-
حالات تسمم، تشميع 11 فرع لـ بلبن بمنطقتي الشيخ زايد والجيزة.. تفاصيل
-
"السكر بـ 12.6 والمكرونة بـ 6.5"، استقرار ملحوظ في السلع التموينية
-
"الذهب يلمع مجددًا"، انتعاش في المبيعات بعد ركود موسم رمضان والعيد
-
مشروعات شركة نخيل لم تتجاوز 50% من البناء، أحد الملاك: ندفع منذ 5 سنوات والشركة لم تلتزم بمدد التسليم بالعقد
من حلم الفراعنة إلى سماء 2030: الطيران المدني المصري يحلق نحو المستقبل
الثلاثاء، 15 أبريل 2025 09:47 م

الطيران المصري
كتب/ كريم قنديل
في مشهد يتداخل فيه عبق التاريخ مع طموح المستقبل، تلعب المطارات المصرية اليوم دورًا محوريًا في استراتيجية الدولة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، حيث تُعدّ هذه الموانئ الجوية بمثابة شرايين حيوية تربط مصر بالعالم، وتفتح آفاقًا واسعة للسياحة والاستثمار والتبادل التجاري.

من حلم الفراعنة إلى واقع اليوم
لم تكن فكرة الطيران حديثة على المصريين، بل إن جذورها تعود إلى آلاف السنين، حيث ظهرت في النصوص الهيروغليفية ثلاث كلمات تعني "يطير"، لأكثر من 4500 سنة ق.م، مما يعكس شغف المصري القديم بفكرة التحليق في السماء.
ويُقال إن نموذجًا لطائرة شراعية من خشب الجميز، يعود إلى عام 2200 قبل الميلاد، قد تم العثور عليه في منطقة سقارة، صنعه مصري قديم كان يحلم بالتحليق مثل الطيور.
هذا الحلم لم يتوقف، بل ظل متقدًا حتى أصبح واقعًا في العصر الحديث.
ولادة الطيران المدني المصري
في يوم مشهود من أيام يناير عام 1930، هبط الطيار المصري محمد صدقي بطائرته في مطار هليوبوليس بعد رحلة جوية استغرقت خمسة عشر يومًا انطلقت من برلين، ليعلن بهذا الإنجاز بداية عصر الطيران المدني المصري، ومنذ ذلك الحين، أصبح يوم 26 يناير عيدًا قوميًا للطيران المدني في مصر.
ولم يمر عامان حتى تم تأسيس أول شركة طيران وطنية مصرية في 7 مايو 1932 بموجب مرسوم ملكي، حملت اسم "مصر للطيران"، لتكون بذلك أول شركة طيران في الشرق الأوسط وأفريقيا، والسابعة على مستوى العالم.
وكان الغرض من إنشائها هو تقديم خدمات الطيران التجاري والمدني، إلى جانب تدريب الكوادر المصرية على فنون الطيران والملاحة الجوية.
بدأت مصر للطيران عملها بأربع طائرات فقط، لكنها سرعان ما توسعت في عام 1933 بشراء طائرات "دي هافيلاند 86" ذات الأربعة محركات، التي كانت تتسع لستة عشر راكبًا، وتُدار من قبل طيارين وموظف لاسلكي.

