الأرابيسك والزجاج المعشق، سحر الشرق في تصاميم العصر الحديث (فيديو)

في زمنٍ تتسارع فيه وتيرة الحياة، وتغزو التكنولوجيا أدق تفاصيل يومياتنا، ما زالت هناك فنون عريقة تقف شامخة، تحكي قصصاً عن أصالة وجمال يصعب اندثارهما.
ومن بين هذه الفنون، يبرز فن الأرابيسك والزجاج المعشق كلوحة حية تنبض بسحر الشرق، ودقة النقش، وروعة الألوان.

فن الأرابيسك هو فن شرقي قديم يعتمد على زخارف هندسية ونباتية متداخلة، ويُنفذ غالبًا على الخشب. نراه جليًا في الأبواب والنوافذ والأسقف، وحتى في الأثاث، مانحًا للمكان روحًا من الجمال والهيبة.

أما الزجاج المعشق، فهو عمل فني يُركب فيه الزجاج الملوّن داخل إطارات من الرصاص أو النحاس، لينتج عنه لوحة ضوئية آسرة، نشاهدها في النوافذ والقباب وأحيانًا في وحدات الإضاءة. 

ويُعد هذا الفن من أجمل الفنون البصرية في العمارة الإسلامية، كما يحتل مكانة بارزة في الكنائس القبطية.

فمن أين بدأت حكاية هذا الفن؟

نشأ فن الأرابيسك في العصور الإسلامية الأولى، وازدهر في العصرين العباسي والعثماني. 

أما الزجاج المعشق، فأصوله تعود إلى بلاد الشام ومصر، ومنها انتقل إلى أوروبا خلال الحروب الصليبية، ثم عاد إلى الشرق مرة أخرى وقد اكتسب تقنيات جديدة. 

مدن مثل القاهرة ودمشق لعبت دوراً محورياً في تطوير هذا الفن والحفاظ عليه.

كيف يُصنع الأرابيسك؟

يبدأ العمل باختيار نوع الخشب المناسب كالجوز أو الزان.

يُرسم التصميم على الخشب بتكرارات هندسية دقيقة، ثم يُفرّغ باستخدام الإزميل والمنشار.

بعدها تُجمع القطع وتُثبت بالغراء، ثم تُصنفر وتُلمّع للوصول إلى التحفة الفنية النهائية.

أما صناعة الزجاج المعشق فتتم عبر خطوات فنية دقيقة:

يُصمّم الشكل على الورق بمقاسات مضبوطة، ثم يُقطع الزجاج وفقاً للتصميم، ويُجمع داخل قنوات من الرصاص أو النحاس، وفي المرحلة الأخيرة، يُلحَّم الزجاج وتُثبت أجزاؤه بعناية.

فيما يُستخدم هذا الفن ؟

    •    في ديكورات الفلل والفنادق الفاخرة.
    •    في المساجد والكنائس التاريخية.
    •    في واجهات المباني القديمة.
    •    في التحف والهدايا الفنية.
وقد بدأ عدد من المصممين المعاصرين في إدماج هذه الفنون ضمن التصاميم الحديثة، لخلق توازن بين الماضي والحاضر.

لكن بطبيعة الحال، يواجه هذا الفن بعض التحديات، مثل:
    •    انخفاض الطلب على المنتجات الأصلية لصالح المنتجات الصناعية.
    •    قلة عدد الشباب المهتمين بتعلم هذه الحِرَف بسبب ضعف العائد المادي وقلة مراكز التدريب.
    •    وارتفاع أسعار الخامات، خصوصًا تلك التي تُستورد من الخارج.

فهل سيتمكن فن الأرابيسك من مقاومة الزمن، أم أنه سيندثر كما اندثرت فنونٌ أخرى؟، السؤال ما زال مفتوحًا، لكن يبقى الأمل معقودًا على من يُدرك قيمة الجمال المتجذر في تراثنا.