الثلاثاء، 01 أبريل 2025

12:21 ص

قطاع النسيج في مصر، استثمارات ضخمة وطموحات تصديرية رغم التحديات

السبت، 29 مارس 2025 02:22 م

صناعة المنسوجات

صناعة المنسوجات

تحليل/كريم قنديل

يشهد قطاع تصنيع المنسوجات في مصر انتعاشًا ملحوظًا، مع توقعات بتسجيل معدل نمو سنوي مركب يتجاوز 4% خلال الفترة القادمة، رغم التحديات التي فرضتها جائحة كورونا، والتي تسببت في تراجع صادرات المنسوجات بنسبة 14% خلال عام 2020، إلا أن السوق بدأ في استعادة زخمه مدفوعًا بزيادة الاستثمارات الأجنبية التي بلغت 17.5 مليار دولار، إلى جانب خطط حكومية طموحة تستهدف مضاعفة صادرات المنسوجات والملابس بحلول عام 2025.

المنسوجات

صناعة استراتيجية تدعم الاقتصاد الوطني

بيّن تقرير صادر عن mordorintelligence، أن قطاع النسيج  واحد من أهم ركائز الاقتصاد المصري، حيث يمثل 25% من إجمالي قطاع الملابس ويساهم بنحو 3% من الناتج المحلي الإجمالي، كما يُعد المزود الأساسي للخامات الأولية لصناعة الملابس والمنسوجات المنزلية، ما يعزز مكانته في السوق المحلي والدولي، وتستفيد مصر من الإعفاءات الجمركية التي تتيح لها الوصول إلى أسواق رئيسية مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، حيث يتم تصدير 50% من المنتجات النسيجية إلى الولايات المتحدة و30% إلى أوروبا.

مشروعات عملاقة لتعزيز الإنتاجية

في إطار استراتيجية دعم القطاع، أعلنت الحكومة عن إنشاء أكبر مصنع نسيج في العالم بمدينة المحلة الكبرى، والمتوقع أن يُحدث نقلة نوعية في الإنتاج المحلي، يضم المشروع 185,000 مغزل، بطاقة إنتاجية تصل إلى 30 طنًا من الخيوط الرفيعة و25 طنًا من الخيوط السميكة يوميًا، كما قدمت الحكومة حوافز للمزارعين لتشجيع زراعة القطن عالي الجودة، ما يدعم استدامة القطاع ويعزز فرص النمو.

القطن المصري

زيادة الصادرات من المواد الخام تعزز مكانة مصر عالميًا

تشهد صادرات المواد الخام المصرية، لا سيما القطن الطبيعي والألياف الصناعية، طلبًا متزايدًا في الأسواق العالمية، فقد ارتفع إنتاج القطن المصري خلال موسم 2021-2022 بنسبة 30.77% ليصل إلى 85,000 هكتار، مقارنة بـ 65,000 هكتار في الموسم السابق، مدعومًا بارتفاع الأسعار العالمية وتحفيز المزارعين على زيادة الإنتاج.

كما سجلت صادرات القطن الخام نموًا ملحوظًا، حيث شكلت 90% من إجمالي صادرات مصر من المواد الخام، مع تصدير 58% منها إلى المغرب ضمن اتفاقية أغادير. على الجانب الآخر، انخفضت الواردات من القطن بنسبة 12.7% نتيجة لزيادة الإنتاج المحلي، مما يعكس تحولًا استراتيجيًا نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي وتقليل الاعتماد على الاستيراد.

إنتاج المنسوجات

التكاليف المتزايدة تضغط على الإنتاج

تعاني الصناعة من ارتفاع أسعار المواد الخام محليًا بسبب زيادة استهلاك القطن في مصانع الغزل بمعدل 3% سنويًا. في المقابل، يفضل بعض المصنعين اللجوء إلى الألياف الاصطناعية والأقمشة المستوردة الأرخص، ما يقلل من الاعتماد على الإنتاج المحلي ويؤثر على ربحية القطاع.

كما أن الأجور في مصر تتراوح بين 100 و120 دولارًا شهريًا، وهي أعلى مقارنة بدول مثل فيتنام والهند وبنغلاديش، التي تقدم أجورًا تتراوح بين 75 و80 دولارًا، رغم أن إنتاجية العمال المصريين أقل بنسبة تتراوح بين 25-50% عن نظرائهم في هذه الدول.

نقص التكنولوجيا الحديثة يرفع تكاليف الإنتاج

يواجه القطاع تحديًا آخر يتمثل في ضعف تبني المعدات الحديثة، ما يؤدي إلى ارتفاع تكاليف التصنيع مقارنة بالمنافسين، كما تعاني المصانع من انقطاعات متكررة في الغاز والطاقة، ما يزيد من تعقيد عملية الإنتاج ويؤثر على استقرار الصناعة.

إضافة إلى ذلك، فإن التضخم المرتفع وعدم استقرار الأوضاع الاقتصادية يؤثران بشكل كبير على أسعار القطن والمواد الخام، ما ينعكس على قدرة الشركات على تحقيق هوامش ربح تنافسية.

سوق المنسوجات

تغيرات السوق تفرض تحديات وفرصًا جديدة

رغم هذه التحديات، فإن تغير أنماط الاستهلاك بعد الجائحة دفع الشركات إلى تبني تقنيات تصنيع جديدة، مما يفتح الباب أمام فرص للنمو والابتكار خلال السنوات المقبلة، ومع استمرار الحكومة في دعم الصناعة بمشاريع ضخمة مثل مصنع المحلة العملاق، تبقى هناك فرص للنمو إذا تم التعامل مع التحديات الهيكلية بفعالية.

آفاق مستقبلية واعدة رغم التحديات

رغم التحديات التي واجهها القطاع، فإن الاستثمارات الضخمة والتوسع في الصادرات تعكس مستقبلًا واعدًا لصناعة النسيج في مصر، ومع توجه الحكومة نحو تعزيز التصنيع المحلي، وزيادة القيمة المضافة، وفتح أسواق جديدة عالميًا، يبدو أن الصناعة مهيأة لتصبح لاعبًا رئيسيًا في الاقتصاد الوطني والإقليمي.

Short Url

search