مدارس الطيران.. بناء جيل من المحلقين
وفي يونيو من العام نفسه، تأسست مدرسة مصر للطيران بمطار ألماظة لتدريب الطيارين المصريين على قيادة الطائرات، وهو ما ساهم في بناء نواة قوية من الكوادر الوطنية المؤهلة.
ولاحقًا، تم افتتاح مدرسة ثانية في مطار الدخيلة بالإسكندرية في يوليو 1933، لمواكبة الإقبال المتزايد على تعلم الطيران، مما جعل مصر من أوائل الدول في المنطقة التي تهتم بتعليم علوم الطيران بشكل مؤسسي.
ألماظة... أول مطار مصري خالص
في وقت كانت فيه المطارات داخل مصر تحت الإشراف البريطاني، برزت الحاجة الماسة لإنشاء مطار مصري وطني، وكانت البداية بمطار ألماظة، الذي تم افتتاحه رسميًا في 2 يونيو 1932، تزامنًا مع وصول أول سرب من سلاح الطيران المصري من إنجلترا.
وقد شكل هذا الحدث نقطة تحول في تاريخ الطيران المصري، حيث تبعه صدور أول مرسوم ينظم الملاحة الجوية عام 1935.
ولم يكن عام 1945 أقل أهمية، إذ شهد إصدار مرسوم بإنشاء مصلحة الطيران المدني التي تولت إدارة وتنظيم مرفق الطيران المدني في البلاد، مما أرسى دعائم قوية لتطور القطاع في العقود التالية.
خريطة المطارات اليوم.. شبكة تربط الحاضر بالمستقبل
تمتلك مصر اليوم 17 مطارًا موزعين على مختلف المحافظات، من بينها 14 مطارًا دوليًا، ومطاران محليان، بالإضافة إلى مطار واحد يعمل بنظام (BOT).
هذه الشبكة المتطورة تمثل بنية تحتية استراتيجية تساهم في تعزيز الاقتصاد الوطني، حيث تلعب دورًا محوريًا في تسهيل حركة الأفراد والبضائع، وتدعيم قطاعي السياحة والتجارة.
وتتسارع الخطى حاليًا نحو تطوير هذه المطارات وتحديثها بما يتماشى مع أعلى المعايير الدولية، في ظل رؤية مصر 2030 التي تضع النقل الجوي في قلب عملية التنمية المستدامة والشاملة.

تنظيم مصر قطاع الطيران المدني
منذ اللحظة التي حلّق فيها أول طيار مصري فوق سماء القاهرة في ثلاثينيات القرن الماضي، بدأت مصر تخط طريقها في عالم الطيران المدني، واضعةً نُصب أعينها هدفًا استراتيجيًا بأن تكون لاعبًا رئيسيًا في المنطقة. لم يكن الأمر مجرد طيران وسفر، بل منظومة متكاملة بدأت بتنظيم الملاحة الجوية وتطورت حتى أصبحت قطاعًا اقتصاديًا مستقلًا وواعدًا.
1935: بداية التنظيم الرسمي للمجال الجوي
في عام 1935، أدركت الدولة المصرية أهمية وجود إطار قانوني ومؤسسي ينظم عمليات الملاحة الجوية، فصدر أول مرسوم خاص بتنظيم هذا القطاع. مثّل هذا المرسوم الخطوة الأولى نحو بناء نظام مصري حديث للملاحة الجوية، يضمن السلامة والكفاءة ويواكب التطورات العالمية في مجال الطيران.
1945: تأسيس مصلحة الطيران المدني
وفي 22 أبريل عام 1945، جاء المرسوم الثاني المهم في مسيرة الطيران المصري، حيث تم إنشاء "مصلحة الطيران المدني"، والتي أُنيط بها الإشراف على مرفق الطيران بالكامل، كان الهدف هو ضمان إدارة احترافية لقطاع آخذ في التوسع، وربطه باستراتيجيات الدولة التنموية.

