الأربعاء، 12 مارس 2025

10:07 م

العلاقات السعودية الإيرانية، مسار التقارب والتحديات في ظل عودة ترامب

الأربعاء، 12 مارس 2025 10:37 ص

العلاقات السعودية الإيرانية

العلاقات السعودية الإيرانية

كتب/كريم قنديل

تعد العلاقات السعودية الإيرانية واحدة من أكثر العلاقات تعقيدًا في الشرق الأوسط، حيث شهدت مراحل من التوتر والتهدئة على مدار العقود الماضية، ومع توقيع اتفاق عودة العلاقات في مارس 2023 بوساطة صينية، بدأت مرحلة جديدة من التقارب بين البلدين، إلا أن هذا التقارب قد يواجه تحديات جديدة مع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في 2025، ما يثير تساؤلات حول مستقبل هذه العلاقة في ظل المتغيرات الإقليمية والدولية.

رؤية السعودية 2030

رؤية السعودية 2030 والاستقرار الإقليمي

تسعى المملكة العربية السعودية إلى تحقيق أهدافها الطموحة ضمن "رؤية 2030"، والتي تتطلب بيئة إقليمية مستقرة لجذب الاستثمارات وتعزيز النمو الاقتصادي. ومن هنا، كان تطبيع العلاقات مع إيران خطوة ضرورية لخفض التوترات الإقليمية وضمان الأمن في المنطقة، فالمملكة تعمل على مشاريع تنموية ضخمة، مثل مشروع "نيوم"، وتطوير قطاعات التكنولوجيا والسياحة، وهو ما يتطلب استقرارًا سياسيًا وأمنيًا في محيطها الإقليمي.

التحولات الجيوسياسية ودور الصين

شهد الاتفاق بروز الصين كوسيط جديد في الشرق الأوسط، وهو ما يعكس التغيرات في موازين القوى العالمية، حيث لعبت بكين دورًا رئيسيًا في إتمام هذا التقارب، مما يعكس رغبتها في تعزيز نفوذها الاقتصادي والسياسي في المنطقة، خاصة في ظل التنافس الأمريكي-الصيني، وبالنظر إلى العلاقات الاقتصادية المتنامية بين الصين والسعودية، فإن لبكين مصلحة مباشرة في تحقيق استقرار إقليمي يحمي تدفقات الطاقة والطرق التجارية.

التنافس الأمريكي-الصيني

إنهاء التوترات العسكرية في المنطقة

يشكل إنهاء الصراعات المستمرة في اليمن والعراق ولبنان عاملاً أساسيًا في اتفاق التقارب، حيث كانت المواجهات بين الميليشيات المدعومة من إيران والمملكة السعودية من أبرز أسباب عدم الاستقرار في المنطقة، فقد استنزفت الحرب في اليمن الموارد السعودية، وأثرت على صورتها الإقليمية والدولية، لذا فإن إنهاء هذا النزاع عبر التقارب مع إيران يُعد خطوة استراتيجية لتخفيف الضغوط الاقتصادية والسياسية.

سياسة "الضغط الأقصى" على إيران

مع عودة ترامب، يتوقع أن يتم استئناف سياسة "الضغط الأقصى" على إيران من خلال فرض المزيد من العقوبات الاقتصادية واستهداف برامجها النووية، وقد يؤدي ذلك إلى زيادة التوتر بين طهران وواشنطن، مما قد يؤثر سلبًا على مسار التقارب السعودي الإيراني، إذ يرى ترامب أن إيران تمثل تهديدًا رئيسيًا للمصالح الأمريكية في المنطقة، مما قد يدفعه إلى اتخاذ خطوات أكثر حدة ضدها.

موقف السعودية من إعادة التوتر

في ظل تحالف السعودية التقليدي مع الولايات المتحدة، قد تجد المملكة نفسها في موقف صعب بين الالتزام بالعلاقات الجديدة مع إيران والحفاظ على دعم واشنطن، ومن المحتمل أن تسعى الرياض للحفاظ على توازن دقيق بين الطرفين، فقد استفادت المملكة من التنوع في علاقاتها الدولية خلال السنوات الأخيرة، حيث عززت علاقاتها مع الصين وروسيا لتقليل اعتمادها الكامل على واشنطن.

التقارب السعودي الإيراني

دور الصين وروسيا في استقرار المنطقة

من المتوقع أن تستمر الصين وروسيا في لعب دور الوسيط في العلاقات الإقليمية، مما قد يوفر للمملكة وإيران منصة للحوار بعيدًا عن تأثيرات السياسة الأمريكية، كما أن وجود قوى جديدة مثل الهند وتركيا في المعادلة الإقليمية قد يسهم في تشكيل بيئة دبلوماسية جديدة تدعم استمرار التقارب بين الرياض وطهران.

السيناريوهات المحتملة لمستقبل العلاقات السعودية الإيرانية

استمرار التقارب رغم الضغوط الأمريكية

إذا نجحت الرياض وطهران في الحفاظ على الحوار والتعاون الاقتصادي، فقد تستمر العلاقات في التحسن، حتى في ظل الضغوط الأمريكية، حيث تدرك الدولتان أن استقرار المنطقة يخدم مصالحهما الاقتصادية والسياسية، وقد يسعيان إلى تحييد التأثيرات الخارجية السلبية.

عودة التوتر في حال تصعيد ترامب ضد إيران

إذا صعد ترامب من سياساته تجاه إيران، فقد تضطر السعودية إلى إعادة تقييم موقفها، مما قد يؤدي إلى توتر العلاقات مجددًا، وقد يشمل ذلك دعمًا أمريكيًا أوسع للمجموعات المناهضة لإيران، أو حتى تدخلات عسكرية محدودة تهدف إلى تحجيم النفوذ الإيراني في المنطقة.

ترامب ضد إيران

وساطة دولية للحفاظ على الاستقرار

في ظل التحولات الإقليمية والدولية، قد تلعب الصين وروسيا دورًا رئيسيًا في تجنب حدوث تصعيد جديد، مما قد يساعد في تحقيق توازن بين الأطراف المختلفة، فقد أظهرت الصين قدرتها على التوسط في النزاعات المعقدة، وقد تستمر في دعم الحوار بين الرياض وطهران للحفاظ على استقرار المنطقة.

تعزيز التعاون الاقتصادي كوسيلة لتهدئة التوترات

في حال استمرار التقارب، يمكن للسعودية وإيران تعزيز التعاون الاقتصادي، من خلال مشاريع مشتركة في مجالات الطاقة والتكنولوجيا والاستثمار، مما قد يؤدي إلى خلق روابط اقتصادية قوية تقلل من احتمالية نشوب نزاعات مستقبلية.

يظل مستقبل العلاقات السعودية الإيرانية مفتوحًا على العديد من السيناريوهات، خاصة مع عودة ترامب وتأثير ذلك على سياسة المنطقة، ومع ذلك فإن المصالح الاقتصادية والاستراتيجية المشتركة قد توفر أرضية قوية لاستمرار الحوار بين الرياض وطهران، مما يساهم في تحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط، ويبدو أن المنطقة تتجه نحو مرحلة جديدة من إعادة الترتيب الجيوسياسي، حيث تلعب القوى الدولية والإقليمية أدوارًا متزايدة في تحديد مستقبل هذه العلاقة الحيوية.

Short Url

showcase
showcase
search