في الأشهر التالية، عاد المعدل إلى الانخفاض، حيث تراوح بين 0.15% و0.3% في معظم الأشهر، مع بعض التذبذبات الطفيفة، مثل انخفاضه إلى 0.07% في أغسطس وأكتوبر 2024، ولكنه سجل ارتفاعًا في نوفمبر مسجلًا 0.15% في نوفمبر 2024 مقارنةً بشهر أكتوبر السابق له والذي كان مسجلًا 0.07%. 

هذا الانخفاض النسبي والتذبذب الطفيف في التضخم الشهري يعكس استقرارًا نسبيًا في أسعار السلع والخدمات الأساسية في الكويت، إذ أن هذا النوع من التضخم منخفض يعطي إشارة إلى أن الاقتصاد الكويتي يواجه ضغوطًا محدودة من حيث زيادة الأسعار في المدى القصيرن كما أن استمرار التضخم ضمن نطاق ضيق من 0.15% إلى 0.38% يعني أن الاقتصاد الكويتي قادرًا على التحكم في العوامل التي تؤدي إلى ارتفاع الأسعار، مثل أسعار المواد الغذائية والوقود، مما يعكس استقرارًا نسبيًا في السياسات النقدية والتجارية.

تحليل الرقم القياسي لأسعار المستهلك في الكويت خلال الفترة الممتدة من نوفمبر 2023 إلى نوفمبر 2024

طبقًا لبيانات البنك المركزي الكويتي، شهد الرقم القياسي لأسعار المستهلك في الكويت اتجاهًا تصاعديًا طفيفًا وثابتًا خلال الفترة الممتدة من نوفمبر 2023 إلى نوفمبر 2024، حيث ارتفع من 131.5 نقطة في نوفمبر 2023 إلى 134.6 نقطة في نوفمبر 2024. هذا الارتفاع يعكس زيادة تدريجية في تكاليف السلع والخدمات، مما يشير إلى ضغوط تضخمية متوسطة. في ديسمبر 2023، ارتفع الرقم القياسي إلى 131.9 نقطة، نتيجة التأثيرات الموسمية وارتفاع الطلب خلال موسم نهاية العام، وهو ما استمر مع بداية 2024، حيث سجل 132.1 نقطة في يناير، مدفوعًا بتحسن النشاط الاقتصادي وزيادة الطلب الاستهلاكي.

في الأشهر الأولى من عام 2024، شهد الرقم القياسي ارتفاعًا ملحوظًا، حيث وصل إلى 132.9 نقطة في مارس، مدفوعًا بارتفاع تكاليف السلع المستوردة نتيجة التقلبات في الأسواق العالمية. استمر هذا الاتجاه في الربع الثاني من العام مع وصول الرقم القياسي إلى 133.5 نقطة في مايو، مما يعكس استقرارًا نسبيًا في الأسعار، حيث لعبت العوامل المحلية، مثل زيادة الإنفاق الحكومي وتحسن العرض، دورًا في تخفيف الضغوط التضخمية.

في النصف الثاني من العام، واصل الرقم القياسي الارتفاع بمعدل ثابت، ليصل إلى 134.6 نقطة في نوفمبر 2024. يُعزى هذا النمو إلى استمرار الطلب المحلي القوي على السلع والخدمات، بجانب تحسن النشاط الاقتصادي بشكل عام. ومع ذلك، فإن الارتفاع الطفيف في المؤشر يعكس نجاح سياسات بنك الكويت المركزي في احتواء التضخم عند مستويات آمنة، مما ساهم في تقليل الأثر السلبي على المستهلكين وضمان استقرار نسبي للأسعار.

الخاتمة

إن التضخم هو شبح أي اقتصاد يسعي في الاتجاه نحو التقدم، حيث أصبحت مشكلة التضخم تحديًا كبيرًا يواجه الاقتصادات العالمية، ولذلك في محاولة لمواجهة التضخم المتصاعد، تبنت البنوك المركزية سياسات نقدية أكثر تشددًا، مثل رفع أسعار الفائدة بشكل متسارع، ورغم أن هذه السياسات ساعدت في تهدئة الاقتصاد، إلا أنها أدت إلى تباطؤ النمو وارتفاع مخاطر الركود التضخمي، ولذلك يعمل بنك الكويت المركزي على ضبط معدلات التضخم من خلال تبني سياسات نقدية تهدف إلى استقرار الأسعار ودعم الاقتصاد الوطني، حيث يعتمد البنك على مؤشرات مثل الرقم القياسي لأسعار المستهلك لمراقبة التحركات السعرية.

كما أظهرت الدراسة أن معدل التضخم السنوي في الكويت انخفض إلى 2.36% في نوفمبر 2024، من 2.44% في الشهر السابق، ويمثل هذا أدنى قراءة منذ سبتمبر 2020، بينما على أساس شهري، ارتفعت أسعار المستهلكين بنسبة 0.15% في نوفمبر، بعد ارتفاع بنسبة 0.07% في أكتوبر.

Short Url

showcase
showcase
search