«45% تراجع في الإنفاق» سقوط حر في سوق انتقالات اللاعبين العرب 2024
الأربعاء، 12 مارس 2025 11:00 م

اللاعبين في العالم العربي
تحليل/ عبد الرحمن عيسى
شهد سوق انتقالات اللاعبين في العالم العربي تراجعًا ملحوظًا خلال عام 2024، حيث أظهرت البيانات الأخيرة لتقرير الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" أن إنفاق الأندية العربية على ضم اللاعبين قد انخفض بشكل كبير مقارنة بالعام السابق.
يعكس هذا التراجع العديد من العوامل الاقتصادية والسياسية التي أثرت على القدرة المالية للأندية وعلى استراتيجياتها في سوق الانتقالات.
في هذا التحليل، سيتم دراسة هذا التراجع، وتوضيح الأسباب والنتائج المترتبة على هذا التغيير، مع تسليط الضوء على أبرز الأندية والدول التي تأثرت بهذه التغيرات.

التراجع في الإنفاق
في عام 2024، بلغ إجمالي الإنفاق على شراء اللاعبين من قبل الأندية العربية حوالي 667 مليون دولار، وهو تراجع كبير بنحو 45% مقارنة بالعام 2023، الذي سجل فيه الإنفاق 1.2 مليار دولار.
هذا التراجع في الإنفاق يعد بمثابة علامة فارقة في تاريخ سوق الانتقالات في المنطقة العربية، خاصة بعدما شهدت بعض الأندية ضخ استثمارات ضخمة في السنوات الأخيرة.
الأندية السعودية والتراجع الكبير في الإنفاق
كانت الأندية السعودية على رأس قائمة الأندية التي أثرت في تراجع الإنفاق في 2024، ففي حين أن الأندية السعودية كانت قد هيمنت على سوق الانتقالات في عام 2023 بنحو 970 مليون دولار، فإنها سجلت انخفاضًا بنسبة 52% في عام 2024، ليصل الإنفاق إلى 465 مليون دولار فقط.
وقد ترجع هذه النتيجة إلى مجموعة من العوامل، أبرزها التغيير في استراتيجيات الأندية السعودية التي كانت قد استثمرت بشكل كبير في شراء لاعبين دوليين بارزين في 2023.
وفي عام 2024، قد تكون الأندية قد قررت تبني سياسة أكثر تحفظًا بسبب الضغوط الاقتصادية والمراجعة للإنفاق على اللاعبين الأجانب.
القطريون والإماراتيون وانخفاض الإنفاق
على الرغم من تراجع الإنفاق في الأندية القطرية في 2024 بنسبة 42% ليصل إلى 118 مليون دولار، إلا أن هذه الأندية حافظت على استقرار في استثماراتها في بعض المناطق.
ومع ذلك، استمرت الأندية الإماراتية في إنفاق المزيد، حيث ارتفعت النفقات بنسبة 108% لتصل إلى 63 مليون دولار مقارنة بعام 2023، الذي سجلت فيه الأندية الإماراتية إنفاقًا قدره 30 مليون دولار.
هذا النمو الملحوظ في الإنفاق الإماراتي، رغم تراجع الإنفاق في الدول الأخرى مثل السعودية وقطر، قد يعكس تحركًا تكتيكيًا من الأندية الإماراتية لاستغلال الفرص في سوق الانتقالات، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية المتغيرة في المنطقة.
المناخ الاقتصادي وتأثيره على سوق الانتقالات
تعكس هذه الأرقام تأثير العوامل الاقتصادية العالمية والمحلية على سوق الانتقالات في الدول العربية، وعلى الرغم من أن الإنفاق كان مرتفعًا في عام 2023، فقد أدت العديد من المتغيرات الاقتصادية في 2024 إلى تباطؤ في الإنفاق.
ومن أهم هذه المتغيرات تشمل التحديات الاقتصادية التي واجهتها بعض الدول في المنطقة، وتضخم الأسعار، وضغط الميزانيات العامة.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يكون لانخفاض أسعار النفط في الأسواق العالمية تأثير كبير على قدرة الأندية، خاصة في الدول المنتجة للنفط مثل السعودية وقطر، على الاستمرار في إنفاق مبالغ ضخمة على التعاقدات.
كما إن تأثيرات السياسة الاقتصادية المحلية وتغييرات في القوانين قد ساهمت أيضًا في تقليص حدة الإنفاق.
الاستمرار في التوجه الاقتصادي المعتدل
أما بالنسبة لمصر، فقد كان الإنفاق في عام 2024 أقل بكثير مقارنة ببقية الدول العربية، حيث أنفقت الأندية المصرية أقل من 7.5 مليون دولار على ضم اللاعبين، بانخفاض بنسبة 22% مقارنة بعام 2023.
كما يأتي هذا التوجه نتيجة لعدة عوامل، أبرزها الاضطرابات الاقتصادية والتحديات المالية التي يواجهها العديد من الأندية المصرية في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية.
الجزائر والدخول الجديد على الساحة
في سياق متصل، ظهرت الجزائر في عام 2024 ضمن قائمة الدول العربية الأكثر إنفاقًا على ضم اللاعبين، وعلى الرغم من إنفاقها أقل من الدول الكبرى مثل السعودية وقطر، إلا أن أنديتها استثمرت نحو 4.4 مليون دولار في هذا العام، وقد يعكس هذا التوجه رغبة الأندية الجزائرية في تعزيز مستوى دوريها بشكل تدريجي.
إنفاق الأندية على مدى خمس سنوات
على مدى السنوات الخمس الأخيرة، من 2020 إلى 2024، بلغ إجمالي إنفاق الأندية العربية 2.25 مليار دولار، وكان أكبر جزء من هذا المبلغ في عام 2023، الذي سجل إنفاقًا قدره 1.21 مليار دولار، وهو رقم قياسي لم تشهده المنطقة من قبل.
وفيما يتعلق بتوزيع هذا الإنفاق، كان النصيب الأكبر من الإنفاق في هذه الفترة من نصيب الأندية السعودية، التي أنفقت أكثر من 1.6 مليار دولار، وهو ما يمثل حوالي 71.4% من إجمالي الإنفاق العربي على اللاعبين، وجاءت قطر في المركز الثاني بنسبة 17.5%، تليها الإمارات بمبالغ تصل إلى 175 مليون دولار.
صافي الإنفاق والتباين بين الدول
على صعيد صافي الإنفاق، وهو الفارق بين المبالغ المدفوعة لشراء اللاعبين والإيرادات المتحصلة من بيع عقودهم، تصدرت الأندية السعودية القائمة بشكل كبير.
ففي آخر خمس سنوات، بلغ صافي إنفاق الأندية السعودية نحو 1.55 مليار دولار، منها 437 مليون دولار في عام 2024 فقط، تلتها الأندية القطرية التي بلغ صافي إنفاقها نحو 385 مليون دولار خلال نفس الفترة.

