«رقصة الذهب والدولار» من يقود الآخر في دوامة الأسواق؟
الإثنين، 10 مارس 2025 02:36 م

الذهب والدولار
تحليل/ عبد الرحمن عيسى
شهدت أسعار الذهب ارتفاعًا ملحوظًا في الآونة الأخيرة، مدفوعةً بتراجع الدولار الأمريكي وزيادة الإقبال على المعادن الثمينة باعتبارها ملاذًا آمنًا في ظل المخاوف الاقتصادية العالمية، لا سيما تلك المتعلقة بالحرب التجارية التي قد تشتعل بين الدول الكبرى.
تأتي هذه الزيادة في الأسعار في وقت حساس، حيث يترقب المستثمرون أية إشارات قد تعطيهم فكرة واضحة عن سياسات البنك المركزي الأمريكي خاصة فيما يتعلق بأسعار الفائدة.

تحركات أسعار الذهب في الأسواق العالمية
ارتفعت أسعار الذهب اليوم الإثنين نتيجة لعدة عوامل رئيسية، أبرزها تراجع الدولار الأمريكي وارتفاع الطلب على الملاذات الآمنة بسبب حالة عدم اليقين في الاقتصاد العالمي.
وفي معاملات اليوم، سجلت أسعار الذهب في المعاملات الفورية ارتفاعًا طفيفًا بنسبة 0.1% لتصل إلى 2912.39 دولار للأونصة، بينما ارتفعت العقود الآجلة للذهب بنسبة 0.3% لتصل إلى 2921.90 دولار للأونصة.
هذا الارتفاع الطفيف في أسعار الذهب يعكس تزايد الإقبال على المعدن النفيس كأداة استثمارية آمنة في أوقات الأزمات الاقتصادية والاضطرابات السياسية.
كما يعتبر الذهب من الأصول التي تتمتع بشعبية عالية بين المستثمرين في فترات التوترات الاقتصادية أو السياسية، وذلك لأنه يحتفظ بقيمته على المدى الطويل بعكس العملات التي قد تتأثر بتقلبات السوق.
التأثيرات الاقتصادية المحيطة بالقرار الأمريكي بشأن الرسوم الجمركية
يعد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية جديدة على المكسيك وكندا والصين مصدرًا رئيسيًا لاضطرابات الأسواق المالية، لا سيما في وول ستريت.
فبينما كان المستثمرون يأملون في استقرار السياسات التجارية الأمريكية، شهدوا تحركات متقلبة من الإدارة الأمريكية بتراجعها عن فرض بعض الرسوم الجمركية على بعض الشركاء التجاريين، مما سبب حالة من الارتباك في الأسواق.
من جانب آخر، تسبب قرار ترامب بفرض رسوم جمركية جديدة بنسبة 25% على الواردات من المكسيك وكندا في ضغوط إضافية على الأسواق العالمية، مما أدى إلى تقلبات في سوق الأسهم والمخاوف من زيادة التضخم في الولايات المتحدة.
كما إن إعفاء بعض السلع من هذه الرسوم، مثل الواردات من المكسيك وبعض السلع من كندا، خلق حالة من عدم اليقين لدى المستثمرين حول استدامة هذه السياسات التجارية.
وقد أثارت هذه التحركات الاقتصادية المتذبذبة القلق بشأن التأثيرات المحتملة على النمو الاقتصادي الأمريكي، مما ساهم في دفع الذهب إلى مستوى قياسي بلغ 2956.15 دولار في 24 فبراير 2025.

