من المصانع إلى الطائرات، كيف تغزو الروبوتات مختلف القطاعات؟
الخميس، 20 مارس 2025 12:13 م

صناعة الروبوتات
تحليل/كريم قنديل
تشهد صناعة الروبوتات طفرة غير مسبوقة، حيث يُتوقع أن تسجل معدل نمو سنوي مركب (CAGR) يبلغ 20.4% خلال السنوات القادمة، مع توسع سياسات الأتمتة ومبادرات الصناعة 4.0، أصبحت الروبوتات عنصرًا أساسيًا في القطاعات الإنتاجية والخدمية، مما يعزز الإنتاجية والربحية ويعيد رسم معالم سوق العمل العالمي.

وفقًا لتقرير الاتحاد الدولي للروبوتات، من المتوقع أن يصل المخزون التشغيلي للروبوتات الصناعية إلى 3.78 مليون وحدة بحلول عام 2021، ما يشير إلى تسارع وتيرة تبني الروبوتات، خاصة في الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تسعى لتحسين الكفاءة وتقليل التكلفة التشغيلية.
دوافع النمو.. الأتمتة الصناعية والسلامة في أماكن العمل
باتت الروبوتات خيارًا استراتيجيًا للشركات، خاصة في القطاعات الصناعية والمستودعات، حيث تقلل من مخاطر الحوادث التي تنتج عن الإجهاد البدني للعمال، ووفقًا لبيانات إدارة السلامة والصحة المهنية الأمريكية (OSHA)، فإن السقوط والتعثر يمثلان 15% من إجمالي الوفيات العرضية، ما يعزز الحاجة لاستخدام الروبوتات في المهام الشاقة.
كذلك، لعبت جائحة كوفيد-19 دورًا محوريًا في تعزيز تبني الروبوتات، إذ استخدمتها الشركات للحفاظ على التباعد الاجتماعي وتقليل الحاجة إلى الحضور البشري في مواقع العمل. على سبيل المثال، لجأت متاجر وول مارت إلى روبوتات لتنظيف الأرضيات، بينما استخدمت كوريا الجنوبية الروبوتات لقياس درجات الحرارة وتوزيع معقمات اليدين، مما سلط الضوء على الدور المتزايد لهذه التقنيات في مواجهة التحديات الصحية واللوجستية.

اتجاهات السوق.. الروبوتات المتنقلة تهيمن على المشهد الصناعي
تتصدر روبوتات الجر والقطر والسحب (Tow/Tractor/Tugs) قطاع اللوجستيات الداخلية، حيث توفر حلولًا فعالة لنقل المواد الخام، تحميل المنتجات النهائية، وإدارة العمليات في المطارات والموانئ، تُستخدم هذه الروبوتات بشكل مكثف في الصناعات التحويلية وصناعة السيارات، بالإضافة إلى قطاع الصلب والمعادن، نظرًا لقدرتها العالية على تحمل الأوزان الثقيلة والعمل بكفاءة في البيئات الصعبة.
وفي قطاع الطيران، اكتسبت الروبوتات المتنقلة شعبية واسعة، حيث بدأت مطارات مثل هيثرو في لندن باستخدام روبوتات السحب لنقل الطائرات، وقد قامت الخطوط الجوية البريطانية بتركيب خمسة روبوتات سحب من شركة Mototok، قادرة على العمل لمدة ثلاثة أيام بشحنة واحدة، ما يسهم في خفض الانبعاثات الكربونية وتحقيق أهداف الاستدامة البيئية.
أما في مجال الموانئ، فقد تسارعت جهود تطوير القوارب الآلية، حيث دخلت شركة ABB الأوروبية في شراكة مع حوض بناء السفن Keppel Offshore & Marine في سنغافورة لتطوير سفن قطر ذاتية القيادة بحلول نهاية عام 2020، مما يمهد الطريق لتقنيات السفن المستقلة التي ستحدث نقلة نوعية في قطاع النقل البحري.

