«القنبلة الموقوتة» ترامب يشعل حرب العملات والدولار في مرمى النيران
الإثنين، 10 مارس 2025 11:47 ص

الدولار الأميركي
تحليل/ عبد الرحمن عيسى
تعد العملة الأميركية (الدولار) من أبرز المؤشرات الاقتصادية التي تعكس قوة الاقتصاد الأميركي واهتمام المستثمرين العالميين.
ففي الفترات الأخيرة، بدأ الدولار في التراجع أمام مجموعة من العملات الرئيسية الأخرى، مثل الين الياباني والفرنك السويسري، بعد فترة طويلة من الاستقرار النسبي.
ويعود هذا التراجع إلى مجموعة من العوامل الاقتصادية والسياسية التي أثرت بشكل مباشر على ثقة المستثمرين في الاقتصاد الأميركي.
ومن بين تلك العوامل، تبرز المخاوف من حرب تجارية عالمية، وتداعيات السياسات الاقتصادية التي يتبناها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، فضلًا عن القلق من تباطؤ الاقتصاد الأميركي بسبب تداعيات الحرب التجارية والتشريعات الجمركية.
يهدف هذا التحليل إلى كشف العوامل التي تساهم في تراجع الدولار الأميركي، وتفسير كيفية تأثير السياسات التجارية الأميركية على الأسواق المالية والعملات، مع التركيز على دور التوترات التجارية في التأثير على الاقتصاد العالمي.

ضعف سوق العمل الأميركي وتأثيره على الدولار
بدأ الدولار تراجعًا واضحًا في الأسواق العالمية بعد أن أظهرت البيانات الاقتصادية الأمريكية الأخيرة إشارات تدل على ضعف سوق العمل الأميركي.
شملت هذه الإشارات تزايد طلبات إعانات البطالة، مما أثار قلق المستثمرين بشأن إمكانية حدوث تباطؤ اقتصادي، كما يعد سوق العمل من أهم المؤشرات التي يعتمد عليها الاقتصاديون لتقييم صحة الاقتصاد، حيث يعكس التوظيف والنمو في الوظائف قدرة الاقتصاد على تحمل التقلبات.
وفي الوقت الذي كان فيه الاقتصاد الأميركي في فترة نمو نسبي، بدأت هذه البيانات في إثارة المخاوف حول المستقبل القريب، مما أثر بدوره على القوة الشرائية للدولار.
عندما يرى المستثمرون احتمالية تباطؤ اقتصادي في الولايات المتحدة، تتراجع الثقة في العملة الأميركية، مما يؤدي إلى بيع الدولار لصالح العملات الأخرى الأكثر استقرارًا. نتيجة لذلك، شهد الدولار خسائر ملحوظة في أسواق العملات.
المخاوف من حرب تجارية عالمية
من أبرز الأسباب التي ساهمت في تراجع الدولار خلال الفترة الأخيرة هي المخاوف من اندلاع حرب تجارية عالمية، وفي ظل السياسات الحمائية التي اتبعها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بدأ فرض الرسوم الجمركية على مجموعة من الشركاء التجاريين الرئيسيين للولايات المتحدة، مثل الصين وكندا والمكسيك.
رغم أن الرئيس ترامب قد تراجع مؤقتًا عن بعض هذه الرسوم، فإن الضغوط التجارية والقرارات السياسية الخاصة بالرسوم الجمركية على واردات السلع العالمية أثرت بشكل ملحوظ على الأسواق المالية، وأدت إلى تزايد القلق من تباطؤ النمو الاقتصادي.
تعتبر الحروب التجارية من العوامل التي تزيد من عدم اليقين في الأسواق المالية، حيث يترقب المستثمرون تأثيرات هذه السياسات على الاقتصاد العالمي.
كما تعتبر الرسوم الجمركية على الواردات تهديدًا لعملية النمو الاقتصادي، مما يؤدي إلى انكماش التجارة العالمية، وارتفاع تكلفة السلع للمستهلكين، وتزايد التضخم.
في الوقت الذي يكون فيه الاقتصاد الأميركي يعاني من مثل هذه المخاوف، يتحول المستثمرون إلى الملاذات الآمنة، مثل الين الياباني والفرنك السويسري، مما يعزز من قوة هذه العملات ويقلل من قوة الدولار.

