الإثنين، 28 أبريل 2025

12:21 ص

بين استهلاك الطاقة والتكلفة الخفية للأدب الرقمي.. الجانب المظلم للذكاء الاصطناعي

الأحد، 27 أبريل 2025 04:02 م

الذكاء الاصطناعي

الذكاء الاصطناعي

شهيرة أحمد

في الوقت الذي يشهد فيه العالم طفرة غير مسبوقة في استخدام الذكاء الاصطناعي عبر مختلف القطاعات، برزت على السطح تحديات كبيرة تتعلق بالبنية التحتية الرقمية ومراكز البيانات، التي أصبحت العمود الفقري لهذه الثورة التقنية.

وبينما تستمر تطبيقات الذكاء الاصطناعي، مثل روبوتات المحادثة وأدوات التوليد التلقائي، في تحقيق قفزات مذهلة، تزداد معها المخاوف المرتبطة بالاستهلاك الهائل للطاقة وتأثير ذلك على البيئة والاستدامة.

تضخم البيانات يضغط على مراكز البيانات

كشفت دراسة حديثة أعدتها شركة "سيجايت تكنولوجي Seagate Technology" بعنوان "إزالة الكربون من البيانات Decarbonizing Data" عن الضغوط المتزايدة التي تواجه مراكز البيانات حول العالم مع التسارع الهائل في الطلب على تخزين ومعالجة البيانات.

وأوضحت الدراسة أن 94.5% من المشاركين لاحظوا تزايد احتياجاتهم من التخزين، بينما توقع 97% أن يؤدي نمو تطبيقات الذكاء الاصطناعي إلى المزيد من الطلب.

في السياق ذاته، توقع "جولدمان ساكس" أن يرتفع الطلب العالمي على الطاقة من مراكز البيانات بنسبة 165% بحلول عام 2030 مقارنة بعام 2023، ما يضع تحديات إضافية أمام جهود تحقيق الاستدامة البيئية.

فجوة بين الوعي البيئي والسلوك الفعلي

وأظهرت البيانات فجوة كبيرة بين القلق البيئي وسلوك الشركات الفعلي، رغم أن 95% من قادة الشركات أقروا بأهمية تقليل الأثر البيئي لمراكز البيانات، إلا أن 3.3% فقط يضعونه أولوية فعلية عند اتخاذ قرارات الشراء.

كما أشار التقرير إلى أن إطالة عمر أجهزة التخزين وتبني ممارسات إعادة الاستخدام ما زالت بعيدة عن أن تكون معايير رئيسية في السياسات المؤسسية، ما يُبرز فجوة بين الإدراك البيئي والممارسات الفعلية.

وتتمثل أبرز التحديات في استهلاك الطاقة (53.5%)، ومتطلبات المواد الخام (49.5%)، وقيود المساحة (45.5%)، إضافة إلى تكاليف البنية التحتية والشراء، بنسبة 28.5% و27% لكل منهم على التوالي.

مستقبل ذكي وأكثر استدامة معًا

وفي هذا السياق، أكد جايسون فايست، نائب الرئيس الأول للتسويق السحابي في «سيجايت»، أن مراكز البيانات تخضع لتدقيق شديد، لأنها أصبحت من أكثر القطاعات استهلاكًا للطاقة في الاقتصاد الرقمي.

وأضاف فايست، أنه لا يجب أن ترى الاستدامة على أنها تنازلاً عن الكفاءة أو التكلفة، بل فرصة لتحسين الاثنين معاً، وهي رؤية ملحة في عالم يدفع بقوة نحو مستقبل ذكي وأكثر استدامة في آن واحد.

التفاعل المهذب مع الذكاء الاصطناعي يكلف ملايين الدولارات

وفي سياق متصل، كشف سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة "أوبن إيه آي"، عن جانب آخر مثير للانتباه حول تكلفة استخدام الذكاء الاصطناعي، حين أشار إلى أن التفاعلات المهذبة مع روبوت المحادثة ChatGPT، مثل قول "من فضلك، وشكرًا"، تؤدي إلى استهلاك طاقة أعلى مما هو متوقع، ما يفاقم من التكاليف التشغيلية، وفقاً لما ذكرته صحيفة "نيويورك بوست".