الذهب كملاذ آمن في أوقات الاضطرابات الاقتصادية
لطالما كان الذهب يعتبر ملاذًا آمنًا للمستثمرين في أوقات الاضطرابات الاقتصادية والقلق حول استقرار الأسواق، حيث يزداد الطلب على الذهب بشكل ملحوظ في ظل القلق بشأن السياسات الاقتصادية غير المستقرة أو في فترات التضخم المرتفع.
وعندما تكون الأسواق في حالة عدم يقين، يتوجه المستثمرون بشكل طبيعي إلى الذهب باعتباره أداة تحوط ضد تقلبات السوق وارتفاع معدلات التضخم.
في الوقت الذي يعتبر فيه الذهب وسيلة تحوط قوية ضد التضخم، إلا أن ارتفاع أسعار الفائدة لفترة طويلة قد يقلل من جاذبية المعدن الثمين.
فإذا ارتفعت أسعار الفائدة بشكل مستمر، فإن ذلك يقلل من العوائد على الاستثمارات غير المدرة للدخل مثل الذهب، مما يؤدي إلى ضعف الطلب عليها نسبيًا.
وفي هذا السياق، يراقب المستثمرون عن كثب تحركات البنك المركزي الأمريكي، حيث تشير بعض التوقعات إلى إمكانية رفع أسعار الفائدة في المستقبل القريب لمواجهة التحديات الاقتصادية الحالية.
تأثيرات قرار الفائدة على سوق الذهب
من المهم أن نلاحظ كيف أن السياسات المتعلقة بأسعار الفائدة تؤثر بشكل مباشر على جاذبية الذهب، وتشير التقارير إلى أن تزايد الوظائف في الولايات المتحدة، بما في ذلك الزيادة الأخيرة في الوظائف غير الزراعية بمقدار 151 ألف وظيفة.
وقد يدفع البنك المركزي الأمريكي نحو تثبيت أو حتى رفع أسعار الفائدة، فإذا قرر البنك المركزي الأمريكي رفع أسعار الفائدة، سيؤدي إلى تقليص الطلب على الذهب.
إذ إن الذهب لا يدر عوائد مادية، وعلى العكس من السندات أو الأسهم التي قد تزداد عوائدها مع رفع الفائدة، يبقى الذهب فقط أداة استثمارية للحفاظ على القيمة.
لذلك، إذا استمر بنك الاحتياطي الفيدرالي في سياسة رفع أسعار الفائدة، فقد يجد المستثمرون أنفسهم يتجهون نحو استثمارات أكثر ربحية في أسواق أخرى مثل السندات أو الأسهم، مما يؤدي إلى تراجع الطلب على الذهب.

الطلب على المعادن النفيسة الأخرى
فيما يخص المعادن النفيسة الأخرى، شهدت الفضة ارتفاعًا طفيفًا بنسبة 0.1% في المعاملات الفورية لتصل إلى 32.56 دولار للأونصة، بينما استقر سعر البلاتين عند 962.90 دولار.
أما البلاديوم، فقد شهد انخفاضًا بنسبة 0.2% ليصل إلى 946.30 دولار، وعلى الرغم من الارتفاعات الطفيفة في أسعار الفضة، إلا أن هذه المعادن لم تشهد القفزات الكبيرة التي شهدها الذهب.
ويرجع ذلك إلى أن الفضة والبلاتين لا يحظيان بنفس الوضع الاستثماري الآمن الذي يتمتع به الذهب، حيث لا يُنظر إليهما بنفس القدر من الحماية ضد التضخم أو الاضطرابات الاقتصادية.
التوقعات المستقبلية لأسواق الذهب
من المتوقع أن تستمر تقلبات أسواق الذهب في ظل استمرار التوترات الاقتصادية العالمية، وإذا استمرت المخاوف بشأن الحروب التجارية والتضخم العالمي، فإن الذهب قد يظل في موقع قوي من حيث الطلب.
ومع ذلك، يجب على المستثمرين أن يظلوا يقظين حيال التغيرات المستقبلية في سياسة الفائدة الأمريكية، والتي قد تؤثر سلبًا على جاذبية الذهب كأداة استثمارية، كما يجب مراقبة العوامل السياسية والاقتصادية التي قد تتسبب في تقلبات حادة في أسعار الذهب في المستقبل.
ختامًا: يُعد الذهب من أبرز الأدوات التي يلتجئ إليها المستثمرون في أوقات الأزمات الاقتصادية والتقلبات العالمية، ومع تراجع الدولار وارتفاع المخاوف من الحروب التجارية، من المتوقع أن يظل الطلب على الذهب مرتفعًا في المستقبل القريب.
ومع ذلك، ستظل العوامل المتعلقة بأسعار الفائدة والسياسات الاقتصادية الأمريكية تحدد بشكل كبير مسار الأسعار على المدى الطويل.
وعلى الرغم من أن الذهب يمثل أداة تحوط قوية، إلا أن التقلبات المستمرة في الأسواق قد تفرض تحديات إضافية على المستثمرين في هذا المجال.
Short Url
«%57 زيادة بالإيرادات» شركة سمو تقود قاطرة نمو المشاريع العقارية 2024
09 مارس 2025 02:49 م
المنتجات الكيماوية تتصدر قائمة صادرات المملكة غير البترولية بنسبة 25.9%
09 مارس 2025 02:17 م
7 شركات سياحية رائدة تعزز الوعي البيئي وتدعم المجتمعات المحلية
09 مارس 2025 11:03 ص


أكثر الكلمات انتشاراً