الإثنين، 31 مارس 2025

08:55 م

هل تعيد هدنة البحر الأسود رسم خريطة تجارة الحبوب العالمية؟

الخميس، 27 مارس 2025 10:55 ص

صادرات القمح

صادرات القمح

كتب/كريم قنديل

مع الإعلان عن هدنة البحر الأسود، عادت صادرات الحبوب الأوكرانية إلى الاقتراب من مستوياتها قبل الحرب، بينما تواصل روسيا هيمنتها على السوق العالمي، مستفيدةً من إنتاج وفير وأسعار تنافسية، ولكن وسط هذه التحولات، يبقى السؤال الأهم: كيف سيؤثر هذا الاتفاق على التدفقات التجارية وأسعار السلع الغذائية عالميًا؟

تصدير القمح

أوكرانيا تتجاوز الضغوط.. ولكن بتكلفة

رغم الانسحاب الروسي من اتفاق تصدير الحبوب في 2023، تمكنت أوكرانيا من تأمين ممر شحن خاص بها، مدعوم بتأمين غربي وبحماية عسكرية محدودة، ومع ذلك لا تزال بعض التحديات قائمة، مثل الهجمات على البنية التحتية في أوديسا، وانخفاض الإنتاج بسبب الجفاف واحتلال أجزاء من البلاد.

تشير البيانات إلى أن صادرات القمح الأوكراني منذ يوليو 2024 بلغت 12.9 مليون طن، وهو أقل من الموسم السابق. هذا الانخفاض يعكس ليس فقط التأثير المباشر للحرب، ولكن أيضاً التحديات المناخية التي تواجه القطاع الزراعي الأوكراني، ما قد يؤدي إلى ضغوط إضافية على الأسعار العالمية.

روسيا تواصل تصدر المشهد.. ولكن بحذر

بالرغم من العقوبات الغربية، حافظت روسيا على مكانتها كأكبر مصدر للقمح في العالم، مستفيدةً من الإنتاج الضخم الذي جعل محصولها الأرخص عالميًا، ومع ذلك فإن التحديات لا تزال قائمة، حيث بدأ الروبل القوي والهوامش الضعيفة في التأثير على تدفقات الصادرات، كما أن القيود الأوروبية المفروضة على المنتجات الروسية تحدّ من قدرتها على الوصول إلى أسواق معينة.

ومن ناحية أخرى، لا تزال روسيا لاعبًا رئيسيًا في سوق الأسمدة، ما يمنحها نفوذًا إضافيًا في سلاسل الإمداد الزراعي العالمية، ولكن الاتحاد الأوروبي بدأ بالفعل في مناقشة فرض تعريفات جمركية إضافية لكبح العوائد الروسية، وهو ما قد يؤثر على تدفقات الأسمدة وبالتالي على الإنتاج الزراعي العالمي.

محصول القمح

التداعيات الاقتصادية: تأمين أرخص أم أسعار أعلى؟

قد يؤدي الاتفاق الأخير إلى تخفيف تكاليف التأمين على الشحنات في البحر الأسود، مما يساعد على خفض كلفة النقل ويزيد من تنافسية المنتجات الزراعية الأوكرانية والروسية، ومع ذلك فإن أي انتهاك للهدنة قد يؤدي إلى نتائج عكسية، مع ارتفاع أقساط التأمين وزيادة المخاطر التجارية.

في الوقت نفسه، يتوقع الخبراء أن تكون الإمدادات العالمية من الحبوب أقل في الموسم المقبل، مما قد يرفع أسعار السلع الغذائية. وتشير التقديرات إلى أن مخزونات القمح العالمية لموسم 2024-2025 ستبلغ نحو 253.6 مليون طن، وهو أدنى مستوى منذ سبع سنوات، ما يعزز المخاوف من موجة تضخم غذائي جديدة.

الأسواق تترقب.. والطقس يلعب دورًا حاسمًا

الطقس السيئ في مناطق زراعية رئيسية، مثل أوروبا الغربية وأستراليا، إضافةً إلى تأخر الإمدادات الأوكرانية، قد يضغط على أسواق القمح العالمية، وعلى الرغم من أن روسيا ستظل المصدر الأكبر، إلا أن تراجع إنتاجها المتوقع قد يؤدي إلى اضطرابات في الأسواق، خاصة مع استمرار العقوبات الغربية.

في ضوء هذه التطورات، ارتفعت العقود الآجلة للقمح بنسبة 3.7%، لتصل إلى أعلى مستوياتها في تسعة أشهر، بينما ارتفعت أسعار الذرة بنسبة 2.5%، هذا يشير إلى أن الأسواق بدأت في استيعاب التحديات المقبلة، مع ترقب لمدى استقرار اتفاق البحر الأسود وتأثيراته على التدفقات التجارية.

تصدير القمح

هل نشهد إعادة تشكيل لتجارة الحبوب؟

يبدو أن هدنة البحر الأسود قد تمنح الأسواق بعض الاستقرار على المدى القصير، لكن العوامل الهيكلية، مثل الطقس المتقلب، العقوبات، والتوترات الجيوسياسية، قد تبقي أسعار الحبوب العالمية تحت الضغط، وبينما تسعى أوكرانيا للحفاظ على حصتها السوقية، تظل روسيا متفوقة ولكن بحذر، وسط محاولات غربية لكبح نفوذها في هذا القطاع الحيوي.

Short Url

search