من أمازون إلى موانئ العالم، كيف تصنع اللوجستيات الفارق في الاقتصاد؟

الأربعاء، 12 مارس 2025 05:20 م

تكنولوجيا القطاع اللوجستي

تحليل/ ميرنا البكري

تُعد اللوجستيات، محركٌ قويٌ للاقتصاد العالمي، فهي ليست مجرد عمليات نقل وتخزين البضائع، بل هي منظومة متكاملة ومترابطة مع بعضها البعض، تساهم في تعزيز كفاءة سلاسل التوريد، وخفض التكاليف وزيادة الأرباح والصادرات.

وأدركت العديد من الدول والشركات العالمية مؤخرًا، أهمية تطوير قطاع اللوجستيات واستثمرت فيه لتحقيق ميزة تنافسية في الأسواق العالمية، رصدها إيجي إن خلال هذا التحليل كيفية نجاحهم، والدروس المستفادة من تجاربهم في تطوير هذا القطاع.

"أمازون"، ثورة في التوزيع باستخدام التكنولوجيا

وتُعتبر شركة أمازون، أحد الشركات الرائدة عالميًا في تحسين عمليات التوزيع، من خلال الابتكار التكنولوجي، حيث اعتمدت الشركة الأمريكية على عدة استراتيجيات، أهمها:-

الروبوتات والذكاء الاصطناعي:- ويتم استخدام الروبوتات في مستودعات أمازون، لفرز وتعبئة الطرود والبضائع، وهو أمر يوفر الوقت لتلك الشركات، لكنه يقلل في المقابل من الأيدي العاملة البشرية.

تحليل البيانات الضخمة:- حيث يتم توقع الطلبات بناءًا على اتجاهات الاستهلاك عالميًا، ما يقلل الحاجة إلى تخزين كميات زائدة.

شبكة توصيل متكاملة:- حيث تمتلك الشركة الأمريكية أمازون أسطولًا ضخمًا من الشاحنات والطائرات والطائرات المُسيّرة (Drones)، لتوصيل الطلبات في أقل وقت ممكن، كما أن الـDrones، تساهم في تقليل الانبعاثات البيئية الضارة، وجعلت هذه الاستراتيجيات أمازون، قادرة على توصيل ملايين الطرود يوميًا بكفاءة وسرعة مذهلة، ما منحها ميزة تنافسية قوية.

الموانئ الذكية، كيف أحدثت تحولًا في التجارة العالمية؟

وتُعد الموانئ الذكية، نموذجًا فارقًا في تطوير القطاع اللوجستي، حيث تم استخدام أحدث التقنيات، لتسريع عمليات الشحن والتخليص الجمركي وتقليل التكاليف، ومن أبرز الأمثلة:-

ميناء روتردام – هولندا

يُعد هذا الميناء، من أذكى الموانئ في العالم، حيث يعتمد على إنترنت الأشياء (IoT) والذكاء الاصطناعي، لتحليل البيانات وتحسين إدارة حركة السفن والبضائع، ما يقلل من وقت الانتظار، ويسرّع عمليات التفريغ.

ميناء شنغهاي – الصين

وهو أكبر ميناء في العالم من حيث حجم الشحن، حيث يعتمد على الأتمتة (الرقمنة) الكاملة في عمليات التحميل والتفريغ، ما يرفع من كفاءة العمليات، ويقلل من التكاليف التشغيلية.

ميناء جبل علي – الإمارات

ويُعتبر ميناء علي من أكبر الموانئ اللوجستية في الشرق الأوسط، حيث يوفر مناطق حرة متكاملة، تعزز من عمليات الاستيراد والتصدير للشركات، وتجعلها أكثر سلاسةً.

السعودية، قفزة نوعية في تطوير الخدمات اللوجستية

حققت السعودية، تقدمًا ملحوظًا في مؤشر الأداء اللوجستي، نتيجة للاستثمار في البنية التحتية والمناطق الحرة، ومن أبرز الإنجازات:-

ارتفاع ترتيبها 72 مرتبة في مؤشر التجارة عبر الحدود، ما يُظهر تحسنًا كبيرًا في تسهيل عمليات الاستيراد والتصدير.
تطوير مناطق لوجستية كبرى مثل منطقة الخمرة في جدة، والتي يتمحور هدفها في أن تكون مركزًا لوجستيًا إقليميًا، يخدم التجارة بين أسيا وأوروبا وإفريقيا.
تعزيز استخدام التكنولوجيا في الإجراءات الجمركية، حيث تم أتمتة معظم العمليات، ما يقلل من التأخيرات، ويزيد من كفاءة تدفق البضائع.

كيف يمكن لمصر تطوير قطاعها اللوجستي؟

وتُعد مصر، من الدول المؤهلة لتصبح مركزًا لوجستيًا عالميًا؛ نظرًا لموقعا الجغرافي المتميز، ولكن لتحقيق ذلك، يجب التركيز على:-

1. الاستثمار في البنية التحتية

يتم ذلك من خلال تطوير الموانئ والمطارات وشبكات النقل البرية والسكك الحديدية، والعمل على تحسين كفاءة المناطق الحرة والمناطق الصناعية اللوجستية.

2. تبني التكنولوجيا الحديثة

ويمكن لمصر، أن تستخدم الأتمتة والذكاء الاصطناعي، في إدارة عمليات التخزين والتوزيع، كما يجب تفعيل أنظمة التتبع الرقمي للبضائع، لتحسين الكفاءة وتقليل الفاقد.

3. تحسين السياسات الجمركية

من خلال تسهيل الإجراءات الجمركية، ما يقلل الوقت والتكلفة على المستثمرين والشركات، فضلًا عن العمل على تشجيع التحول الرقمي في المعاملات الجمركية.

4. تعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص

دعم الشراكات بين الحكومة المصرية والشركات الخاصة، لإنشاء مناطق لوجستية متطورة، وتقديم حوافز تشجع المستثمرين في مشاريع النقل والتخزين والتوزيع.

ختامًا، النجاحات التي حققتها أمازون والموانئ الذكية ودول مثل السعودية، تثبت أن تطوير الخدمات اللوجستية ليس رفاهية، بل ضرورة لتعزيز حركة التجارة والصناعة وجذب الاستثمارات، وإذا نجحت مصر في تنفيذ استراتيجيات مدروسة فعالة في هذا القطاع، فمن الممكن أن تتحول إلى مركزٍ لوجستيٍ عالميٍ يخدم حركة التجارة بين الشرق والغرب، ما يعزز نموها الاقتصادي بشكل غير مسبوق.

Short Url

أخبار متعلقة