الأحد، 16 مارس 2025

07:18 م

البنوك المركزية في مواجهة ترامب، من ينتصر في معركة الاقتصاد؟

الأحد، 16 مارس 2025 12:36 م

البنوك المركزية والاقتصاد العالمي

البنوك المركزية والاقتصاد العالمي

تحليل/ عبد الرحمن عيسى

يعتبر الأسبوع الجاري موعدًا مهمًا للبنوك المركزية حول العالم، حيث ستعقد هذه المؤسسات المالية الكبيرة اجتماعات هامة لتقييم تأثير السياسات التجارية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب على الاقتصاد العالمي. 

في الوقت الذي تواجه فيه العديد من الدول ضغوطًا اقتصادية متزايدة بسبب التصعيد التجاري، تسعى البنوك المركزية إلى تحديد تداعيات هذه السياسات على النمو الاقتصادي والتضخم. 

ويأتي هذا التقييم في وقت يشهد فيه الاقتصاد العالمي حالة من الترقب والقلق بشأن التأثيرات المستقبلية لهذه القرارات.

دونالد ترامب

تأثير السياسات التجارية لترامب على الاقتصاد العالمي

منذ بداية ولاية الرئيس ترامب في يناير 2017، شهد الاقتصاد العالمي مجموعة من التغييرات التي كان لها تأثير كبير على التجارة الدولية. 

كانت السياسات الحمائية، مثل فرض الرسوم الجمركية على الصلب والألومنيوم، بمثابة بداية لتصعيد مقلق في العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة وحلفائها، بما في ذلك الصين وكندا والاتحاد الأوروبي، وهذه السياسات أثارت مخاوف كبيرة بشأن اندلاع حرب تجارية عالمية، وأدت إلى تباطؤ في نمو الاقتصاد العالمي.

ورغم محاولات بعض الدول للتحوط من هذه السياسات عبر التكيف مع الظروف الجديدة، فإن الخطر الأكبر يظل في قدرة الاقتصادات الكبرى على التكيف مع هذه التغيرات. 

التحديات التي تواجها البنوك المركزية هي تحديد مدى تأثير هذه السياسات على النمو الاقتصادي والتضخم، وكيفية الاستجابة لها بشكل يتناسب مع واقع السوق.

جيروم باول

القرار المتوقع من الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي

في ظل هذه الضغوط الاقتصادية المتزايدة، يتوقع الخبراء أن يبقي الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي على أسعار الفائدة دون تغيير في اجتماعه المقبل. 

كما تركز الأسواق المالية بشكل كبير على القرارات الاقتصادية المستقبلية، حيث ينتظرون التحديثات حول التوقعات الاقتصادية للولايات المتحدة وإجراءات البنك الفيدرالي المقبلة. 

وفي الوقت الحالي، يتجه معظم الخبراء إلى توقع خفض أسعار الفائدة مرتين خلال هذا العام، بدءًا من سبتمبر 2025.

على الرغم من أن رئيس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، أشار في وقت سابق إلى أن البنك ليس بحاجة للتسرع في اتخاذ أي قرارات بشأن خفض الفائدة، إلا أن التحديات الاقتصادية الأخيرة، مثل الانخفاض الحاد في أسواق الأسهم والمخاوف من الركود، قد تجبر البنك على إعادة النظر في سياسته. 

وقد تزداد الضغوط على باول للقيام بإجراءات تحفيزية تهدف إلى تحفيز الاقتصاد الأمريكي في ظل الظروف الحالية التي تتسم بعدم اليقين.

كريستين لاجارد

التحديات التي تواجه البنوك المركزية في ظل السياسات التجارية

تشهد البنوك المركزية على مستوى العالم تحديات غير مسبوقة في إدارة السياسة النقدية، خاصة في ظل التقلبات التي يسببها التوتر التجاري. 

فبينما كانت البنوك في الماضي تركز على العوامل المحلية مثل معدلات التضخم والنمو الاقتصادي، أصبحت الآن مضطرة إلى أخذ السياسات التجارية العالمية في اعتبارها.

