أكثر من 2 مليون برميل خلال خمس سنوات، أين ذهبت أموال النفط الليبي؟
الإثنين، 21 أبريل 2025 07:07 م

النفط الليبي
تحليل/ كريم قنديل
رغم أن ليبيا تضخ أكثر من مليون و250 ألف برميل يوميًا، وتخطط للوصول إلى 2 مليون برميل خلال خمس سنوات، إلا أن المواطن الليبي لا يرى من هذه الثروة سوى صور الأقمار الصناعية التي تُظهر نقالات النفط وهي تغادر الموانئ، تاركة وراءها طرقًا متهالكة ومستشفيات بلا أدوية.

منذ أن طُويت صفحة القذافي، والبلد يعيش على وقع سؤال واحد، من يملك النفط؟ ومن يتحكم في عائداته؟
أموال بالمليارات.. في حساب واحد فقط
في السنوات الثلاث الماضية، حققت ليبيا أكثر من 105 مليارات دولار من صادرات النفط، لكن بدل أن تُوزَّع هذه الأموال على كل الليبيين، دخلت كلها في حساب واحد، مصرف ليبيا المركزي في طرابلس، الطرف الآخر في المعادلة الحكومة المكلفة من البرلمان في الشرق وقوات خليفة حفتر، يرى في هذا احتكارًا للثروة، ويصف الأمر بـالسطو المالي المقنّن.
ولأنهم لا يملكون مفاتيح المصرف، بدأوا باللعب على وتر آخر، إغلاق الحقول والموانئ، في رسالة واضحة، "النفط لنا جميعًا، أو لا نفط لأحد".
تحديات أمنية واضطرابات متكررة
رغم التحديات الأمنية والاضطرابات المتكررة، يبدو أن ليبيا تسير بثقة نحو تعزيز موقعها كلاعب مهم في سوق الطاقة العالمية، حيث أعلنت المؤسسة الوطنية للنفط أن متوسط الإنتاج لهذا العام بلغ 1.4 مليون برميل يوميًا، متجاوزًا المعدل المستهدف لأول مرة منذ سنوات.
هذا الرقم، الذي يُعد الأعلى منذ عام 2013، لا يعكس فقط تحسنًا في البنية التحتية والإدارة، بل يُظهر أيضًا رغبة حقيقية في استعادة مكانة ليبيا داخل منظمة "أوبك" كدولة منتجة يمكن التعويل عليها، رغم هشاشة الوضع السياسي.
لكن هذه الطفرة الإنتاجية لم تأتِ دون عقبات، فقد تخللتها موجات من إعلان القوة القاهرة نتيجة اشتباكات مسلحة وانقسامات إدارية، ومع ذلك، يُعلن رئيس المؤسسة، فرحات بن قدارة، عن نية لطرح أول جولة عطاءات استكشافية منذ 2011، في خطوة تُعد جريئة وطموحة لجذب الاستثمارات الأجنبية من جديد.

النفط.. سلاح تفاوض بيد الجنرالات
في أبريل 2022، وبدون سابق إنذار، توقفت عشرات الآبار والموانئ عن العمل، السبب؟ غضب الشرق من طريقة توزيع العائدات، التقديرات تشير إلى خسائر يومية بالملايين، لكن الرسالة السياسية وصلت، لا يمكن لحكومة طرابلس أن تصرف كما تشاء دون حساب.
وبينما تتصارع الحكومتان على الكعكة، تحاول مؤسسة النفط الليبية أن تلعب دورًا تقنيًا ومحايدًا، رئيسها الحالي يعلن بفخر عن تحقيق أرقام إنتاج غير مسبوقة، لكنه يُدرك جيدًا أن الأرقام وحدها لا تطفئ الحرائق السياسية.
الشركات الأجنبية بين طرابلس وبنغازي
شركات مثل إيني الإيطالية وتوتال الفرنسية وريسبول الإسبانية وكونوكو فيليبس الأمريكية، تعمل اليوم في بيئة سياسية معقدة، تراخيصها من طرابلس، لكن كثير من آبارها في مناطق حفتر، ما يعني عمليًا أنها تُنتج بإذن طرف، وتدفع لطرف آخر، وتحاول إرضاء الجميع لتستمر في العمل.
الجنرال حفتر نفسه بدأ يطرق أبواب هذه الشركات، مطالبًا بحصته من الكعكة، ومُلمحًا إلى أنه قد يُغلق الصنبور إذا لم يحصل على ما يراه حقه.
صندوق العائدات.. حلم لا يجد طريقه
طرح بعض السياسيين فكرة إنشاء صندوق سيادي شفاف تُودع فيه عائدات النفط، وتُوزع بموجب خطة متفق عليها، فكرة ناضجة، لكنها تصطدم بجدار من الشكوك والاتهامات المتبادلة، كل طرف يخشى أن يُسلم أمواله لعدو الأمس، وصديق اليوم الذي قد ينقلب غدًا.
مجلس الأمن تدخل وقال كلمته، "ثروات ليبيا ملك لكل الليبيين"، لكن الكلمة في ليبيا، كما يعرف الجميع، لا تُقال في نيويورك، بل تُكتب على أبواب الحقول النفطية المغلقة.

هل تصبح ليبيا منقذ أوروبا الطاقي؟
الفرصة التاريخية تلوح في الأفق، أوروبا تبحث عن بدائل للغاز الروسي، وليبيا على بعد خطوات منها وتملك واحدة من أغنى الاحتياطيات في إفريقيا، لكن إذا لم تُحل عقدة العائدات، فقد تفقد ليبيا ثقة العالم وتخسر استثمارات هي في أمسّ الحاجة لها.
ثروة في مهب السياسة
النفط في ليبيا ليس مجرد وقود، بل وقود سياسي يغذي الصراع أكثر مما يغذي محطات الكهرباء، طالما بقيت العائدات في يد طرف دون آخر، سيظل الصراع مستعرًا، وسيفتح النفط صنبور الخلاف بدلًا من أن يغلقه.
فهل تنجح ليبيا في تحويل ذهبها الأسود من نقمة إلى نعمة؟ أم ستبقى الثروة رهينة للخرائط السياسية المتغيرة والمصالح الإقليمية المتصارعة؟
Short Url
البابا المتواضع، تعرف على أبرز مواقف الراحل البابا فرنسيس
21 أبريل 2025 07:53 م
ثورة في إدارة النفايات، مشروع "العاشر من رمضان" يفتح بوابة الاقتصاد الدائري في مصر
21 أبريل 2025 07:15 م
أسعار الذهب تقفز بنسبة 2.35% عالميًا، فهل نشهد أرقامًا قياسية جديدة خلال 2025؟
21 أبريل 2025 07:11 م


أكثر الكلمات انتشاراً