اتفاقية الغاز مع «بي بي»، هل تخفف الضغط على الاقتصاد المصري؟
الإثنين، 17 مارس 2025 10:55 ص

شركة بي بي البريطانية
تحليل/ عبد الرحمن عيسى
في خطوة مهمة لتعزيز تأمين إمدادات الغاز الطبيعي، اتفقت مصر مع شركة "بي بي" البريطانية على استيراد شحنتين من الغاز الطبيعي المسال خلال شهر مارس الجاري.
تمثل هذه الاتفاقية جزءًا من جهود مصر المستمرة لمواجهة العجز في الإنتاج المحلي من الغاز الطبيعي، خاصة في فترة الصيف التي تشهد زيادة في الطلب على الطاقة.
في هذا التحليل، نستعرض خلفيات هذا الاتفاق، الأسباب التي دفعت مصر إلى اتخاذ هذه الخطوة، والشروط المرتبطة بها، بالإضافة إلى التحديات التي قد تواجهها مصر في ظل هذه الاتفاقيات.

العوامل المحفزة لهذا الاتفاق
مع تزايد الطلب على الغاز الطبيعي في مصر، خاصة في فصل الصيف، أصبحت الحاجة لاستيراد الغاز المسال ضرورية لضمان استقرار الإمدادات.
وقد شهد إنتاج الغاز في مصر انخفاضًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، حيث تراجع الإنتاج إلى 4.35 مليار قدم مكعب يوميًا بينما تبلغ الاحتياجات اليومية حوالي 6.2 مليار قدم مكعب.
يزيد هذا العجز في الإنتاج المحلي من أهمية استيراد الغاز من الشركات العالمية لضمان تلبية احتياجات السوق المحلية.
تعد شركة "بي بي" واحدة من الشركات الكبرى في مجال الطاقة، وقد استطاعت مصر التوصل إلى اتفاق معها لتوريد شحنتين من الغاز المسال خلال الشهر الجاري.
تمتاز شحنات الغاز المسال هذه بحجم يصل إلى حوالي 160 إلى 165 ألف متر مكعب لكل شحنة، ما يوفر نحو 500 مليون قدم مكعب من الغاز يوميًا للسوق المحلية لمدة أسبوع، يمثل هذا الحجم إضافة مهمة للاحتياجات المحلية في ظل انخفاض الإنتاج المحلي.
شروط الاتفاق وآلية السداد
أحد الجوانب البارزة في هذا الاتفاق هو الشروط المتعلقة بآلية السداد، فوفقًا للاتفاق، سيتعين على مصر سداد قيمة الشحنات المستوردة خلال شهر من تاريخ التوريد.
هذه الشروط تأتي في وقت تشهد فيه مصر توترات مالية واقتصادية، وهو ما دفع الحكومة إلى وضع شروط صارمة فيما يخص سداد قيم الشحنات.
رغم ذلك، فإن هذه الشروط لا تتماشى مع الشروط التعاقدية الجديدة التي تم فرضها على بعض الشركات الموردة، والتي تتضمن سداد قيمة الشحنات بعد عام من التوريد مع فرض رسوم إضافية على قيمة الغاز.

الاتفاقيات مع شركات أخرى: "شل" و"توتال"
في خطوة تكمل الاتفاق مع "بي بي"، تعاقدت مصر أيضًا مع شركات "شل" الهولندية و"توتال" الفرنسية لتوريد 60 شحنة من الغاز المسال خلال عام 2025، بقيمة تبلغ نحو 3 مليارات دولار.
تتميز هذه الاتفاقات بأنها تمنح مصر مهلة سداد تصل إلى عام من تاريخ توريد كل شحنة، مما يعكس مرونة في التعامل مع الشركات العالمية التي تزود مصر بالغاز.
بالإضافة إلى ذلك، يتضمن الاتفاق توريد حوالي 5 شحنات شهريًا، وهو ما سيسهم في تغطية الفجوة بين الإنتاج المحلي والاحتياجات المتزايدة للسوق.
الضغط على الإنتاج المحلي وتأثيراته
أدى انخفاض الإنتاج المحلي من الغاز إلى زيادة الاعتماد على الاستيراد لتغطية الفجوات في الإمدادات، وبينما كانت مصر تصدّر الغاز في فترات سابقة، إلا أن التراجع في الإنتاج المحلي جعلها تلجأ إلى الاستيراد لتلبية احتياجاتها المحلية.
خاصة في فصل الصيف عندما يرتفع الطلب على الكهرباء بشكل كبير، كما تشير الدراسات إلى أن استمرار هذا الوضع قد يعرض مصر لمزيد من الضغط المالي والاقتصادي إذا لم تتمكن من تعزيز إنتاجها المحلي من الغاز.

التحديات المستقبلية وتأثيرات الاتفاق على الاقتصاد المصري
بالرغم من أن هذه الاتفاقيات تمثل خطوة استراتيجية لضمان إمدادات الغاز، فإنها تأتي مع مجموعة من التحديات، أولًا، تواجه مصر صعوبة في تعويض الفارق الكبير بين الإنتاج المحلي والاحتياجات المحلية من الغاز، وهو ما يشير إلى ضرورة اتخاذ خطوات جادة لتحسين البنية التحتية لاستخراج الغاز وزيادة الإنتاج المحلي.
ثانيًا، ترتبط التعاقدات مع الشركات العالمية بحجم التكاليف، مما قد يشكل عبئًا إضافيًا على الاقتصاد المصري الذي يعاني من أزمات مالية، كما إن التذبذب في أسعار الغاز العالمية قد يؤثر على تكلفة الاستيراد في المستقبل.
علاوة على ذلك، تشير التوقعات إلى أن الطلب المحلي على الغاز سيستمر في الارتفاع مع نمو الاستهلاك المحلي للطاقة، مما يعني أن مصر ستظل بحاجة إلى ضمان تدفق مستمر للغاز من الخارج.
وفي هذا السياق، تلعب هذه الاتفاقيات دورًا حيويًا في تأمين إمدادات الطاقة اللازمة لدعم الاقتصاد المصري والنمو الصناعي في المستقبل.
ختامًا: تتسم اتفاقية مصر مع "بي بي" لاستيراد شحنات الغاز المسال بالشمولية والتأثير الكبير على الاقتصاد المصري في الوقت الراهن، بينما تسعى مصر لتغطية العجز في إمدادات الغاز الطبيعي.
تشكل هذه الاتفاقيات جزءًا من استراتيجية أكبر تهدف إلى تعزيز استقرار السوق المحلي وتحقيق التوازن بين العرض والطلب في ظل التحديات المالية والاقتصادية.
وفي الوقت نفسه، يظل تحسين الإنتاج المحلي من الغاز أمرًا بالغ الأهمية لمواجهة التحديات المستقبلية وتقليل الاعتماد على استيراد الغاز في المستقبل.
Short Url
96.3 مليون مستخدم للإنترنت في 2025، مصر تقترب من التغطية الرقمية الكاملة
17 مارس 2025 11:35 م
مصر تنجح في تحسين أوضاع العمالة بالخارج بنسبة 95%
17 مارس 2025 09:22 م
مصر بالمرتبة الثانية في الشرق الأوسط استحواذًا على أقوى شركات التكنولوجيا المالية
17 مارس 2025 08:24 م


أكثر الكلمات انتشاراً