الأحد، 16 مارس 2025

04:46 ص

«التضخم يهدد عرش النفط»، هل تنخفض الأسعار مع تباطؤ الاقتصاد العالمي؟

السبت، 15 مارس 2025 08:52 م

النفط

النفط

تحليل/ عبد الرحمن عيسى

شهدت الأسواق النفطية في الآونة الأخيرة تقلبات كبيرة في الأسعار نتيجة للعديد من العوامل الجيوسياسية والاقتصادية التي تؤثر على العرض والطلب في السوق العالمي. 

من أبرز هذه العوامل المفاوضات الجارية بين روسيا وأوكرانيا، بالإضافة إلى المخاطر الاقتصادية الكلية التي تتعلق بالسياسات التجارية والتضخم. 

في هذا التحليل، سنناقش تأثير هذه العوامل على أسواق النفط، ونستعرض أبرز المؤشرات والاتجاهات التي تحدد مستقبل السوق النفطية في الفترة القادمة.

النفط

النفط تحت تأثير المفاوضات السياسية

تعتبر المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا أحد أبرز العوامل التي تراقبها أسواق النفط حاليًا، ومع استمرار الحرب في أوكرانيا، تعرضت أسواق النفط العالمية لضغوطات كبيرة، حيث أثرت العقوبات المفروضة على روسيا على إمدادات النفط من أكبر منتج للنفط في العالم. 

لكن في الآونة الأخيرة، مع توقف بعض المحادثات وتوقعات بعض المتداولين بأن النفط الروسي قد يعود تدريجيًا إلى السوق، بدأت الأسعار تتحرك بشكل أكثر استقرارًا.

وقد سجلت أسعار النفط ارتفاعًا طفيفًا بعد تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حيث أعرب عن موقفه من القوات الأوكرانية في منطقة كورسك، مما أثار بعض التفاؤل بشأن التوصل المحتمل إلى وقف لإطلاق النار. 

هذه التطورات السياسية قد يكون لها تأثير بالغ على الأسواق إذا تم التوصل إلى تسوية سلمية، ما قد يؤدي إلى عودة النفط الروسي إلى السوق العالمية، وبالتالي زيادة المعروض من النفط. 

هذا بدوره قد يؤثر على الأسعار، التي من المرجح أن تشهد مزيدًا من التقلبات في حالة استمرار حالة عدم اليقين حول نهاية النزاع.

أوبك بلس

التحديات الاقتصادية الكلية

من جهة أخرى، تواجه أسواق النفط تحديات اقتصادية أخرى، حيث تستمر الحروب التجارية التي شنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على بعض شركاء الولايات المتحدة التجاريين في التأثير على الأسواق العالمية. 

هذه الحروب قد تؤدي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي، وبالتالي انخفاض الطلب على النفط. في الوقت ذاته، تشير التقارير إلى أن التوقعات بالتضخم على المدى الطويل قد ارتفعت بشكل كبير، وهي تعتبر علامة سلبية بالنسبة لأسواق الطاقة بشكل عام.

تأثير التضخم على الطلب يمكن أن يكون كبيرًا، حيث قد يؤدي ارتفاع الأسعار في قطاعات أخرى إلى تقليص استهلاك النفط. 

إذا استمر التضخم في الارتفاع، فقد تتأثر قدرة المستهلكين والشركات على دفع تكاليف الطاقة، مما يؤدي إلى تباطؤ في النمو الاقتصادي وبالتالي في الطلب على النفط.

دونالد ترامب

تحليل بيانات الأسعار وأداء الأسواق

بحسب تقرير "أويل برايس"، استقر سعر النفط بعد خسائر كبيرة في الجلسة السابقة، كما شهدت أسعار العقود الآجلة لخام برنت زيادة بنسبة 1% لتصل إلى 70.58 دولارًا للبرميل، بينما ارتفعت أسعار خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي بنسبة 0.95% لتبلغ 67.18 دولارًا للبرميل. 

هذا الارتفاع الطفيف يشير إلى استقرار نسبي في السوق بعد سلسلة من الخسائر المتتالية التي شهدها الخام الأمريكي.

من الجدير بالذكر أن خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي حقق مكاسب طفيفة بنسبة 0.2% خلال الأسبوع، مما يعني أنه تجنب انخفاضًا للأسبوع الثامن على التوالي، وهو ما كان سيمثل أطول سلسلة خسائر منذ عام 2015، ورغم هذا التحسن الطفيف، تظل أسواق النفط تحت ضغط قوي بسبب التحديات السياسية والاقتصادية.

العوامل المؤثرة على إنتاج النفط والعرض

تواصل "أوبك+" العمل على تحقيق استقرار في إنتاج النفط العالمي، وهو ما يعزز من المعروض في السوق ويسهم في استقرار الأسعار. 

ومع ذلك، تشير بعض التوقعات إلى أن السوق قد تتجه نحو فائض في المعروض خلال الفترة القادمة، في ظل عودة النفط الروسي إلى السوق بعد التوصل إلى وقف محتمل لإطلاق النار.

في ذات السياق، أظهرت بيانات شركة بيكر هيوز أن عدد منصات الحفر في الولايات المتحدة ظل ثابتًا خلال الأسبوع الماضي، حيث بلغ إجمالي عدد المنصات 592 منصة، وهو انخفاض قدره 37 منصة مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي. 

هذا يشير إلى أن الشركات الأمريكية لا تزال حذرة في زيادة الإنتاج، وهو ما قد يؤثر على قدرة السوق على تلبية الطلب إذا حدثت زيادة مفاجئة في استهلاك النفط.

فلاديمير بوتين

توقعات المستقبل والتحديات التي تواجه السوق

رغم الارتفاعات الطفيفة التي شهدتها أسواق النفط مؤخرًا، إلا أن التوقعات المستقبلية تشير إلى استمرار التقلبات في الأسعار، بسبب مزيج من المخاطر السياسية والاقتصادية. 

من المتوقع أن تستمر الحروب التجارية في التأثير على أسواق النفط، كما أن التحديات الاقتصادية مثل التضخم قد تؤدي إلى تباطؤ في النمو الاقتصادي العالمي، ما ينعكس بدوره على الطلب على النفط.

إضافة إلى ذلك، فإن التوترات السياسية المستمرة بين روسيا وأوكرانيا تظل عاملًا رئيسيًا في تشكيل اتجاهات السوق. 

إذا تم التوصل إلى اتفاق سلام بين البلدين، فقد يشهد السوق تدفقًا إضافيًا من النفط الروسي، ما يزيد من فائض المعروض ويضغط على الأسعار.

ختامًا: أسواق النفط في الوقت الحالي تعيش حالة من عدم اليقين بسبب مجموعة من العوامل السياسية والاقتصادية. 

بينما تظهر بعض المؤشرات الإيجابية في الأسعار، إلا أن المخاطر التي يشكلها التضخم، الحروب التجارية، والنزاع بين روسيا وأوكرانيا لا تزال تؤثر بشكل كبير على استقرار السوق.

بالنظر إلى هذه العوامل، من المحتمل أن تستمر التقلبات في أسعار النفط خلال الفترة القادمة، مما يتطلب من المتداولين والمستثمرين الحذر والتأهب لأي تغيرات مفاجئة في الاتجاهات السوقية.

Short Url

search