الإعلانات الرمضانية بين العاطفة والاقتصاد، كيف تُترجم المشاعر إلى أرباح؟
الأربعاء، 26 مارس 2025 03:24 م

اعلانات رمضان الغذائية
تحليل/كريم قنديل
مع اقتراب شهر رمضان، تتحول الشاشات إلى ساحة تنافسية بين العلامات التجارية، حيث تمتزج العواطف بالمبيعات، والتقاليد بالاستراتيجيات التسويقية، لكن بعيدًا عن الدفء العائلي والموسيقى الهادئة، تكمن معادلة اقتصادية معقدة، تُحوّل هذه الإعلانات إلى أداة فعالة لزيادة الإيرادات وتعزيز الولاء للعلامة التجارية.

يعد شهر رمضان من أقوى المواسم التسويقية في الشرق الأوسط ومنطقة الخليج العربي، ففي موسم رمضان 2024 شهدت محركات البحث أعلى ذروة لها على الإطلاق مسجلًا 7.2 مليار عملية بحث بزيادة قدرها 21 % مقارنةً برمضان 2022، ووفق استطلاع أجرته Think with Google، من المتوقع أن ترتفع المبيعات لـ 66 مليار دولار أمريكي بنهاية رمضان 2025.
الاقتصاد وراء العاطفة
تدرك الشركات أن المستهلك في رمضان لا يشتري فقط المنتجات، بل يشتري التجربة والذكريات، وهنا يأتي دور السرد القصصي العاطفي الذي يتقنه المعلنون، حيث تتحول اللحظات العائلية، وأجواء المطبخ، وقيم العطاء، إلى محفزات نفسية تدفع المستهلكين للشراء دون وعي مباشر.
على سبيل المثال حملة "كل لحظة فيها طيبة" من كيري، التي ركزت على الحنين والتقاليد الأسرية، مما يعزز الارتباط العاطفي مع المنتج، هذا الأسلوب ليس عشوائيًا، بل مبني على دراسات تؤكد أن الحملات العاطفية تزيد من معدلات التفاعل بنسبة تصل إلى 70% مقارنةً بالحملات الترويجية المباشرة.

أما حملة "وصفة خير .. تحيي الأمل" من بوك، فقد تبنّت استراتيجية مختلفة عبر ربط العلامة التجارية بمبادرات مجتمعية، ما يعكس توجهًا جديدًا في التسويق يُعرف بـ "الرأسمالية الواعية"، حيث لا يقتصر دور الشركات على بيع المنتجات فقط، بل يمتد إلى دعم قضايا اجتماعية، مما يعزز ولاء المستهلكين بنسبة تصل إلى 23% وفقًا لآخر الدراسات التسويقية.
لماذا رمضان هو الموسم الذهبي؟
من منظور اقتصادي، يُعتبر رمضان موسمًا استثنائيًا حيث ترتفع معدلات الاستهلاك في قطاع الأغذية والمشروبات بنسبة 30-50%، مما يجعل الشركات تضخ ميزانيات ضخمة في الإعلانات لضمان حصتها من السوق.
إعلان "قدّر النعم" من المراعي يعكس هذا التوجه بذكاء، حيث يجمع بين التوعية الاستهلاكية والترويج غير المباشر، مما يجذب شريحة واسعة من المستهلكين الباحثين عن رسائل تحمل بُعدًا أخلاقيًا.

الأرقام لا تكذب
وفقًا لبيانات السوق، فإن الشركات الكبرى مثل المراعي وكيري وبوك تنفق ملايين الدولارات على الحملات الرمضانية، حيث يصل متوسط تكلفة الإعلان التلفزيوني الواحد إلى 250 ألف دولار، بينما تحقق الحملات الناجحة ارتفاعًا في المبيعات بنسبة تصل إلى 40% خلال الشهر الكريم.
تسويق أم استثمار طويل الأجل؟
رغم أن الإعلانات الرمضانية تبدو في ظاهرها كجزء من السباق التسويقي، إلا أنها في الحقيقة استثمار طويل الأجل في ولاء المستهلك، فكل إعلان ينجح في لمس مشاعر الجمهور، لا يبيع منتجًا فحسب، بل يخلق رابطًا يستمر لسنوات، ويجعل الاختيار العفوي للمستهلك في المستقبل يميل نحو العلامة التجارية التي لامست قلبه قبل أن تلامس محفظته.
في النهاية، يبدو أن رمضان لم يعد مجرد شهر روحاني، بل أصبح أيضًا موسمًا اقتصاديًا، حيث تتقاطع المشاعر مع الأرقام، وتتحول الإعلانات من مجرد محتوى إلى قوة شرائية تُحرّك الأسواق.
Short Url
أسواق النفط تتجاهل تهديدات ترامب على النفط الروسي، هل انتهى تأثير العقوبات؟
31 مارس 2025 12:21 م
من «دولي إلى البشر»، هل أصبح الاستنساخ على وشك أن يصبح واقعًا؟ (تقرير)
30 مارس 2025 05:00 م
تريليون ريال خسائر سوق الأسهم السعودية في 3 أشهر، ماذا يحدث في تداول؟
30 مارس 2025 03:54 م


أكثر الكلمات انتشاراً