الأندية الأعلى إنفاقًا
على مستوى الأندية، تصدرت الأندية السعودية المشهد، حيث كان نادي الاتحاد السعودي هو الأكثر إنفاقًا في عام 2024، يليه الهلال والنصر، اللذان قادا التحركات الضخمة في سوق الانتقالات، أما في إفريقيا، فتصدر الأهلي المصري القائمة، حيث تفوق على منافسيه مثل الترجي التونسي والوداد المغربي.
الاستنتاجات والتوقعات المستقبلية
في ظل التراجع الكبير في الإنفاق على شراء اللاعبين من قبل الأندية العربية في عام 2024، من المتوقع أن يستمر هذا الاتجاه في السنوات المقبلة إذا استمرت الضغوط الاقتصادية العالمية والمحلية.
ويتعين على الأندية العربية اتخاذ استراتيجيات مرنة للتحايل على هذه التحديات، مع التركيز على تطوير الأكاديميات وتوسيع نطاق الشراكات التجارية.
التوصيات المستقبلية
1- التكيف مع التقلبات الاقتصادية:- من الضروري أن تعمل الأندية على تعديل استراتيجياتها للانتقال من الإنفاق الكبير، إلى التركيز على تطوير اللاعبين المحليين.
2- تحفيز استثمارات جديدة:- يمكن تعزيز النمو من خلال استقطاب المزيد من الاستثمارات التجارية والشراكات الاقتصادية، التي تساعد على تحسين الوضع المالي للأندية.
3- تعزيز كفاءة الإنفاق:- من المهم أن تركز الأندية على تحسين استراتيجيات التفاوض، وتقلل الهدر في الإنفاق على التعاقدات الجديدة.
ختامًا: يمثل تراجع الإنفاق في سوق الانتقالات العربية لعام 2024 تحولًا مهمًا يعكس واقعًا اقتصاديًا معقدًا، ما يفرض على الأندية تبني سياسات أكثر كفاءة وتحفظًا في إدارة استثماراتها.
Short Url
من أمازون إلى موانئ العالم، كيف تصنع اللوجستيات الفارق في الاقتصاد؟
12 مارس 2025 05:20 م
"اللوجستيات"، المحرك الخفي للصناعة وسر تفوق الشركات عالميًا
12 مارس 2025 04:29 م
«12.5% نموًا في مبيعات التجزئة» هل يستمر الاقتصاد التركي في التباطؤ؟
12 مارس 2025 02:34 م


أكثر الكلمات انتشاراً