«صراع العمالقة المشفر» بيتكوين تواجه تحديات التضخم والرسوم الجمركية

السبت، 15 مارس 2025 12:59 م

البيتكوين

تحليل/ عبد الرحمن عيسى

في أعقاب التقلبات الشديدة التي شهدتها أسواق العملات المشفرة في الأسابيع الأخيرة، برزت عملة بيتكوين باعتبارها أحد أبرز الأصول التي تأثرت بتلك الاضطرابات.

فقد شهدت بيتكوين انخفاضًا حادًا إلى أدنى مستوى لها في أربعة أشهر، ثم عادت لتشهد ارتفاعًا ملحوظًا في الأيام الأخيرة.

في هذا التحليل، سوف نتناول العوامل التي أدت إلى تذبذب أسعار بتكوين، تأثير العوامل الاقتصادية الكبرى، والتوقعات المستقبلية لسوق العملات المشفرة، مع التركيز على أثر التحولات الاقتصادية على هذا السوق.

العوامل المؤثرة على سوق العملات المشفرة

1- الرسوم الجمركية والإغلاق الحكومي

تسبب تطبيق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للرسوم الجمركية، إلى جانب القلق بشأن إمكانية حدوث إغلاق حكومي في الولايات المتحدة، في حالة من عدم اليقين الاقتصادي على مستوى العالم.

تلك العوامل أدت إلى عمليات بيع مكثفة في الأسواق المالية، بما في ذلك الأسواق المشفرة. يعد هذا التأثير جزءًا من حركة تصحيحية أوسع شهدتها الأسواق المالية، حيث هبطت العديد من الأصول عالية المخاطر مثل بيتكوين، التي تعد من الأصول التي تعتمد على المخاطرة الكبيرة.

2- التأثيرات المترتبة على قرارات اقتصادية كبرى

التوترات الاقتصادية العالمية، خاصة مع الولايات المتحدة، أسهمت في تباطؤ النمو في أسواق الأصول الخطرة، فهذه العوامل مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بتقلبات أسواق الأسهم وأسواق السلع، الأمر الذي زاد من حالة عدم الاستقرار بين المستثمرين في العملات المشفرة.

إضافة إلى ذلك، أبدت العملات المشفرة حساسية تجاه الرسوم الجمركية والعوامل الاقتصادية الكلية مثل أسعار الفائدة والتضخم.

3- سيولة بيتكوين وصناديق الاستثمار

واحدة من أبرز الآثار الناتجة عن انخفاض بيتكوين إلى أدنى مستوياتها هي خروج السيولة من صناديق بتكوين المتداولة في البورصة.

مثل هذه التحركات تضر بالمستثمرين الذين يراهنون على ارتفاع الأصول المشفرة. وهو ما يعكس حجم التأثير السلبي للضغوط الاقتصادية على السوق في هذه الفترة.

كما تشهد هذه الفترة أيضًا تصفية واسعة النطاق للمراكز الشرائية في الأسواق الخاصة بالعملات المشفرة، حيث وصل البعض إلى رهانات على انخفاض العملة إلى مستوى 70 ألف دولار.

التحليل الفني للارتفاعات الأخيرة في سعر بيتكوين

1- صعود بيتكوين بنسبة 6.2%

في الأسبوع الماضي، ارتفعت بيتكوين بنسبة 6.2% لتصل إلى 85301 دولار، بعد فترة من الهبوط الذي أدخلها إلى أدنى مستوياتها في أربعة أشهر.

يعتبر هذا الارتفاع جزءًا من التصحيح الذي شهدته الأسواق بعد عمليات البيع الواسعة التي وقعت بسبب القلق الاقتصادي.

ويشير هذا التحسن في الأسعار إلى أن السوق بدأ في التعافي، حيث بدأت الأصول الخطرة، مثل بيتكوين، في استعادة بعض قوتها وسط تراجع العوامل الضاغطة.

2- التعافي الكبير للأصول المشفرة الأصغر

لم يقتصر التعافي على بتكوين فقط، بل شهدت العديد من العملات المشفرة الأخرى زيادة كبيرة في قيمتها، فعلى سبيل المثال، شهدت عملة "سولانا" زيادة بنسبة 9%، بينما ارتفعت "تشين لينك" بنسبة 13%، وزادت "إكس آر بي" بنحو 8%.

يشير هذا إلى أن العملات المشفرة غير الرئيسية تتبع نفس الاتجاه في التحسن بعد موجة التصحيح الكبيرة التي اجتاحت السوق.

