«شبح التسريح» الخطر الصيني يهدد فولكس فاجن، ماذا يحدث في قلب صناعة السيارات؟
الثلاثاء، 11 مارس 2025 07:40 م

Volkswagen
تحليل/ عبد الرحمن عيسى
تشهد مجموعة "فولكس فاجن" الألمانية للسيارات مرحلة صعبة في ظل المنافسة الشديدة من الشركات الصينية وتكاليف إعادة الهيكلة المرتفعة.
في العام الماضي، أعلنت الشركة عن تراجع كبير في أرباحها بنسبة 31%، ما يعكس حجم التحديات التي تواجهها في أسواقها التقليدية، خصوصًا في الصين التي كانت تعد من أبرز أسواقها.
كما تزداد الأمور تعقيدًا مع ضرورة تنفيذ خطة لإعادة الهيكلة تهدف إلى خفض التكاليف في المستقبل.

تراجع الأرباح نتيجة المنافسة الصينية
عانت فولكس فاجن من تراجع كبير في أرباحها على مستوى السوق الصينية، وهو ما يشكل تحديًا كبيرًا نظرًا للمكانة الاستراتيجية التي تتمتع بها هذه السوق للشركة.
فقد كانت الصين تعد من أكبر أسواق فولكس فاجن وأكثرها ربحًا في السنوات السابقة، لكن في السنوات الأخيرة، شهدت الشركة تراجعًا في المبيعات بسبب زيادة المنافسة من الشركات الصينية، التي تقدّم سيارات بأسعار منافسة وجودة مرتفعة.
أدت هذه المنافسة إلى تحديات كبيرة أمام "فولكس فاجن"، التي كانت تسعى إلى الحفاظ على حصتها السوقية في السوق الصينية، لكن استراتيجياتها لم تواكب الطفرات التكنولوجية التي حققتها الشركات الصينية.
كما إن هناك العديد من العوامل التي ساهمت في تراجع الأرباح، بما في ذلك تكاليف إعادة الهيكلة التي تأثرت بها الشركة بعد الإغلاق المؤقت لبعض المصانع الكبرى مثل مصنع "أودي" في بروكسل.
التكلفة المرتفعة لإعادة الهيكلة
من الأسباب الأخرى التي ساهمت في انخفاض الأرباح، هي تكلفة إعادة الهيكلة التي بدأت "فولكس فاجن" تنفيذها على مستوى العلامة التجارية الأساسية.
فخلال عام 2024، تكبدت الشركة تكاليف باهظة، خاصة مع عمليات الإغلاق التي طالت بعض مصانعها في أوروبا، وهذا بالإضافة إلى تكاليف الحفاظ على العمالة في مواجهة خطة خفض الوظائف، ما أثقل كاهل المجموعة بتكاليف إضافية لم تكن متوقعة.
وفي هذا السياق، أعلنت الشركة عن خطط لتخفيض 35 ألف وظيفة في ألمانيا بحلول عام 2030، أي ما يعادل حوالي 25% من إجمالي القوة العاملة لديها في البلاد.
وعلى الرغم من الأضرار المرتبطة بهذه الخطط، فإن فولكس فاجن تأمل في تقليل تكاليف الأجور وتحقيق مزيد من التوفير في المستقبل.

نتائج مالية مختلطة
على الرغم من التحديات التي واجهتها فولكس فاجن في 2024، إلا أن الشركة نجحت في تحقيق بعض النجاحات الجزئية.
فقد ارتفعت مبيعاتها بنحو 1% إلى 325 مليار يورو، وهو ما يشير إلى قدرة الشركة على الحفاظ على مستوى معين من الاستقرار على الرغم من المنافسة الكبيرة.
لكن على الرغم من هذا النمو الطفيف في المبيعات، تراجعت الأرباح التشغيلية بنسبة 15% إلى 19.1 مليار يورو، وهو ما يعكس التحديات المستمرة في العمل اليومي للشركة.
وفيما يخص التوقعات المستقبلية، أكدت فولكس فاجن أنها تتوقع زيادة في الإيرادات بنسبة تصل إلى 5% مقارنة بالعام السابق، وهو ما يشير إلى أنها ما زالت تأمل في النمو، رغم التحديات الحالية.
كما إن الشركة تتوقع أن يتراوح العائد التشغيلي على المبيعات بين 5.5% إلى 6.5% في العام المقبل، وهو نفس المستوى الذي كانت عليه العام الماضي.
تخفيض توزيعات الأرباح
من النتائج السلبية التي طالت مستثمري فولكس فاجن، هو قرار الشركة بخفض توزيعات الأرباح بنسبة 30%، فقد أعلنت الشركة عن توزيع أرباح بقيمة 6.36 يورو للسهم الممتاز المدرج في مؤشر "داكس"، وهو ما يعكس حالة من التحفظ في الشركة بسبب التحديات الاقتصادية التي تواجهها.
وعلى الرغم من ذلك، فإن هذا التخفيض لم يؤثر بشكل كبير على عمليات السوق، حيث كان متوقعًا أن تتراجع الأرباح بشكل ملموس في ظل المنافسة العالمية.

