الأحد، 16 مارس 2025

12:37 ص

«النفط مقابل الرسوم» هل يضحي ترامب بقطاع الطاقة لحماية الصناعات الأمريكية؟

السبت، 15 مارس 2025 10:42 ص

ترامب - Trump

ترامب - Trump

تحليل/ عبد الرحمن عيسى

يستعد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في ضوء التوترات التجارية العالمية الحالية، لعقد اجتماع مهم مع كبار المسؤولين التنفيذيين في قطاع النفط الأمريكي الأسبوع المقبل في البيت الأبيض. 

يهدف الاجتماع إلى مناقشة السياسات التي تهدف إلى تعزيز الإنتاج المحلي للطاقة، وسط تحديات تراجع أسعار النفط وحالة عدم اليقين التي أثارها فرض الرسوم الجمركية، لا سيما في ظل الحرب التجارية المستعرة بين الولايات المتحدة وبعض الاقتصاديات الكبرى.

يشكل هذا الاجتماع لحظة فارقة في السياسات الاقتصادية لترامب، حيث يجتمع مع قادة قطاع النفط والغاز لمناقشة أولويات الطاقة في ظل التحديات الجديدة التي يواجهها القطاع، سواء من جانب الأسعار أو السياسات التجارية التي أطلقها الرئيس الأمريكي.

في هذا التحليل، سنلقي الضوء على السياسات النفطية في الولايات المتحدة، والتحديات التي تواجه قطاع النفط في ظل الحرب التجارية، وتأثير الرسوم الجمركية على الصناعة، وأبعاد سياسة ترامب في تعزيز الهيمنة على الطاقة.

أهمية اجتماع ترامب مع قادة قطاع النفط الأمريكي

في سياق التغيرات السياسية والاقتصادية الحالية، يعد هذا الاجتماع نقطة حاسمة في شكل السياسات النفطية الأمريكية في المستقبل. 

فمنذ تولي ترامب منصب الرئيس، قام بإنشاء المجلس الوطني لهيمنة الطاقة، الذي يهدف إلى تنظيم سياسات الطاقة في الولايات المتحدة وتوجيه الاستراتيجيات المتعلقة بإنتاج النفط والغاز. 

يُعد هذا الاجتماع الأول مع كبار مسؤولي النفط منذ تعيينه، ويجمع العديد من قادة الشركات الكبرى في هذا القطاع. 

والهدف الرئيسي هو مناقشة أولويات السياسة النفطية في ظل تحديات الأسواق العالمية الحالية، حيث يواجه القطاع تراجعات في الأسعار وحالة من عدم اليقين بسبب الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب.

سياسة النفط في الولايات المتحدة

على مدار فترة حكمه، أطلق ترامب سلسلة من السياسات التي تهدف إلى زيادة الإنتاج المحلي للطاقة في الولايات المتحدة. 

وتُعتبر هذه السياسات جزءًا من استراتيجية "الهيمنة الأمريكية في الطاقة"، وهي تهدف إلى تقليل التكاليف وتحفيز الشركات الأمريكية على زيادة الإنتاج. 

هذه الاستراتيجية تتضمن تسهيل عملية استخراج النفط والغاز، وتقديم الدعم للحفر والتنقيب في المواقع التي قد تكون غير مربحة إذا تم فرض قيود إضافية.

إضافة إلى ذلك، يُظهر ترامب في خطاباته المتكررة إعجابه الكبير بثروة الولايات المتحدة من النفط والغاز، والتي يصفها بأنها "الذهب السائل". 

وهذه العبارات تعكس أهمية النفط كأحد الأعمدة الأساسية لاقتصاد الدولة، ويأمل ترامب في استغلال هذه الثروة لضمان استقلالية الطاقة وتعزيز الاقتصاد الأمريكي.

التحديات التي تواجه قطاع النفط في ظل الحرب التجارية

رغم سياسة ترامب التي تهدف إلى تعزيز الهيمنة الأمريكية في الطاقة، فإن قطاع النفط لا يواجه فقط التحديات المتعلقة بالإنتاج وأسعار النفط، بل هناك تحديات كبيرة ناتجة عن الحرب التجارية الجارية. 

كما تتمثل أبرز هذه التحديات في الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب على عدد من السلع، بما في ذلك الصلب والألمنيوم، وهي مواد أساسية تستخدمها شركات النفط في تصنيع معدات التنقيب والإنتاج.

