تعويم الجنيه المصري، عام من التحولات الاقتصادية بعد القضاء على السوق السوداء
الخميس، 06 مارس 2025 12:30 م

الجنيه المصري
تحليل/ ميرنا البكري
مر عام على آخر قرارات تعويم الجنيه المصري، في 6 مارس 2024، أصدر البنك المركزي المصري قرار بتعويم الجنيه ورفع أسعار الفائدة بواقع 600 نقطة أساس، بهدف مواجهة التحديات الاقتصادية.
نستعرض في هذا التحليل، أبرز الأحداث الاقتصادية خلال عام 2024، وتأثير التعويم على الاقتصاد المصري مع الاستدلال ببيانات موثوقة، وبينما انقسمت الآراء حول تأثيره، فإن الواقع يفرض علينا اليوم نظرة تحليلية متوازنة لفهم ما ترتب على التعويم وما يمكن البناء عليه في المستقبل.

مرور عام على تعويم الجنيه المصري، المكاسب الاقتصادية رغم التحديات
بالرغم من التحديات التي جاءت مع تعويم الجنيه المصري، إلا أن هناك عدة جوانب إيجابية انعكست على الحالة الاقتصادية للبلاد، مدعومة بالبيانات الرسمية:
ارتفاع الاحتياطي النقدي الأجنبي
تحسن الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية لدى البنك المركزي بعد التعويم، ارتفع احتياطي النقد الأجنبي المصري بـ 156 مليون دولار خلال شهر يناير الماضي ليسجل 47.265 مليار دولار مقارنة بـ 47.109 مليار في ديسمبر 2024، وفقًا لبيانات صادرة عن البنك المركزي المصري.
وشهد صافي الاحتياطي النقديي لدى البنك المركزي المصري ارتفاع قدره 12.145 مليار دولار خلال الفترة من يناير 2024، وحتى فبراير 2025.
هذا الارتفاع يشير إلى زيادة تدفقات النقد الأجنبي من مصادر مختلفة على سبيل المثال: الاستثمار الأجنبي وتحويلات المصريين بالخارج.
تقليل الفجوة بين السعر الرسمي والسوق السوداء
قبل التعويم، كانت السوق السوداء توفر الدولار بسعر أعلى بكثير من السعر الرسمي، حيث شهدت السوق السوداء تقلبات سعرية ملحوظة في مارس 2024، حيث ارتفع الدولار إلى 44 جنيهًا في 2 مارس، ثم انخفض إلى 38 جنيهًا في 3 مارس. هذه التقلبات قد تعكس تدخلات حكومية أو تغيرات في العرض والطلب، وبالتالي توقف الطلب في السوق الموازي منذ توقيع صفقة رأس الحكمة في الساحل الشمالي، ثم جاء التعويم في 6 مارس 2024، وساهم في تقليل الفجوة بين السعرين، مما جعل سوق الصرف أكثر شفافية.
حيث سجل سعر الدولار بالسوق السوداء في مارس2025 حوالي من 50.20-50.47 جنيهًا، وسجل سعر الدولار في تعاملات البنوك اليوم 50.67 جنيه للشراء، وهذا يعكس انكماش الفجوة بين السعر الرسمي للدولار وسعره في السوق السودة، وبالتالي يشير إلى التداعيات الإيجابية لتعويم الجنيه.

حجم الاستثمارات الأجنبية
شهدت الاستثمارات الأجنبية المباشرة شهدت تحسنًا ملحوظًا، حيث بلغت حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة 46.1 مليار دولار خلال عام 2024، وهو ما سجل ارتفاع عن العام السابق. مما يرجع إلى وضوح سياسة سعر الصرف، مما أعطى المستثمرين ثقة في التعامل مع السوق المصري.
زيادة الصادرات وتحسن الميزان التجاري
مع انخفاض قيمة الجنيه، أصبحت المنتجات المصرية أكثر تنافسية عالميًا، حيث بلغت الصادرات المصرية في 40 مليار دولار خلال عام 2024، وهي أول مرة في تاريخها، خصوصًا في قطاعات مثل الصناعات الغذائية، والمنسوجات، والبتروكيماويات.
ارتفاع تحويلات المصريين العامليين بالخارج
تحويلات المصريين بالخارج ارتفعت بمعدل 51.3%، لتسجل 29.6 مليار دولار خلال عام 2024، مقابل بـ 19.5مليار دولار في 2023، حيث أصبح التحويل عبر القنوات الرسمية أكثر جذبًا مع ارتفاع سعر الصرف الرسمي.
في الختام، مع مرور عام على قرار تعويم الجنيه المصري في مارس 2024، وبينما شهدت البلاد تحديات اقتصادية كبيرة، منها ارتفاع معدلات التضخم وعدم استقرار الأسعار، كان لهذا القرار تأثيرات متعددة تتراوح بين الإيجابي والسلبى، لكنه ساهم بشكل واضح في تحسين بعض المؤشرات الاقتصادية الهامة.
حيث إن ارتفاع الاحتياطي النقدي الأجنبي، والتقليل المحلوظ للفجوة بين السعر الرسمي وسعر السوق السوداء، وزيادة حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة، والتوسع في الصادرات المصرية في مختلف الأسواق، كلها إثبات على أن التعويم قد أحدث تحولات إيجابية فارقة، رغم التحديات التي لا تزال قائمة.
لكن من المهم أن نفهم أن تأثير التعويم لم يكن مجرد نقلة مفاجئة، بل هو جزء من عملية أوسع تتطلب تكامل السياسات الاقتصادية، من أجل استدامة هذه المكاسب. تحسين بنية الاقتصاد المصري يتطلب مواصلة إصلاحات هيكلية، في مجالات الطاقة والبنية التحتية، وتعزيز التنافسية للمنتجات المحلية، وزيادة الاستثمار في القطاعات التكنولوجية والصناعية.
مع هذا التحسن في المؤشرات الاقتصادية، يظهر أن مصر قد قطعت خطوات كبيرة نحو بناء اقتصاد أكثر استقرارًا وتنمية. ومع ذلك، يبقى المستقبل مرهونًا بالتزام الحكومة بتطبيق سياسات محكمة، وتجاوز التحديات الداخلية مثل التضخم وأسعار الفائدة المرتفعة.
في النهاية، رغم أن المشهد لا يزال معقدًا، إلا أن ما تحقق من نتائج خلال هذا العام يفتح آفاقًا واعدة لمستقبل الاقتصاد المصري، ويعزز الأمل في بناء اقتصاد أكثر مرونة قادر على مواجهة التحديات العالمية.
Short Url
«نيوزيلندا تُحرج أمريكا» سفير يُشعل فتيل حرب اقتصادية عالمية باستقالته
06 مارس 2025 02:01 م
عمالقة التريليونات يقودون الاقتصاد العالمي في 2025
05 مارس 2025 05:34 م
هل تهدد الوظائف البشرية؟، مستقبل العمل في عصر الأتمتة بين الفرص والتحديات
04 مارس 2025 12:33 ص


أكثر الكلمات انتشاراً