الإثنين، 10 مارس 2025

08:01 ص

«40 اتفاقية في زيارة واحدة» هل تعيد الإمارات رسم خريطة الاستثمارات في أوروبا؟

السبت، 08 مارس 2025 10:09 ص

الشيخ محمد بن زايد آل نهيان

الشيخ محمد بن زايد آل نهيان

تحليل/ عبد الرحمن عيسى

تعيش العلاقات الاقتصادية بين دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية إيطاليا في الوقت الراهن مرحلة مزدهرة، حيث شهدت تحولات نوعية في شكل التعاون بين البلدين.

يعكس التفاعل القوي بين الإمارات وإيطاليا تطورًا مثيرًا في مجالات الاستثمار والتجارة، كما تُساهم هذه الشراكة بشكل ملموس في تحقيق طموحات البلدين الاقتصادية على المستوى الدولي، مما يفتح آفاقًا جديدة للتعاون في عدة قطاعات حيوية.

ويبرز هذا التحليل فحص المسارات الاستراتيجية والتطورات التي تشهدها العلاقات الاقتصادية بين الإمارات وإيطاليا، مع تسليط الضوء على أبعاد هذه الشراكة في إطار التحولات الاقتصادية العالمية.

إيطاليا

استثمار الإمارات في السوق الإيطالي

أعلنت الإمارات مؤخرًا عن استثمار قدره 40 مليار دولار في السوق الإيطالية خلال السنوات المقبلة، ويعكس هذا الإعلان استثمارًا طويل الأجل يعزز الشراكة الاقتصادية بين البلدين ويدعم التوسع الإماراتي في القطاعات المتقدمة.

يوضح هذا التوجه التزام دولة الإمارات بتوظيف أموالها في قطاعات حيوية مثل التكنولوجيا المتقدمة، الذكاء الاصطناعي، الطاقة المتجددة، الدفاع، النقل، الفضاء، والتعدين، مما يترجم اهتمامها بالابتكار والتطور التكنولوجي المستدام.

حجم التبادل التجاري والاستثمارات بين البلدين

يعد الاقتصاد الإيطالي ثالث أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي، ويبلغ إجمالي ناتجها المحلي أكثر من 2.2 تريليون دولار، كما تُعتبر إيطاليا من أكبر المصدرين في العالم، حيث بلغت قيمة صادراتها السنوية 638 مليار دولار.

وفي المقابل، شهدت الاستثمارات الإيطالية في الإمارات نموًا ملحوظًا خلال السنوات الخمس الماضية، بما يزيد عن 50%، وهو ما يعكس رغبة إيطاليا في تقوية شراكتها الاقتصادية مع الإمارات.

تبلغ قيمة التبادل التجاري بين البلدين أكثر من 14 مليار دولار، مما يجعل إيطاليا الشريك التجاري الأول للإمارات داخل الاتحاد الأوروبي.

يمثل هذا الرقم مؤشرًا على عمق العلاقة التجارية بين البلدين، ويعزز التوجه نحو مزيد من التعاون في المستقبل.

التبادل التجاري

التطورات التي شهدتها الشراكة

صرّح السفير الإيطالي لدى الإمارات، لورينزو فنارا، في مقابلة تلفزيونية قائلًا: "نحن نشهد تحولًا نوعيًا في العلاقات الاقتصادية بين البلدين.

لم يعد التعاون يقتصر على التبادل التجاري التقليدي، بل تطور ليشمل استثمارات استراتيجية في القطاعات الحيوية التي تشكل مستقبل الاقتصاد العالمي.

وتعكس هذه التصريحات التحول الملحوظ في التعاون بين البلدين، حيث توسع مجالات التعاون إلى مشاريع كبيرة وطموحة في مختلف الصناعات.

زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى إيطاليا

شهدت العلاقات الثنائية قفزة نوعية مع زيارة رئيس دولة الإمارات، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، إلى إيطاليا، حيث اعتبر السفير الإيطالي هذه الزيارة حدثًا تاريخيًا، إذ كانت أول زيارة رسمية لرئيس إماراتي إلى إيطاليا، وجاءت الزيارة لتؤكد التوجه الاستراتيجي في تعزيز التعاون بين البلدين في مجالات متعددة.

من أبرز نتائج الزيارة توقيع أكثر من 40 اتفاقية ثنائية بين الإمارات وإيطاليا، فهذه الاتفاقيات شملت شراكات استراتيجية في مجالات الذكاء الاصطناعي، مراكز البيانات، والطاقة المتجددة.

كما تم توقيع خطاب نوايا بين الشركات الإماراتية مثل "MGX" و"G42" والشركة الإيطالية العملاقة "إيني" (ENI) لتطوير البنية التحتية للذكاء الاصطناعي.

وتمثل هذه الشراكات خطوة كبيرة نحو تعزيز الابتكار التكنولوجي بين البلدين، خاصة في ظل الثورة الرقمية التي تشهدها الأسواق العالمية.

شركة G42

التعاون في مجال الطاقة النظيفة

شهدت الزيارة أيضًا توقيع اتفاقية ثلاثية بين الإمارات وإيطاليا وألبانيا للتعاون في مشاريع الطاقة النظيفة، وتدل هذه الاتفاقية على التزام كلا البلدين بالتحول نحو الطاقة المستدامة، وتقليل الانبعاثات الكربونية.

وتؤكد هذه المشاريع المشتركة رغبة الإمارات وإيطاليا في دعم الجهود العالمية لمكافحة تغير المناخ، وتهيئة بيئة خالية من الانبعاثات الضارة.

الرمزية الثقافية لتعزيز قيم التسامح

في لفتة رمزية مميزة، قدّم الرئيس الإيطالي خلال الزيارة هدية مميزة إلى رئيس دولة الإمارات، تمثلت في عملة معدنية تاريخية تُعرف باسم "تاري"، والتي تعود إلى ألف عام وتعود لحقبة متداولة في صقلية.

وتحمل هذه العملة رموزًا عربية، مما يعكس التعايش بين الثقافات الإسلامية والمسيحية في تلك الحقبة، وقال السفير الإيطالي في هذا السياق: "هذه الهدية تجسّد رسالة للتعايش الإنساني والتسامح، فالإمارات هي نموذج معاصر للتسامح والتعايش".

تؤكد هذه اللفتة على القيم الإنسانية التي تتبناها الإمارات في سياستها الداخلية والخارجية.

نمو الشراكة الاقتصادية المستقبلية

تشهد العلاقات بين الإمارات وإيطاليا تطورًا مستدامًا ومبشرًا بالخير، إذ من المتوقع أن تستمر هذه الشراكة في النمو وتعميق التعاون في المستقبل.

وتُعدّ الاتفاقيات الجديدة بداية لمرحلة جديدة من التعاون الاستثماري في المجالات الاستراتيجية التي تهم الاقتصاد العالمي.

كما يُتوقَع أن تسهم هذه المشاريع المشتركة في خلق فرص عمل جديدة، وتحفيز الابتكار، ودعم التقنيات الحديثة التي ستؤثر بشكل إيجابي على اقتصادات البلدين.

ختامًا: تثبت العلاقات الاقتصادية بين الإمارات وإيطاليا أنها علاقة راسخة ومبنية على أسس استراتيجية سليمة، ويشكل هذا التعاون نمطًا جديدًا من الشراكات بين الدول الكبرى، حيث لا يقتصر التعاون على المجالات التجارية التقليدية، بل يمتد ليشمل التكنولوجيا، الطاقة، والابتكار.

ومع تزايد الاستثمارات والاتفاقيات بين البلدين، يُنتظر أن تثمر هذه الشراكة بشكل أكبر في المستقبل، مما يعزز من مكانة الإمارات وإيطاليا كقوتين اقتصاديتين عالميتين قادرتين على مواجهة تحديات المستقبل.

Short Url

showcase
showcase
search