«فشل المفاوضات» هل ينهار التحالف الياباني الأمريكي بسبب الرسوم الجمركية؟
الثلاثاء، 11 مارس 2025 11:55 ص

اليابان وأمريكا
تحليل/ عبد الرحمن عيسى
في سياق الحرب التجارية المستمرة بين الولايات المتحدة والدول الكبرى حول العالم، كانت اليابان قد شهدت مؤخرًا محاولات فاشلة للحصول على استثناء من الرسوم الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة، بقيادة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
فقد فشل وزير التجارة الياباني، يوجي موتو، في إقناع المسؤولين الأمريكيين بمنح بلاده إعفاء فوري من التعريفات الجمركية، رغم محاولاته المستمرة خلال أولى مناقشاته المباشرة مع نظرائه الأمريكيين.
تثير هذه المحاولة الفاشلة تساؤلات حول تأثير هذه الرسوم على الاقتصاد الياباني، خاصة في ظل التحديات المستمرة التي يواجهها في ظل بيئة تجارية عالمية متقلبة.

السبب وراء الرسوم الجمركية الأمريكية
منذ تولي دونالد ترامب الرئاسة في الولايات المتحدة، تبنى سياسة تجارية حمائية تهدف إلى حماية الاقتصاد الأمريكي من المنافسة الأجنبية، حيث فرض مجموعة من الرسوم الجمركية على مجموعة من السلع القادمة من الدول الكبرى مثل الصين وكندا والمكسيك وأوروبا.
تركزت أبرز هذه الرسوم على قطاع الصلب والألومنيوم والمنتجات الصناعية الأخرى، وترى إدارة ترامب أن هذه الرسوم تساهم في حماية العمال الأمريكيين من المنافسة الأجنبية، خصوصًا في القطاعات التي تواجه ضغوطًا من الشركات العالمية.
وبالنسبة لليابان، كان قطاع السيارات أحد القطاعات الرئيسية التي تأثرت من فرض الرسوم الجمركية الأمريكية، فقد شكلت صادرات السيارات اليابانية نحو 17% من إجمالي صادراتها في العام الماضي، وكان أكثر من ثلث هذه الصادرات موجهًا إلى الولايات المتحدة.
لذلك، فرض الرسوم الجمركية على واردات السيارات من اليابان يشكل تهديدًا كبيرًا للاقتصاد الياباني، خاصة في ظل العلاقات التجارية الوثيقة بين البلدين.
فشل محاولات اليابان في الحصول على الاستثناء
من خلال محادثاته مع المسؤولين الأمريكيين، مثل وزير التجارة هوارد لوتنيك، وممثل التجارة جيمسون غرير، ومستشار الاقتصاد في البيت الأبيض كيفين هاسيت، حاول موتو إقناع الإدارة الأمريكية بعدم فرض الرسوم على اليابان.
حيث أشار إلى أن هذه الرسوم سيكون لها تأثير سلبي كبير على الصناعة اليابانية، بما في ذلك إمكانية الإضرار بفرص الاستثمار المشتركة بين الولايات المتحدة واليابان.
ومع ذلك، ورغم الجهود التي بذلها وزير التجارة الياباني، فشلت المحادثات في الحصول على أي تأكيد لاستثناء اليابان من هذه الرسوم.
بل على العكس، أشار موتو إلى أن الولايات المتحدة على الرغم من اعترافها بأهمية المساهمة اليابانية في الاقتصاد الأمريكي، إلا أن تركيزها الرئيسي في الوقت الحالي ينصب على تعزيز قطاع التصنيع الأمريكي، وهو ما يساهم في استمرار فرض الرسوم على بعض الدول مثل اليابان.