آفاق السوق.. مستقبل الروبوتات بين الابتكار والاستثمار
تُظهر المؤشرات الاقتصادية أن الطلب على الروبوتات سيواصل الارتفاع، مدفوعًا بعدة عوامل رئيسية:
- تزايد الاستثمار في الأتمتة الصناعية، خاصة من قبل الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تبحث عن حلول منخفضة التكلفة وعالية الكفاءة.
- تحسين معايير السلامة في بيئات العمل، ما يدفع الشركات لاعتماد الروبوتات لتقليل المخاطر والحوادث.
- النمو المتسارع في قطاع اللوجستيات، حيث تتجه الشركات نحو أتمتة المستودعات والعمليات اللوجستية بالكامل.
- الابتكار المستمر في تقنيات الذكاء الاصطناعي، مما يعزز من قدرات الروبوتات على التكيف مع بيئات العمل المختلفة وزيادة كفاءتها.
الولايات المتحدة في صدارة سباق الأتمتة
تواصل الولايات المتحدة إحكام قبضتها على سوق الروبوتات، مدفوعة بتوسع الأتمتة في المستودعات، تبني تقنيات مناولة المواد الذكية، واتجاهات الأتمتة الكاملة (Lights-Out Automation)، فمع ارتفاع تكاليف العمالة وانخفاض الإنتاجية البشرية، أصبحت الشركات تبحث عن حلول تقنية لتعزيز الكفاءة وتقليل الاعتماد على القوى العاملة التقليدية.

الأتمتة تدفع عجلة النمو في قطاع اللوجستيات
مع توسع التجارة الإلكترونية والشركات اللوجستية، تشهد وحدات حفظ المخزون (SKUs) نموًا هائلًا، مما يفرض ضغوطًا إضافية على الموزعين لاتخاذ قرارات تشغيلية أكثر ذكاءً، وهنا تأتي الروبوتات الموجهة ذاتيًا (AGVs) كحل استراتيجي لتحسين عمليات التخزين والتوزيع، مما يعزز الإنتاجية ويخفض التكاليف التشغيلية.
التحديات العمالية تعزز الطلب على الروبوتات
وفقًا لاستطلاع الرابطة الوطنية للمُصنّعين (NAM) لعام 2019، أفاد 68.8% من الشركات بأن أكبر تحدٍ تجاري تواجهه هو عدم القدرة على استقطاب موظفين مؤهلين، بينما أكد 75% منهم أنهم يعانون من نقص العمالة الماهرة، هذا النقص الحاد في الكفاءات أدى إلى زيادة ضخمة في الاستثمار بالروبوتات، مما جعل الشركات تعتمد بشكل متزايد على الأنظمة الذكية لتحسين الإنتاجية وسد فجوة العمالة.

ارتفاع الطلب على الروبوتات الصناعية
تشير بيانات جمعية صناعة الروبوتات (RIA) إلى أن عام 2018 شهد شحن 35,880 روبوتًا إلى الولايات المتحدة وكندا والمكسيك، بزيادة 7% عن العام السابق، والأكثر إثارة للدهشة، أن 16,702 من هذه الروبوتات ذهبت إلى شركات غير مرتبطة بصناعة السيارات، مما يعكس توسعًا كبيرًا في القطاعات الجديدة، مثل المستودعات، الخدمات اللوجستية، والتصنيع العام.
المستقبل.. تسارع الاستثمار والتحول نحو التشغيل الذاتي
الاستثمار في الروبوتات والأنظمة المستقلة لم يعد خيارًا، بل أصبح ضرورة اقتصادية للشركات الراغبة في المنافسة عالميًا، مع استمرار تطور الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الضخمة، ستواصل الشركات تبني الحلول الروبوتية لتعزيز الكفاءة التشغيلية وخفض التكاليف، مما يضع الولايات المتحدة في قلب الثورة الصناعية الجديدة.

نحو اقتصاد رقمي يعتمد على الروبوتات
مع هذا النمو السريع والاستثمارات الضخمة، يبدو أن الروبوتات أصبحت ركيزة أساسية في الاقتصاد الحديث، وبينما تتسابق الشركات نحو تبني التقنيات المتطورة، يبقى السؤال مفتوحًا: إلى أي مدى ستغير الروبوتات شكل سوق العمل، وهل ستصبح العامل الأساسي في مستقبل الصناعة العالمية، وهل سيصل الأكر إلى أن تحل محل البشر؟
Short Url
«تحليق نحو القمة» الخطوط الكورية تعزز أسطولها بـ 50 طائرة بوينج
21 مارس 2025 08:41 م
«سقوط حر» أسهم "نايكي" تسجل أدنى مستوى في 5 سنوات
21 مارس 2025 05:50 م
«صراع المساهمين يشتد»، "فرايزرز" تقترب من 30% في أسوس و"بيستسيلر" ترد
21 مارس 2025 07:45 م


أكثر الكلمات انتشاراً