تأثيرات التوترات الجيوسياسية
تعد التوترات الجيوسياسية، والقيود التجارية المتزايدة، والضغوط السياسية، من العوامل الأساسية التي تؤثر بشكل سلبي على صناعة السيارات بشكل عام، وفولكس فاجن بشكل خاص.
في ظل بيئة تجارية مضطربة، تشعر فولكس فاجن بضغط متزايد من الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، وكذلك القيود التجارية التي تفرضها بعض الحكومات على السلع الاستهلاكية.
لذلك، فإن فولكس فاجن تواجه تحديات متزايدة من هذه الأزمات، التي تُفاقم وضعها المالي وتؤثر على قدرتها على التوسع في بعض الأسواق العالمية.
مكافآت الموظفين والتوقعات المستقبلية
في إطار النتائج السلبية التي أعلنتها فولكس فاجن، أعلنت الشركة عن دفع مكافآت لموظفيها بقيمة 4800 يورو عن عام 2024، ما يعكس التزام الشركة بتوزيع جزء من أرباحها على العمال رغم التحديات التي تواجهها.
وقد تم تقسيم المبلغ إلى جزئين: أحدهما تم دفعه في وقت سابق من العام، بينما سيتم دفع الجزء المتبقي في مايو المقبل.
إلا أنه من المتوقع أن تشهد المكافآت في السنوات المقبلة تراجعًا كبيرًا، إذ تم الاتفاق في التسوية الأخيرة على خفض المبالغ المدفوعة في العامين المقبلين.
التوقعات المستقبلية لشركة فولكس فاجن
في ظل التحديات الكبيرة التي تواجهها فولكس فاجن، لا تزال الشركة تأمل في تحقيق نمو مستدام، وبالرغم من أن منافسة الشركات الصينية تلقي بظلالها على أداء الشركة في السوق الصينية، إلا أن فولكس فاجن تسعى إلى تطوير استراتيجيات جديدة لتحقيق مزيد من المبيعات.
كما تتطلع الشركة إلى تخفيض التكاليف وتحسين الأداء التشغيلي على المدى الطويل، من خلال خطة إعادة الهيكلة التي تهدف إلى زيادة الكفاءة وتقديم منتجات مبتكرة.
ختامًا: شهدت فولكس فاجن في عام 2024 تراجعًا كبيرًا في أرباحها بسبب التحديات المتزايدة من المنافسة الصينية والتكاليف الباهظة لإعادة الهيكلة.
ورغم النمو الطفيف في المبيعات، فإن الشركة تواجه العديد من الصعوبات التي قد تؤثر على أدائها في المستقبل القريب.
ويعكس ذلك بشكل واضح الضغوط التي تتعرض لها الشركات الكبرى في صناعة السيارات في ظل البيئة الاقتصادية المتقلبة والتوترات الجيوسياسية.
ومع ذلك، فإن فولكس فاجن تسعى جاهدة للتكيف مع التغيرات، وهي تواصل البحث عن فرص للنمو والتحسين في ظل التحديات الحالية.
Short Url
مبادرة "ابدأ"، نقلة نوعية في الصناعة المصرية وفرص جديدة للنمو الاقتصادي
11 مارس 2025 03:24 م
سوق العقارات في مصر، نمو مستدام وتحديات مستقبلية
11 مارس 2025 02:22 م
توطين الصناعات السبيل الأقوى لدفع الاقتصاد الوطني إلى الأمام
11 مارس 2025 11:30 ص


أكثر الكلمات انتشاراً