1971: ميلاد وزارة الطيران المدني في عهد السادات
مع بداية السبعينيات، ومع اتساع المهام وتعدد الهيئات المرتبطة بقطاع الطيران، أصدر الرئيس الراحل أنور السادات في 3 يناير 1971 قرارًا جمهوريًا بإنشاء وزارة الطيران المدني، وتعيين اللواء مهندس أحمد نوح كأول وزير يتولى هذا الملف الحيوي.
وسرعان ما تلاحقت القرارات المنظمة، حيث صدر في نفس العام حزمة من المراسيم الجمهورية لتأسيس كيانات متخصصة، كان من أبرزها:
- الهيئة المصرية العامة للطيران المدني
- مؤسسة مصر للطيران
- هيئة ميناء القاهرة الجوي
- الهيئة العامة للأرصاد الجوية
- هيئة المعهد القومي للتدريب على أعمال الطيران المدني
كانت هذه الهيئات نواة منظومة متكاملة جمعت بين التشغيل والتنظيم والتدريب والتنبؤ الجوي، وهو ما منح القطاع بنية قوية ومتماسكة.
2002: إعادة هيكلة جذرية ونقلة نوعية في عهد مبارك
دخل قطاع الطيران المدني مرحلة جديدة من التطوير الشامل في عام 2002، بصدور القرار الجمهوري رقم 56، والذي فصل الطيران المدني عن وزارة النقل، وجعل له وزارة مستقلة لأول مرة، برئاسة الطيار أحمد شفيق، وقد اتبع هذا القرار سلسلة من الخطوات التنظيمية النوعية شملت:
إنشاء الشركة القابضة للطيران بموجب القرار الجمهوري رقم 72 لسنة 2002، والتي ضمت تحت مظلتها:
- الشركة المصرية للمطارات
- الشركة الوطنية لخدمات الملاحة الجوية
- تحويل مؤسسة مصر للطيران إلى الشركة القابضة لمصر للطيران، وفقًا لأحكام القانون 203 لسنة 1991، لتصبح كيانًا اقتصاديًا مرنًا يمكنه المنافسة على المستوى الدولي.
- إلغاء الهيئة المصرية للرقابة على الطيران المدني بموجب القرار الجمهوري رقم 154 لسنة 2002، وتوزيع اختصاصاتها على وزارة الطيران المدني مباشرة.
- إعادة تسمية الشركة القابضة للطيران لتصبح الشركة المصرية القابضة للمطارات والملاحة الجوية بموجب القرار الجمهوري رقم 155 لسنة 2002، في خطوة هدفت لتحديد التخصصات وتوزيع المسؤوليات بوضوح أكبر.
- تحويل هيئة ميناء القاهرة الجوي إلى شركة ميناء القاهرة الجوي كشركة تابعة للشركة القابضة، وذلك بقرار جمهوري رقم 156 لسنة 2002، في إطار هيكلة المطارات المصرية وتشغيلها على أسس تجارية.

الشركة الوطنية لخدمات الملاحة الجوية.. ذراع مصر في السماء
كان من بين أبرز ما تم تأسيسه أيضًا في عام 2002، الشركة الوطنية لخدمات الملاحة الجوية، والتي تَبنّت هدفًا طموحًا يتمثل في توفير مجال جوي مرن وآمن، يسهم في جعل مصر مركزًا إقليميًا رائدًا في الشرق الأوسط وأفريقيا في تقديم الاستشارات والخدمات الفنية بمجال الملاحة الجوية.
ومنذ نشأتها، تسعى الشركة لجعل المجال الجوي المصري أكثر جذبًا لحركة الطيران العالمية، من خلال تطوير أنظمة المراقبة الجوية، وتطبيق أحدث التقنيات العالمية، وتدريب الكوادر الفنية.
منظومة طيران حديثة لمستقبل طموح
بفضل هذه البنية المؤسسية الصلبة، أصبح لمصر قطاع طيران مدني قادر على المنافسة إقليميًا ودوليًا. وهو قطاع يشهد تطورًا مستمرًا في البنية التحتية والتكنولوجيا وتدريب الكفاءات، مدعومًا برؤية واضحة في إطار "استراتيجية مصر 2030".
إنها رحلة طويلة بدأت بتنظيم بسيط عام 1935، ووصلت إلى منظومة كاملة ذات طابع تجاري وإداري عالي الاحترافية، رحلة تستكمل اليوم بخطط توسعية لإنشاء مطارات جديدة، وتحسين كفاءة التشغيل، واستقطاب الاستثمارات، وتحقيق الريادة الإقليمية.
فما بين السماء والأرض، تواصل مصر بناء مستقبلها في مجال الطيران، مستفيدة من تاريخها العريق، وطموحها الذي لا يعرف حدود.
Short Url
الرياض تُحلق فوق المنطقة: الاستثمار الجريء يقود السعودية نحو اقتصاد الابتكار
16 أبريل 2025 12:30 ص
في زمن الحروب التجارية.. هل تصبح مصر الرابح الهادئ من عاصفة ترامب الجمركية؟
15 أبريل 2025 11:48 م
الطيران المصري في زمن الأزمات: أرقام تكشف التحديات والفرص
15 أبريل 2025 10:32 م


أكثر الكلمات انتشاراً