السبت، 15 مارس 2025

02:40 م

«انقسام الديمقراطيين» شومر يثير غضب الحزب بتنازله عن معركته ضد ترامب

السبت، 15 مارس 2025 11:35 ص

تشاك شومر

تشاك شومر

تحليل/ عبد الرحمن عيسى

في خطوة غير متوقعة، وافق مجلس الشيوخ الأمريكي يوم الجمعة على خطة إنفاق جمهورية لتفادي الإغلاق الحكومي، مع اقتراب الموعد النهائي في منتصف الليل. 

إلا أن هذه الموافقة، التي جاءت بفضل دعم من عدد قليل من الديمقراطيين برئاسة زعيم الأغلبية تشاك شومر، عمّقت الانقسام داخل الحزب الديمقراطي بشأن كيفية مواجهة الرئيس السابق دونالد ترامب وموارده السياسية.

ورغم تفادي الإغلاق الحكومي، فإن هذه الخطوة كشفت عن توترات عميقة بين أعضاء الحزب الديمقراطي حول استراتيجياتهم في مواجهة تهديدات ترامب، وخصوصا فيما يتعلق بتفكيك الحكومة الفيدرالية وتحجيم دورها.

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب

نظرة عامة بالموافقة على التمويل المؤقت

بناءً على تصويت حاسم في مجلس الشيوخ، تم تمرير مشروع التمويل المؤقت بأغلبية 54 صوتًا مقابل 46، وجاء هذا التصويت بعد تجاوز حاجز الـ 60 صوتًا المطلوب، وهو ما مهد الطريق لإقرار خطة الإنفاق التي كانت تهدف إلى إبقاء الحكومة الفيدرالية مفتوحة حتى نهاية السنة المالية في 30 سبتمبر. 

كما ساعد في هذا التصويت التشريعي تسعة ديمقراطيين، بالإضافة إلى أحد المستقلين، الذين انضموا إلى الجمهوريين في إقرار الخطة.

ورغم إن هذا القرار بدد تهديد الإغلاق الحكومي، إلا أنه أشعل خلافات حادة داخل الحزب الديمقراطي حول كيفية مواجهة مشاريع قوانين ترامب وأسلوب حكمه المثير للجدل. 

فقد رأى بعض الديمقراطيين أن الخطة الحالية تعني قبول سياسات ترامب وحلفائه في الحكومة الفيدرالية، بينما اعتبر آخرون أن هذا الموقف هو الخيار الأكثر عملية لتفادي تعطيل الخدمات الحكومية.

انقسام الديمقراطيين بين التحدي والاستسلام

على الرغم من أن الموافقة على خطة الإنفاق تعتبر خطوة استراتيجية لتفادي الإغلاق، إلا أنها لم تخلُ من تداعيات سلبية داخل الحزب الديمقراطي. 

فقد كان القرار مصدر خلافات شديدة بين جناحي الحزب، حيث سعى التقدميون إلى التصدي لخطة ماسك لخفض التكاليف وإلغاء بعض الوكالات الحكومية، بينما فضل المعتدلون تبني نهج مرن للتركيز على قضايا أخرى، مثل حماية برامج الرعاية الصحية "ميديكيد".

تشير التحليلات إلى أن هذا التباين في الرؤى يعود إلى شعور واسع داخل الحزب الديمقراطي بأن الوضع الراهن يتطلب توحيد الجهود للتركيز على القضايا الاقتصادية والاجتماعية التي تهم المواطن الأمريكي. 

في المقابل، قد يساهم الموقف المعتدل في الحفاظ على صورة الحزب خلال الفترة القادمة، في حين يعكس الموقف التقدمي شعورًا بالقلق حيال تراجع سيطرة الحكومة الفيدرالية على بعض الأنشطة الأساسية.

مجلس الشيوخ الأمريكي

التحديات السياسية التي واجهها شومر

شومر، الذي يعد من أبرز الشخصيات الديمقراطية في الكونغرس الأمريكي، واجه ضغوطًا كبيرة من أجل اتخاذ القرار الذي سيتجنب حدوث الإغلاق الحكومي. 

إذ كان يتحتم عليه أن يوازن بين التطلعات السياسية للأعضاء الديمقراطيين المعتدلين والتقدميين، وهو ما يوضح الانقسام العميق داخل الحزب. 

وفي رأي البعض، فإن هذا القرار كان تراجعًا عن الموقف الديمقراطي المعتاد تجاه ترامب، حيث يرى البعض أن الحزب الديمقراطي كان يجب أن يكون أكثر حزما في مواجهة سياسة التفكيك الحكومي التي يدعمها ترامب وحلفاؤه.

