من فن الأرستقراطيين إلى حرفة شعبية، كيف تحول الديكوباج عبر العصور؟
السبت، 05 أبريل 2025 05:30 ص

تحول الديكوباج عبر العصور
كان الديكوباج يومًا ما فنًا حصريًا للطبقات الأرستقراطية والنخبة، يُستخدم في تزيين القصور والقطع الفاخرة، لكنه تحول تدريجيًا إلى حرفة شعبية يمارسها الفنانون والهواة حول العالم.
فما هي العوامل التي ساهمت في هذا التحول؟ وكيف انتقل الديكوباج من بلاط الملوك إلى المشروعات الصغيرة وورش الهواة؟
_1800_103958.jpg)
البدايات الأرستقراطية: فن الفخامة والتزيين الملكي
ظهر فن الديكوباج لأول مرة في الصين في القرن الثاني عشر، حيث كان يُستخدم في تزيين الفوانيس الورقية والصناديق والأثاث. لكنه لم يكن مرتبطًا بالطبقات الأرستقراطية إلا عندما وصل إلى أوروبا عبر طريق الحرير في القرن السابع عشر.
وفي إيطاليا، بدأ الحرفيون في تقليد الزخارف الفاخرة التي تزين القصور باستخدام الديكوباج، مما جعله يُعرف باسم "فن الفقراء"، حيث كان بديلًا اقتصاديًا للوحات الزيتية والزخارف الباهظة.
في فرنسا خلال القرن الثامن عشر، أصبح الديكوباج فنًا راقيًا يُمارس في بلاط الملك لويس الخامس عشر، حيث كانت السيدات الأرستقراطيات يقمن بقص الصور من المجلات والكتب القديمة ولصقها على الأثاث والجدران، ثم يتم تغطيتها بطبقات من الورنيش لإعطائها مظهرًا راقيًا يشبه اللوحات المرسومة.
وفي إنجلترا، أصبح الديكوباج جزءًا من الأنشطة التي تمارسها الطبقات الراقية كنوع من الترفيه الفني.
_1800_104200.jpg)
الثورة الصناعية: بداية التحول نحو العامة
مع دخول القرن التاسع عشر، بدأت الثورة الصناعية في تغيير ملامح المجتمع الأوروبي، حيث أدى تطور الطباعة والإنتاج الضخم للورق المزخرف إلى جعل مواد الديكوباج أكثر توفرًا وأقل تكلفة.
ولم يعد هذا الفن مقتصرًا على النخبة، بل بدأ ينتشر بين الطبقات الوسطى، حيث استخدمه الكثيرون لتزيين منازلهم بطريقة إبداعية وبتكلفة أقل من شراء الأثاث المزخرف باليد.
كما ساعدت التغيرات الاجتماعية، مثل انتشار التعليم وزيادة الاهتمام بالفنون الحرفية، في جعل الديكوباج نشاطًا متاحًا للجميع، خاصة مع ظهور كتب إرشادية تعلم تقنياته، مما جعله أكثر انتشارًا بين عامة الناس.

القرن العشرون: انتشار عالمي وحرف يدوية شعبية
مع بداية القرن العشرين، تطور الديكوباج ليصبح حرفة شعبية تمارسها مختلف الفئات الاجتماعية، بفضل توفر المواد الحديثة مثل الغراء الشفاف والورنيش الصناعي، مما جعل تقنياته أسهل وأقل تكلفة.
كما انتشر الديكوباج خارج أوروبا ليصل إلى الولايات المتحدة ودول أخرى، حيث بدأ يُستخدم في المشروعات الحرفية والمدارس وورش العمل الفنية.
في النصف الثاني من القرن العشرين، ساهمت حركة "افعلها بنفسك" (DIY) في زيادة انتشار الديكوباج، حيث أصبح الناس يستخدمونه لتجديد الأثاث القديم، تزيين الحوائط، وتصميم الهدايا الشخصية، ما عزز مكانته كفن شعبي وليس مجرد حرفة أرستقراطية.
_1800_104658.jpg)
الديكوباج في العصر الحديث: فن في متناول الجميع
اليوم، أصبح الديكوباج واحدًا من أكثر الفنون الحرفية شيوعًا حول العالم، حيث يتم تدريسه في المدارس ومراكز الفنون، ويستخدم في المشروعات الصغيرة وورش العمل المنزلية.
وساعدت منصات التواصل الاجتماعي والإنترنت في نشر تقنياته، حيث أصبح بإمكان أي شخص تعلم الديكوباج من خلال فيديوهات تعليمية ومقالات متخصصة.
وفي مصر، شهد الديكوباج ازدهارًا في السنوات الأخيرة، حيث تبنته المشروعات الحرفية الصغيرة كوسيلة لتجديد الأثاث القديم وإضفاء لمسات فنية على الديكورات المنزلية.
كما أن العديد من الفنانين المصريين دمجوا تقنيات الديكوباج مع الزخارف الإسلامية والفرعونية، مما خلق أعمالًا فنية تجمع بين الأصالة والحداثة.
تحول الديكوباج من فن حصري للأرستقراطيين إلى حرفة شعبية بفضل عوامل عديدة، أبرزها الثورة الصناعية، انتشار التعليم، تطور المواد المستخدمة، والثقافة الحديثة التي تشجع الإبداع والابتكار.
واليوم، أصبح الديكوباج جزءًا من الفنون الحرفية التي تتيح للجميع التعبير عن إبداعهم، ليبقى هذا الفن العريق شاهدًا على رحلة ممتدة من القصور الفاخرة إلى المشروعات المنزلية الصغيرة.
Short Url
“الديكوباج” رحلة فن القص واللصق من الصين إلى مصر والعالم
05 أبريل 2025 09:29 ص
رواد «الديكوباج»، بصمات تُعيد إحياء الحرف اليدوية
05 أبريل 2025 05:30 ص
انطلاق رالي الطائرات «Rally Siwa Sands 2025» بمشاركة عالمية لتعزيز السياحة الرياضية
04 أبريل 2025 08:53 م


أكثر الكلمات انتشاراً