3- تصفية مراكز المشتقات

من الجدير بالذكر أن تراجع الأسعار في وقت سابق أدى إلى تصفية العديد من المراكز في أسواق المشتقات الخاصة بالعملات المشفرة، وهو ما أسهم في انخفاض قيمتها بنسبة كبيرة.

لكن التحسن الحالي يبين أن هذه العمليات التصحيحية قد توقفت بشكل مؤقت، وهو ما يفتح الطريق أمام احتمالات استقرار السوق في المستقبل.

العوامل الاقتصادية الكبرى التي تؤثر على سوق بيتكوين

1- تأثير السياسة الاقتصادية الأمريكية

رغم قمة قادة قطاع العملات المشفرة التي استضافها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وصدر خلالها أمر تنفيذي بإنشاء احتياطي استراتيجي من بيتكوين، لم تؤثر تلك الأحداث بشكل كبير على دفع أسعار بتكوين للأعلى.

وعلى الرغم من أن بعض هذه التحركات تشير إلى إمكانية تغيير كبير في المستقبل، إلا أن التأثيرات التي لها علاقة مباشرة بالاقتصاد الأمريكي، مثل التضخم، تبقى العامل الأهم.

2- مخاوف من التضخم

يشير المحللون إلى أن قفزات بتكوين الأخيرة ارتبطت ارتباطًا وثيقًا بالأرقام التي ظهرت في الولايات المتحدة بخصوص التضخم.

حيث جاءت أرقام التضخم أقل من المتوقع، مما أسهم في تقليل القلق بشأن الاقتصاد الأمريكي، فهذا التحسن النسبي في الأرقام الاقتصادية الأمريكية قد يكون من العوامل التي ساعدت على استقرار السوق بشكل عام ودعم العملات المشفرة، بما في ذلك بتكوين.

3- الرسوم الجمركية وتأثيرها على الأسواق المالية

من ناحية أخرى، فإن الأثر الكبير للرسوم الجمركية التي فرضها ترامب على واردات الصين والاتحاد الأوروبي قد عمق القلق في الأسواق العالمية.

وبينما توقعت بعض الدراسات الاقتصادية تأثيرات سلبية على أسواق الأسهم، إلا أن التأثير كان أكثر وضوحًا في أسواق الأصول ذات المخاطر العالية، مثل العملات المشفرة، التي شهدت هبوطًا حادًا في قيمتها قبل أن تبدأ في التعافي.

التوقعات المستقبلية لسوق العملات المشفرة

1- استمرار موجة التصحيح

بينما يشهد السوق بعض التحسن في الوقت الحالي، يرى العديد من المحللين أن السوق لا يزال يشهد موجة تصحيحية بعد فترة من التقلبات الحادة.

ومن المتوقع أن تستمر حركة تصحيحية أخرى في المستقبل، خاصة إذا عادت الضغوط الاقتصادية العالمية في الظهور.

2- تأثير العوامل الكلية

من المرجح أن تستمر العوامل الاقتصادية الكبرى مثل التضخم وأسعار الفائدة في التأثير على سوق العملات المشفرة.

ففي حال استمرت الاتجاهات الاقتصادية الكلية في التحسن، مثل تقليص معدلات التضخم، فإن العملات المشفرة قد تشهد استقرارًا نسبيًا، مما يتيح لها الفرصة للتوسع والنمو.

3- توسيع قاعدة المستثمرين

إلى جانب العوامل الاقتصادية، تتوقع بعض التقارير أن يستمر النمو في سوق العملات المشفرة في المستقبل، مع تزايد قبول العملات المشفرة من قبل المؤسسات المالية الكبرى.

بالإضافة إلى اعتراف الحكومات المتزايد بها كأصول استثمارية، ستظل بيتكوين وغيرها من العملات المشفرة محط أنظار العديد من المستثمرين على مستوى العالم.

ختامًا: يشير التحليل العام للسوق إلى أن بيتكوين، مثلها مثل العديد من الأصول المالية الأخرى، تأثرت بشكل كبير بالتحولات الاقتصادية العالمية، خاصة تلك المتعلقة بالتوترات التجارية في الولايات المتحدة.

ولكن مع تعافي الأصول الخطرة وتراجع ظروف البيع المفرط، بدأت بيتكوين في العودة تدريجيًا إلى مستويات أعلى، ومع استمرار الضغوط الاقتصادية الكلية، يبقى من المهم متابعة التأثيرات المحتملة على العملات المشفرة بشكل عام.

Short Url

أخبار متعلقة