وقالت رئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاجارد، في تصريحات لها مؤخرًا إن الظروف الاقتصادية الحالية باتت أكثر صعوبة من أي وقت مضى، مشيرة إلى أن تحديد السياسة النقدية أصبح أكثر تعقيدًا في هذا العصر الجديد، ورغم ذلك، أكدت لاجارد على أهمية الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي في ظل هذه التحديات.

التوجهات والقرارات المرتقبة

على الرغم من القلق العام بشأن تأثير السياسات التجارية على الاقتصاد العالمي، فإن البنوك المركزية في بعض الدول تتجه نحو سياسة التحفظ، حيث من المتوقع أن تبقي أسعار الفائدة دون تغيير. 

تشمل هذه البنوك المركزية التي من المرجح أن تحذو حذو الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، مثل بنك اليابان، بنك إنجلترا، وبنك السويد المركزي، حيث تعكس هذه القرارات تحوطًا من أي تقلبات مفاجئة في الأسواق.

وفي المقابل، فإن بعض البنوك الأخرى قد تختار اتخاذ خطوات فورية لمواجهة التحديات الملحة، وفي البرازيل، على سبيل المثال، يُتوقع أن يرفع البنك المركزي أسعار الفائدة لمكافحة التضخم الذي يشهد تسارعًا في البلاد. 

ومع ذلك، فإن البنوك المركزية الأخرى، مثل تلك في جنوب إفريقيا وروسيا وإندونيسيا، قد تختار التأني والترقب قبل اتخاذ أي قرارات كبيرة.

العملات المشفرة

أثر التصعيد التجاري على البنوك المركزية في دول أخرى

من المحتمل أن يكون لتأثيرات السياسات التجارية للرئيس ترامب تأثيرات كبيرة على الدول النامية، ففي العديد من هذه الدول، تعاني الاقتصادات من زيادة التضخم بسبب ارتفاع أسعار الواردات نتيجة للرسوم الجمركية. 

ومن المحتمل أن تواجه هذه الدول خيارات صعبة فيما يتعلق بأسعار الفائدة، حيث يجب عليها الموازنة بين مكافحة التضخم ودعم النمو الاقتصادي.

ماذا ينتظر البنوك المركزية؟

من المتوقع أن تواصل البنوك المركزية في معظم دول العالم حالة من الحذر والترقب خلال الأشهر المقبلة، حيث لا يزال تأثير السياسات التجارية غير واضح تمامًا. 

وفي الوقت نفسه، سيكون التركيز الأكبر على البيانات الاقتصادية المقبلة من مختلف المناطق، والتي ستساعد البنوك في تحديد مسار السياسات النقدية المستقبلية. 

كما يجب أن توازن البنوك بين الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي في الوقت الذي تواصل فيه مراقبة التطورات العالمية.

في النهاية، يبقى تساؤل رئيسي وهو: إلى أي مدى ستنجح البنوك المركزية في التكيف مع الأزمات التجارية الناتجة عن السياسات الحمائية؟ وإذا استمر التصعيد التجاري، فهل ستكون البنوك قادرة على الحفاظ على استقرار الأسواق المالية دون التأثير على النمو الاقتصادي؟

هذه أسئلة مفتوحة، وستتضح الإجابة عليها تدريجيًا في الأشهر المقبلة مع استمرار مراقبة السياسات التجارية وتداعياتها العالمية.

ختامًا: يشهد العالم هذا الأسبوع فترة حاسمة للبنوك المركزية، حيث تتوقع الأسواق اتخاذ قرارات استراتيجية مهمة بشأن أسعار الفائدة. 

ومع تزايد تأثير السياسات التجارية للرئيس ترامب، أصبحت البنوك المركزية أمام تحديات جديدة في تقييم الوضع الاقتصادي العالمي. 

كما ستظل الفترة القادمة حاسمة في تحديد السياسات النقدية المناسبة لضمان الاستقرار الاقتصادي في ظل الظروف العالمية المضطربة.

Short Url

showcase
showcase
search