في بداية حكمه، منح ترامب إعفاءات لشركات النفط من بعض الرسوم الجمركية، ولكن هذا التوجه يبدو أنه قد تغير في الآونة الأخيرة. 

ورغم إن هذه الرسوم قد تؤدي إلى ارتفاع تكلفة الإنتاج، إلا أن هناك دعوات من بعض قادة القطاع لاستمرار هذه السياسة على المدى الطويل بهدف حماية الصناعات الأمريكية الأخرى.

أسعار النفط وكلفة الإنتاج

من أكبر التحديات التي يواجهها قطاع النفط الأمريكي في الوقت الراهن هو تراجع أسعار النفط العالمية، ففي الوقت الذي تتوقع فيه الشركات النفطية أن تصل أسعار النفط إلى حوالي 80 دولارًا للبرميل لضمان استمرارية الإنتاج وتحقيق أرباح مجزية.

يجد القطاع نفسه في وضع صعب في ظل تراجع الأسعار الذي وصل إلى نحو 67 دولارًا للبرميل، ويعود هذا الانخفاض إلى زيادة الإنتاج من قبل تحالف "أوبك+" والمخاوف المرتبطة بالطلب في الصين، ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم.

وفقًا لهارولد هام، رئيس شركة "كونتيننتال ريسورسز"، فإن انخفاض أسعار النفط إلى مستويات منخفضة مثل 50 دولارًا للبرميل قد يجعل من الصعب الحفاظ على الاستثمارات في حقول النفط غير المربحة، مما يعوق قدرة الشركات الأمريكية على الاستمرار في زيادة الإنتاج. 

هذا التحدي يظهر بشكل واضح في التباين بين سياسة ترامب الرامية إلى تخفيض أسعار الطاقة وتحقيق أسعار منخفضة للمستهلكين، وبين حقيقة أن أسعار النفط المرتفعة ضرورية لدعم استثمارات التنقيب في الحقول النفطية الأمريكية.

تأثير الرسوم الجمركية على القطاع

من أبرز المخاوف التي أثارها قطاع النفط في الفترة الأخيرة هي السياسات الجمركية التي تفرضها إدارة ترامب على عدد من السلع.

بما في ذلك الصلب والألومنيوم، والمنتجات الأخرى التي يعتمد عليها قطاع النفط في عمليات الحفر والإنتاج، وهذه الرسوم قد تؤدي إلى زيادة تكاليف الإنتاج، وهو ما يعتبر تهديدًا مباشرًا للمنافسة في الأسواق العالمية.

وعلى الرغم من أن ترامب قد فرض هذه الرسوم لتحقيق أهداف حماية الصناعات الأمريكية، إلا أن الشركات النفطية بدأت تشعر بأن هذه السياسات قد تؤثر سلبًا على قدراتها التنافسية، وتحد من قدرتها على استمرار الإنتاج بنفس الوتيرة.

تحقيق الهيمنة العالمية في الطاقة

نظرًا للظروف الحالية، يسعى الرئيس ترامب إلى وضع الولايات المتحدة في موقع القوة في مجال الطاقة، سواء كان ذلك من خلال زيادة الإنتاج المحلي أو تعزيز سياسات النفط والغاز التي تدعم الهيمنة الأمريكية في الأسواق العالمية. 

وفي الوقت ذاته، تسعى الإدارة إلى تحقيق التوازن بين تحفيز الإنتاج المحلي وزيادة الطلب على النفط، مع الحفاظ على أسعار تنافسية تضمن استقرار الأسواق.

ختامًا: يمثل اجتماع ترامب مع قادة قطاع النفط فرصة حاسمة لتحديد توجهات السياسة الأمريكية في مجال الطاقة في ظل التحديات المستمرة. بين تراجع الأسعار وزيادة الرسوم الجمركية، سيواجه القطاع تحديات مستمرة في المستقبل القريب. 

ومع ذلك، تبقى سياسات ترامب المتعلقة بتعزيز الهيمنة الأمريكية في الطاقة واعدة، ولكن تنفيذها يتطلب تحقيق التوازن بين تشجيع الإنتاج المحلي وحماية مصالح المستهلكين الأمريكيين.

Short Url

search