وأوضح ألتمان، أن هذه التفاعلات، رغم بساطتها، تكلف الشركة عشرات الملايين من الدولارات، بسبب الاعتماد المكثف على مراكز بيانات ضخمة تستهلك كميات هائلة من الكهرباء لتشغيل نماذج لغوية كبيرة (LLMs) تتطلب آلاف وحدات معالجة الرسومات عالية الأداء للعمل بكفاءة.

الأرقام تثير القلق حول استهلاك الطاقة

تشير التقديرات إلى أن توليد رد مكتوب واحد عبر الذكاء الاصطناعي قد يستهلك نحو 0.14 كيلوواط/ساعة من الطاقة، أي ما يعادل تشغيل 14 مصباح LED لمدة ساعة.

وعند احتساب هذه الكمية عبر المليارات من التفاعلات اليومية، يصبح الحجم التراكمي لاستهلاك الطاقة كبيرًا.

وفي الوقت الحالي، تمثل مراكز البيانات نحو 2% من إجمالي استهلاك الكهرباء عالمياً، مع تحذيرات من ارتفاع هذه النسبة بشكل ملحوظ خلال السنوات القادمة، بفعل الانتشار الواسع لتطبيقات الذكاء الاصطناعي.

عالم الذكاء الاصطناعي الإنتاجي: كيف يحدث ثورة في الإبداع والابتكار

مستقبل مراكز البيانات.. 3 ركائز لتحقيق الاستدامة

ووسط هذه التحديات، قدم تقرير "سيجايت" خارطة طريق تعتمد على ثلاث ركائز رئيسية، لتقليل البصمة الكربونية لمراكز البيانات، ولمستقبل بيانات أكثر استدامة:

1. الابتكار التكنولوجي

ترى "سيجايت" أن تطوير تكنولوجيا التخزين، هو الحل الأول لتقليل الانبعاثات، مثل منصة «Mozaic 3+»، التي ترفع كفاءة السعة التخزينية 3 أضعاف في المساحة، وتقلل البصمة الكربونية بأكثر من 70% لكل تيرابايت، وتخفض تكلفة التيرابايت بنسبة 25%

2. إطالة عمر الأجهزة وإعادة الاستخدام

أوضح التقرير أن تعزيز ممارسات تجديد وإعادة استخدام المعدات لخفض النفايات وتقليل التكاليف.

3. المسؤولية المشتركة عبر سلسلة التوريد

تعزيز التعاون بين جميع الأطراف المعنية (المزودين والمصنعين ومشغلي الخدمات السحابية) لضمان خفض الانبعاثات عبر جميع النطاقات البيئية.

وأوضح فايست أنه لا يمكن حل مشكلة الاستدامة بمعزل عن غيرها، ولا بد من اتباع نهج شامل يشمل البنية التحتية، ودورة حياة المعدات، والتعاون على مستوى الصناعة بالكامل.

كيف يمكن أن يكون الذكاء الاصطناعي مصدرًا

تأثير التفاعل المهذب على استجابة الذكاء الاصطناعي

ورغم الجدل حول استهلاك الطاقة، يؤكد خبراء الذكاء الاصطناعي أن استخدام لغة مهذبة عند التفاعل مع الروبوتات لا يحمل فقط بُعداً أخلاقياً، بل يؤثر فعلياً على جودة الاستجابات.

وأشار كورتيس بيفرز، مدير فريق التصميم في Microsoft Copilot، إلى أن التعامل باحترام مع الذكاء الاصطناعي يساعد على خلق ردود أكثر تعاوناً واحترافية.

وقد كشف استطلاع أجري عام 2024 أن نحو 67% من الأميركين يستخدمون لغة مهذبة بانتظام أثناء تفاعلهم مع روبوتات الدردشة، في مؤشر على وعي متزايد بأهمية أسلوب التخاطب حتى مع الآلات.

مسؤولية عالمية لمستقبل أكثر خضرة

واستند التقرير  إلى بيانات مستقاة من 11 سوقاً عالمياً شملت شملت الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، والصين، والهند، وفرنسا، ألمانيا، واليابان، وسنغافورة، وأستراليا، وتايوان وكوريا الجنوبية.

وأكد أن تحديات الاستدامة ليست محلية بل عالمية، ويستمر الذكاء الاصطناعي في إعادة تشكيل حياتنا اليومية والاقتصادات الرقمية، ويصبح من الضروري إعادة التفكير بشكل جذري في كيفية إدارة مراكز البيانات، لتحقيق توازن دقيق بين الابتكار والكفاءة البيئية.
 

Short Url

showcase
showcase
search