التأثيرات الاقتصادية على اليابان
التأثير المباشر لتلك الرسوم سيكون واضحًا في قطاعات معينة، خاصة صناعة السيارات، وهي واحدة من أكبر صادرات اليابان إلى الولايات المتحدة.
وبحسب تقرير وزارة التجارة اليابانية، فإن صادرات السيارات تمثل نسبة كبيرة من الشحنات اليابانية إلى السوق الأمريكي.
وتعتبر الرسوم المقترحة على واردات السيارات بحدود 25% بمثابة تهديد مباشر لصادرات السيارات اليابانية، مما قد يساهم في تقليص حصتها السوقية في أكبر سوق للسيارات في العالم.
علاوة على ذلك، هناك أيضًا تأثير غير مباشر على الاقتصاد الياباني نتيجة للرسوم المفروضة على بعض الدول الأخرى مثل الصين وكندا والمكسيك.
فالعديد من الشركات اليابانية المصنعة للسيارات تقوم بتصنيع بعض منتجاتها في هذه البلدان، خاصة في المكسيك وكندا.
وبالتالي، قد تجد هذه الشركات نفسها تواجه زيادة في تكاليف الإنتاج نتيجة للرسوم الجمركية المفروضة على هذه الدول، مما يؤثر في نهاية المطاف على التكلفة الإجمالية للإنتاج في اليابان.
التأثير على العلاقات الاقتصادية بين اليابان والولايات المتحدة
تظل العلاقات الاقتصادية بين اليابان والولايات المتحدة من بين الأكثر تأثيرًا في النظام الاقتصادي العالمي، كما يشترك البلدان في العديد من المجالات الاقتصادية الحيوية، مثل التجارة الحرة، والاستثمار، والتكنولوجيا.
ويعتبر التعاون بين البلدين في قطاع الطاقة، كما في مشروع غاز ألاسكا، جزءًا أساسيًا من استراتيجياتهما الاقتصادية المشتركة.
وفي هذا السياق، تم مناقشة مشروع غاز ألاسكا في إطار التعاون بين البلدين حول الطاقة، حيث أعرب الرئيس الأمريكي عن اهتمام طوكيو بتمويل هذا المشروع، ومع ذلك، لا تزال هذه المبادرات غير قادرة على تعويض التأثيرات السلبية الناجمة عن الرسوم الجمركية.

آفاق المستقبل
في ظل تصاعد الحرب التجارية وارتفاع الرسوم الجمركية بين الولايات المتحدة وبعض شركائها الرئيسيين، تواجه اليابان تحديات اقتصادية كبيرة.
وفي الوقت نفسه، يسعى المسؤولون اليابانيون إلى تعزيز التعاون مع الولايات المتحدة في بعض المجالات الاستراتيجية، مثل قطاع الطاقة والمشاريع الكبرى مثل غاز ألاسكا، ومع ذلك، تبقى حدة النزاع التجاري نقطة محورية في تحديد مستقبل العلاقات بين البلدين.
من المتوقع أن تتفاقم الضغوط الاقتصادية على اليابان في حال استمرت الإدارة الأمريكية في فرض الرسوم الجمركية على صادراتها، بما في ذلك قطاع السيارات.
كما إن التحركات القادمة من قبل الصين وكندا والمكسيك، التي تشمل زيادة الرسوم على بعض السلع، قد تؤدي إلى تأثيرات غير مباشرة على الاقتصاد الياباني، حيث إن الشركات اليابانية تزاول نشاطاتها التجارية في هذه البلدان بشكل ملحوظ
ختامًا: تمثل الفشل في الحصول على استثناء من الرسوم الجمركية الأمريكية بمثابة مؤشر على استمرار تدهور العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والعديد من الحلفاء الرئيسيين مثل اليابان.
ومن المتوقع أن تكون هذه التطورات بمثابة تحديات اقتصادية كبيرة للاقتصاد الياباني، خاصة في ظل انعدام اليقين بشأن تأثيرات الرسوم الجمركية على الصناعات الحيوية مثل صناعة السيارات.
وعلى الرغم من الجهود المبذولة لتعزيز التعاون بين البلدين في مجالات أخرى، يظل من غير المؤكد ما إذا كانت اليابان ستتمكن من التغلب على هذه التحديات الاقتصادية في المستقبل القريب.
Short Url
مبادرة "ابدأ"، نقلة نوعية في الصناعة المصرية وفرص جديدة للنمو الاقتصادي
11 مارس 2025 03:24 م
سوق العقارات في مصر، نمو مستدام وتحديات مستقبلية
11 مارس 2025 02:22 م
توطين الصناعات السبيل الأقوى لدفع الاقتصاد الوطني إلى الأمام
11 مارس 2025 11:30 ص


أكثر الكلمات انتشاراً