صدمة برميلية، «أوبك+» تفاجئ الأسواق بزيادة الإنتاج وأسعار النفط تهوي لأدنى مستوى
الخميس، 17 أبريل 2025 12:07 ص

منظمة أوبك بلس
تحليل/ كريم قنديل
في خطوة غير متوقعة، أعلنت منظمة أوبك بلس بدء التراجع التدريجي عن التخفيضات الطوعية التي بلغت 2.2 مليون برميل يوميًا، كان ذلك اعتبارًا من الأول من أبريل، جاء هذا القرار ليُحدث صدمة في الأسواق، حيث انخفضت أسعار النفط بشكل حاد، فيما سارع المحللون للبحث عن تفسيرات لهذا التحوّل المفاجئ.

قرار اقتصادي أم استجابة لضغوط سياسية؟
البعض فسّر القرار على أنه رضوخ لضغوط من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي طالما دعا إلى خفض أسعار النفط لدعم الاقتصاد المحلي، فيما ذهب آخرون إلى القول إن التوقعات المتفائلة بشأن الطلب على النفط كانت وراء هذه الخطوة، خاصة أن أوبك نفسها نشرت أرقامًا تفوق تقديرات وكالة الطاقة الدولية.
لكنّ القراءة الأكثر دقة تشير إلى أن القرار قد يكون نتاجًا لحسابات داخلية معقّدة داخل أوبك بلس، أكثر من كونه استجابة لمتغيرات خارجية.
عقاب جماعي للمخالفين؟
ثمّة فرضية قوية مفادها أن السعودية القائد الفعلي لأوبك بدأت تفقد صبرها تجاه الدول التي تُنتج فوق حصصها، مثل العراق، روسيا، والإمارات، بدلاً من انتظار التزام هذه الدول بسقف الإنتاج، يبدو أن السعودية قررت الرد بزيادة إنتاجها، في ما يشبه العقاب الجماعي، إذا كان الجميع يخرق القواعد، فلنُعد كتابة القواعد.
وفي هذا السياق، تُشير التقارير إلى أن العراق قد يزيد إنتاجه بعد اتفاق جديد مع كردستان العراق، في حين تُطرح احتمالية لتخفيف العقوبات الأميركية على روسيا، ما قد يفتح الباب أمام المزيد من الإمدادات الروسية للأسواق، أما الإمارات، فقد تأخرت مرارًا في تنفيذ حصتها الجديدة، مما يعزز فرضية التساهل أو حتى التحدي المتعمّد.

هل السوق جاهزة لهذا الفائض؟
رغم المخاوف من تخمة في المعروض، تراهن أوبك+ على تحسّن تدريجي في الطلب العالمي خلال النصف الثاني من العام، ووفقًا لتقديرات المنظمة نفسها، فإن الأسواق قد تستوعب زيادة تدريجية في الإمدادات دون تأثير كبير على الأسعار، لكن وكالة الطاقة الدولية ترى العكس، إذ تتوقع زيادة في المخزونات بمعدل مليون برميل يوميًا، ما قد يُضعف الأسعار بشكل ملحوظ.
بين الحذر والتفاؤل: رسالة مزدوجة
في بيانها الرسمي، تركت أوبك بلس الباب مفتوحًا لتجميد أو عكس قرار زيادة الإنتاج إذا تدهورت الأسعار، هذه الرسالة تعكس إدراكًا داخليًا لحساسية المرحلة، لكنها أيضًا تعطي إشارة تفاؤل بأن السوق قادر على امتصاص الفائض.
في المحصلة، يبدو أن أوبك بلس تلعب لعبة مزدوجة، محاولة ضبط السوق دون التضحية بحصصها، ومعاقبة الدول غير الملتزمة دون إعلان صريح، والتحرك وفق رؤيتها الخاصة للطلب، لا استجابةً فورية لضغوط السياسة أو الأسواق.