ضعف الثقة في الاقتصاد الأميركي وتأثيراته على سوق العملات:
ساهم فقدان الثقة في الاقتصاد الأميركي في المزيد من التراجع في قيمة الدولار، فعندما يشعر المستثمرون بعدم اليقين بشأن أداء الاقتصاد الأميركي، فإنهم يتجهون إلى تجنب المخاطر.
وهو ما ينعكس في زيادة الطلب على العملات الآمنة مثل الين الياباني والفرنك السويسري، ومع تزايد حالات القلق بشأن السياسة الاقتصادية الأميركية، بدأ الدولار يواجه صعوبة في الحفاظ على قوته أمام العملات الأخرى.
تحركات المستثمرين وتأثيرها على أسواق العملات
شدد المستثمرون في الفترة الأخيرة من استراتيجياتهم تجاه الدولار نتيجة لتزايد المخاوف حول تباطؤ الاقتصاد الأميركي والحرب التجارية.
فبحسب بيانات أسواق العقود الآجلة، انخفضت المراكز الطويلة في الدولار إلى أدنى مستوى لها منذ تسع سنوات، كما قلص المستثمرون من التوجهات طويلة الأجل تجاه العملة الأميركية، بعد أن كانوا يحتفظون بمراكز كبيرة في السابق.
هذه التحركات كانت بمثابة انعكاس لحالة الخوف التي يعيشها المستثمرون من المستقبل القريب، وهو ما أدى إلى ارتفاع العملات المنافسة.
في هذا السياق، شهد الين الياباني ارتفاعًا ملحوظًا، حيث ارتفع بنسبة 0.5% ليصل إلى 147.27 دولارًا، كما سجل الفرنك السويسري أعلى مستوى له في ثلاثة أشهر، محققًا 0.87665 دولارًا.
وتعكس هذه الزيادة في العملات الآمنة تحول المستثمرين نحو الأصول التي تعتبر أكثر أمانًا وسط المخاوف الاقتصادية.
كما شهد اليورو أيضًا تحسنًا بنسبة 0.3% ليصل إلى 1.086725 دولارًا، مدعومًا بالإصلاحات المالية التي شهدتها ألمانيا مؤخرًا.

القلق بشأن الركود وتأثيرات التصريحات السياسية
أضافت تصريحات الرئيس ترامب بشأن الاقتصاد الأميركي مزيدًا من القلق في الأسواق، كما أحجم ترامب عن التعليق على ما إذا كانت الولايات المتحدة ستواجه ركودًا اقتصاديًا في المستقبل القريب.
وقد كانت هذه التصريحات بمثابة إشارات إلى المستثمرين بعدم اليقين بشأن القدرة الاقتصادية للولايات المتحدة على التعامل مع التحديات الاقتصادية الحالية، مما دفع الأسواق إلى زيادة قلقها بشأن احتمالات الركود أو تباطؤ النمو الاقتصادي في البلاد.
تأثير السياسات الجمركية على الأسعار والمستهلكين
تستمر الرسوم الجمركية في التأثير على الاقتصاد الأميركي بشكل ملحوظ. زيادة الرسوم الجمركية على السلع المستوردة ترفع الأسعار وتؤدي إلى تزايد التضخم، مما يعكس حالة من عدم الاستقرار في الأسواق المالية.
التضخم الناتج عن هذه السياسات يضع ضغوطًا إضافية على السوق، حيث يصبح من الصعب على بنك الاحتياطي الفيدرالي تحقيق استقرار في الأسعار، كما يؤدي إلى تقليص القدرة الشرائية للمستهلكين الأميركيين، مما يقلل من استهلاكهم للسلع والخدمات.
ختامًا: يتضح من خلال هذا التحليل أن تراجع الدولار الأميركي جاء نتيجة تضافر عدة عوامل اقتصادية وسياسية، أبرزها المخاوف من تباطؤ الاقتصاد الأميركي بسبب سياسات الرئيس ترامب التجارية، وزيادة الرسوم الجمركية، بالإضافة إلى ضعف سوق العمل الأميركي.
وفي الوقت نفسه، يظهر أن المستثمرين أصبحوا أكثر تحفّظًا بشأن الدولار وبدأوا في التحول إلى العملات الآمنة مثل الين الياباني والفرنك السويسري.
كما يتضح أن هناك تأثيرات متزايدة على الاقتصاد العالمي نتيجة لهذه السياسات، مما يفاقم حالة عدم اليقين في الأسواق المالية.
Short Url
«%57 زيادة بالإيرادات» شركة سمو تقود قاطرة نمو المشاريع العقارية 2024
09 مارس 2025 02:49 م
المنتجات الكيماوية تتصدر قائمة صادرات المملكة غير البترولية بنسبة 25.9%
09 مارس 2025 02:17 م
7 شركات سياحية رائدة تعزز الوعي البيئي وتدعم المجتمعات المحلية
09 مارس 2025 11:03 ص


أكثر الكلمات انتشاراً