تداعيات القرار على حزب ترامب والجمهوريين

من جهة أخرى، فقد اعتبرت الموافقة على خطة التمويل انتصارًا سياسيًا للرئيس السابق دونالد ترامب، الذي يرى أن هذه الخطوة تساهم في تعزيز سياساته تجاه الحكومة الفيدرالية والحد من قدرتها على العمل بفعالية. 

وبجانب ترامب، فقد ساهم رئيس مجلس النواب الجمهوري، مايك جونسون، في دفع هذا القرار، إذ سعى لضمان بقاء خطط ماسك الخاصة بتقليص حجم الحكومة دون أي قيود أو تدابير تحول دون تنفيذها.

في الوقت نفسه، أثار تصعيد المواقف السياسية، وخاصة في ضوء الحملة التجارية الجديدة التي بدأها ترامب ضد العديد من الدول، قلقًا في الأسواق المالية. 

إذ شهد مؤشر "S&P 500" انخفاضًا حادًا قبل أن يتعافى في اليوم التالي، ما يعكس الحساسية المتزايدة تجاه أي اضطرابات سياسية قد تؤثر على الاقتصاد الأمريكي.

الاختلافات الديمقراطية في مجلس النواب

وفي حين كان مجلس الشيوخ قد مرر خطة التمويل المؤقت، فإن مجلس النواب شهد معركة مختلفة حول كيفية التعامل مع هذه القضية. 

فقد عبر الديمقراطيون في مجلس النواب عن معارضتهم الشديدة لخطة الجمهوريين، وأصروا على أن يتم تمديد التمويل الحكومي لمدة أربعة أسابيع فقط، بما يوفر لهم مزيدًا من الوقت للتفاوض على فرض قيود على سياسات ماسك وترامب.

الكونجرس الأمريكي

قرار شومر وتأثيره على الديمقراطيين في الانتخابات

ما زال القرار الذي اتخذته قيادة الحزب الديمقراطي بشأن التمويل المؤقت يثير الجدل، حيث يراه البعض تراجعًا عن مواجهة حقيقية للتهديدات التي يمثلها ترامب على هيكل الحكومة الفيدرالية. 

لكن على الجانب الآخر، يُنظر إليه على أنه موقف عملي كان ضروريًا للحفاظ على استمرارية العمل الحكومي وحماية مصالح المواطنين.

في الوقت نفسه، باتت بعض الشخصيات الديمقراطية المهددة في الانتخابات المقبلة، مثل السيناتور جون أوسوف من جورجيا، في موقف حرج، حيث أصبحوا مضطرين لدعم القرار خوفًا من التأثير السلبي على سمعتهم في حال حدوث إغلاق حكومي، وقد كان لهذا التأثير دور كبير في استراتيجيات الحزب الانتخابية المستقبلية.

النصر المؤقت أم التراجع الاستراتيجي؟

إن قرار شومر يعتبر نصرًا سياسيًا قصير المدى لجمهوريي ترامب، إلا أنه أيضًا يعكس مأزقًا حقيقيًا داخل الحزب الديمقراطي. 

فبينما يرى المعتدلون أن القرار كان خطوة ضرورية لتفادي فوضى سياسية واقتصادية، يعتبره التقدميون بمثابة تراجع عن المواجهة الحاسمة مع ترامب وأيديولوجيته المعادية للسياسات الاجتماعية. 

الأمر الذي يسلط الضوء على حاجة الديمقراطيين إلى إعادة تقييم استراتيجياتهم في مواجهة التحديات السياسية الراهنة.

مواجهة ترامب على جبهات أخرى

بعد إقرار التمويل، سيبدأ مجلس الشيوخ في مناقشة القضايا التي يعتبرها ترامب أولوية، مثل التخفيضات الضريبية. 

ولن يكون بإمكان الديمقراطيين تعطيل هذه المناقشات، ما يعكس التحدي القادم للحزب في تحقيق توازن بين مناهضة سياسات ترامب ومحاولة تمرير سياسات تخدم المواطن الأمريكي بشكل أكبر.

ختامًا: يمثل إقرار التمويل المؤقت في مجلس الشيوخ الأمريكي نقطة محورية في السياسة الأمريكية الحالية، وقد عمّق الانقسام داخل الحزب الديمقراطي حول كيفية التصدي للتهديدات السياسية التي يمثلها ترامب. 

ورغم إن هذا القرار يضمن استمرارية الحكومة الفيدرالية حتى سبتمبر المقبل، فإنه يثير العديد من الأسئلة حول قدرة الحزب الديمقراطي على إعادة ترتيب صفوفه والقتال على جبهات أخرى تتعلق بالاقتصاد والسياسات الاجتماعية، بالإضافة إلى التحديات التي تنتظره في الانتخابات القادمة.

Short Url

search