الثلاثاء، 01 أبريل 2025

04:05 م

ثروات العراق النفطية، طموحات كبيرة وإصلاحات ضرورية لتحقيق نهضة اقتصادية

الأحد، 30 مارس 2025 04:48 م

النفط العراقي

النفط العراقي

كتب/ كريم قنديل

 يمتلك العراق واحدة من أكبر الثروات النفطية والغازية في العالم، حيث يُعد من كبار المنتجين والمصدرين للطاقة، إلا أن هذه الثروات الهائلة لا تكفي وحدها لضمان تحول اقتصادي مستدام، مع احتياطيات نفطية تقدر بعشرات التريليونات من الدولارات، يسعى العراق لتوسيع إنتاجه النفطي وتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز، بينما يواجه تحديات كبيرة في تحديث البنية التحتية، وتنفيذ إصلاحات حيوية.

النفط العراقي

لكن رغم هذه الثروات الهائلة، يظل السؤال قائمًا: هل سيتمكن العراق من تحويل هذه الموارد إلى طاقة اقتصادية مستدامة ومزدهرة؟

 أكبر الثروات النفطية في العالم

العراق، ذلك البلد الذي يمتلك واحدة من أكبر الثروات النفطية في العالم، يقف اليوم على مفترق طرق في طريقه نحو تحديث اقتصاده وتوسيع قدراته الإنتاجية، فمع احتياطيات نفطية تقدر بحوالي 148 مليار برميل، تساوي قيمتها السوقية نحو 10.6 تريليون دولار، وحقل غاز يمتد إلى 132 تريليون قدم مكعبة، تقدر قيمته بـ514 مليار دولار، يظهر العراق باعتباره واحدًا من اللاعبين الأساسيين في سوق الطاقة العالمية.

طموحات كبيرة في رفع الإنتاج: تحديات تتخطى الأرقام

سعت الحكومة العراقية لرفع إنتاج النفط إلى 6 ملايين برميل يوميًا بحلول عام 2029 يعكس طموحات ضخمة في تحقيق نقلة نوعية في قطاع الطاقة، لكن هذا الهدف رغم أنه يبدو واقعيًا بالنظر إلى الاحتياطيات الهائلة، يواجه العديد من التحديات. 

البنية التحتية لقطاع النفط العراقي، بما في ذلك خطوط الأنابيب، محطات التصدير، ومستودعات التخزين، بحاجة ماسة إلى تحديث لضمان زيادة الإنتاج بكفاءة، كما أن البيروقراطية المعقدة والظروف الأمنية قد تمثل عوائق جادة أمام جذب الشركات العالمية للاستثمار في القطاع.

ورغم هذه العقبات، استطاع العراق جذب استثمارات ضخمة من شركات طاقة عالمية مثل "توتال إنرجيز" و"بي بي" و"سينوبك"، مما يُعد مؤشرًا على الثقة في إمكانيات العراق النفطية، لكن هذه الخطوات، رغم أهميتها، لا تكفي لتحقيق الاكتفاء الذاتي أو تطوير القطاع بالشكل الذي يتماشى مع الطموحات الوطنية.

قطاع النفط العراقي

الغاز الطبيعي: مصدر واعد ومستقبل غير مؤكد

على صعيد الغاز الطبيعي، بدأ العراق في تقليص اعتماده على الغاز الإيراني المستورد، وهو ما يعد خطوة استراتيجية نحو تعزيز الأمن الطاقوي. يمتلك العراق حقول غاز ضخمة مثل حقل عكاز، الذي يحتوي على احتياطي ضخم يقدر بـ6.5 تريليون قدم مكعبة، وإذا ما تم استثمار هذه الثروات بشكل جيد، قد يصبح العراق مكتفيًا ذاتيًا من الغاز، بل ويحقق الاكتفاء الذاتي في المستقبل القريب.

لكن ورغم هذه الإمكانيات، لا يزال العراق يواجه تحديات في تطوير صناعة الغاز، بما في ذلك مشاكل النقل والبنية التحتية غير الكافية، فضلًا عن الحاجة إلى استثمارات إضافية لتحقيق الأهداف الطموحة في هذا القطاع.

الانتقال إلى الطاقة المتجددة: خطوة نحو المستقبل

في خطوة نحو التنويع، بدأ العراق أيضًا في تطوير مشاريع للطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية والرياح، مع دعم حكومي يتيح للمواطنين تركيب أنظمة طاقة شمسية من خلال قروض ميسرة، كما بدأ العراق في الربط الكهربائي مع دول الجوار، مما سيساهم في تعزيز استقراره الطاقوي، هذه المبادرات قد تسهم في تعزيز قطاع الطاقة، لكنها لن تحل محل النفط والغاز في المدى القريب.

الغاز الطبيعي

أزمة حرق الغاز: تحول نحو الفاعلية البيئية

إحدى النقاط السلبية الكبرى في سجل العراق الطاقوي هي كمية الغاز المصاحب الذي يتم حرقه، والتي كانت تصل إلى 18 تريليون قدم مكعبة سنويًا حتى عام 2023، مما يسبب خسائر اقتصادية ضخمة وتلوث بيئي، ومع الإجراءات الأخيرة لتقليل حرق الغاز بنسبة تصل إلى 67%، يطمح العراق للوصول إلى 80% بحلول نهاية عام 2024، وإذا سارت الأمور وفقًا للخطة، قد يصبح العراق مصدرًا للغاز بدلاً من مجرد مستهلك له بحلول عام 2027، وهو ما يعزز مكانته الاقتصادية ويعكس تحولًا في طريقة استغلال موارده.

العراق بين الفرص والتحديات: هل سيكون قادرًا على تحقيق نهضته الاقتصادية؟

المستقبل الاقتصادي للعراق يبدو واعدًا، خاصة في قطاع الطاقة الذي يعد أساس أي تنمية مستدامة، إلا أن التحديات التي تواجه هذا القطاع ليست بسيطة، فالبنية التحتية بحاجة إلى تطوير جذري، والبيئة الاستثمارية تحتاج إلى مزيد من الإصلاحات الجذرية التي تضمن استقطاب الشركات الأجنبية والحفاظ على استقرارها.

مع ذلك، يبقى العراق في موقع متقدم نسبيًا بين الدول النفطية في منطقة الشرق الأوسط، إذا تمكن من تجاوز تحدياته الأمنية والإدارية، فإن الثروات الطبيعية الهائلة التي يمتلكها يمكن أن تكون مفتاحًا لتحقيق نهضة اقتصادية قد تكون غير مسبوقة. 

لكن السؤال يبقى: هل سيستطيع العراق التكيف مع المتغيرات الاقتصادية العالمية، أم أن التحديات الداخلية ستظل تعرقل تحقيق هذه الطموحات؟

Short Url

search