انهيار أسعار النفط
في واحدة من أعنف الهزات التي ضربت أسواق الطاقة العالمية في السنوات الأخيرة، هوت أسعار النفط إلى أدنى مستوياتها منذ أربع سنوات، متأثرة بعاصفة من التوترات التجارية أشعلها الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
فبينما لم تهدأ بعد تداعيات قرار فرض رسوم جمركية جديدة على الواردات، تعمقت المخاوف من ركود عالمي محتمل وسط تقاطع نيران السياسة، والاقتصاد، واحتدام معركة الهيمنة على سوق النفط.
تعرفة ترامب ترعب الأسواق
هبطت العقود الآجلة لخام برنت بنسبة 5.5%، في حين خسر خام غرب تكساس الوسيط 5.7% من قيمته، ويعود السبب المباشر إلى دخول التعريفات الجمركية الجديدة حيز التنفيذ، والتي تشمل معدلات تبدأ من 10% وتصل إلى 50% على واردات من دول صناعية رئيسية في آسيا، وعلى رأسها الصين.
ورغم محاولات التهدئة، جاء الرد الصيني سريعًا، ليرد ترامب بتعرفة تصل إلى 104% على منتجات صينية إضافية، مما رفع منسوب التوتر وأشعل مخاوف الأسواق بشأن دورة انتقام تجاري لا نهاية لها.
الأسواق الآسيوية تنزف
أربع من كبرى الدول المستهلكة للنفط الصين، الهند، اليابان، وكوريا الجنوبية تضررت بشدة من التعريفات الأميركية، ما ينذر بتراجع كبير في الطلب على الخام، هذه الضربة المباشرة لقطاع التصنيع في آسيا قد تؤدي إلى انخفاض النشاط الصناعي، وبالتالي خفض واردات النفط، في وقت كانت الأسواق تئن أصلًا من ضعف في الأساسيات وارتفاع في الإمدادات.

اللاعب السعودي يتحرك: صدمة مضاعفة للأسواق
وفي لحظة بدا فيها أن السوق بحاجة لضبط الإنتاج لدعم الأسعار، فاجأت السعودية الجميع بإعلان زيادة ضخمة في إنتاجها من النفط، بواقع 411 ألف برميل يوميًا، وهي كمية تفوق بثلاثة أضعاف الهدف الشهري المُعلن سابقًا، ليس ذلك فحسب، بل خفّضت شركة أرامكو أسعار البيع الرسمية لآسيا للشهر الثاني على التوالي، ما يزيد من ضغط الأسعار، ويثير تساؤلات حول ما إذا كانت المملكة تستهدف حصص السوق أكثر من استقرار السوق.
البعض يرى في هذه الخطوة مناورة استراتيجية تهدف إلى إخراج المنتجين ذوي التكلفة المرتفعة، خصوصًا في الولايات المتحدة، من المنافسة. فمع امتلاك السعودية لنحو 3 ملايين برميل يوميًا من الطاقة الفائضة، فإنها قادرة على ضخ المزيد من النفط في أي لحظة.
سيناريوهات مفتوحة: إلى أين تتجه الأسعار؟
في ظل تمدد المراكز البيعية (Short Positions) في أسواق النفط، فإن أي بادرة انفراج في العلاقات التجارية الأميركية مع الصين قد تدفع الأسعار للارتداد، غير أن الواقع يشير إلى تصلب مواقف الطرفين، ما يعني أن خطر الانزلاق إلى حرب تجارية شاملة لا يزال قائمًا وبقوة.
حتى لو هدأت عاصفة التعريفات، فإن ضبابية المشهد الاقتصادي العالمي، واستمرار ارتفاع الإنتاج من دول أوبك وخارجها، كلها عوامل تحد من احتمالات أي تعافٍ كبير في الأسعار، في أفضل السيناريوهات، قد تعود الأسعار إلى مستويات مارس، لكنها ستبقى بعيدة عن أي ارتفاعات تُرضي المنتجين.

النفط رهينة للسياسة
ما نشهده اليوم ليس مجرد تصحيح سعري تقوده قوى العرض والطلب، بل تداخل معقّد بين حسابات سياسية، وتوازنات اقتصادية، ومنافسات جيواستراتيجية، وبينما تبقى الأسواق تحت وطأة مخاوف الركود وتقلّبات القرارات السياسية، فإنّ مستقبل النفط مرهون باتفاقات لم تُعقد بعد، ومفاوضات لا يبدو أنها ستُثمر قريبًا.
اختبار جديد للنفوذ السعودي
سيكون الشهور المقبلة اختبارًا حقيقيًا لاستراتيجية أوبك+ الجديدة، فهل تنجح المجموعة في تحقيق توازن دقيق بين الوفرة والاستقرار؟ أم أن السوق سيُعاقب الجميع بانخفاض حاد في الأسعار؟ الأكيد أن قرار أبريل ليس مجرد تعديل إنتاجي، بل علامة فارقة في ديناميكيات التحالف النفطي الأكبر في العالم.
Short Url
الدولار ليس بخير، أزمة صامتة تهز الاقتصاد العالمي
17 أبريل 2025 05:44 م
من 14 إلى 50 جنيهًا، كيف تطور دعم التموين للمواطن المصري؟
17 أبريل 2025 04:20 م
136 مليار يورو حجم سوق الأغذية العضوية عالميًا، ومصر تقول كلمتها
17 أبريل 2025 01:38 م


أكثر الكلمات انتشاراً