النفط يتعافى بعد 4 جلسات هبوط، هل مجرد استراحة أم بداية صعود؟
الخميس، 06 مارس 2025 10:16 ص

النفط
تحليل/ عبد الرحمن عيسى
شهدت أسعار النفط تقلبات ملحوظة خلال الأسابيع الماضية، حيث هبطت بشكل حاد على مدار أربع جلسات متتالية، إلا أن الأسعار بدأت في التعافي اليوم الخميس، مدفوعةً بتوقعات تخفيف الرسوم الجمركية الأمريكية على إمدادات الخام الكندي.
ورغم هذا التحسن الطفيف، ظل الحذر يسيطر على الأسواق بسبب استمرار الرسوم الجمركية على المكسيك، بالإضافة إلى خطط المنتجين الرئيسيين لزيادة الإنتاج في الفترة المقبلة.
يهدف هذا التحليل إلى استكشاف أسباب الانخفاض الحاد الأخير في أسعار النفط، وتحليل تأثير الرسوم الجمركية الأمريكية على أسواق النفط العالمية، كما ستتناول أيضًا تداعيات القرارات المستقبلية من كبار المنتجين على الأسعار.

السياق الزمني والتحليلات الاقتصادية
بدأت أسعار النفط في التراجع بشكل ملحوظ بعد أن دخلت الرسوم الجمركية الأمريكية على التجارة مع كندا والمكسيك حيز التنفيذ، حيث شملت هذه الرسوم واردات الطاقة، بما في ذلك النفط الخام والبنزين.
في الوقت ذاته، قرر كبار المنتجين، مثل منظمة أوبك+، رفع حصص الإنتاج لأول مرة منذ عام 2022، وأدى هذا المزيج من العوامل إلى حالة من الارتباك في السوق، حيث تراجعت أسعار النفط بشكل حاد في الجلسات الأربع الماضية.
ولكن مع بدء تخفيف المخاوف من الرسوم الجمركية على بعض القطاعات، شهدت الأسواق النفطية تعافيًا طفيفًا.
تطبيق الرسوم الجمركية الأمريكية
فرضت الإدارة الأمريكية بقيادة الرئيس دونالد ترامب رسومًا جمركية على واردات الطاقة من كندا والمكسيك، ما أدى إلى رفع تكلفة التجارة في هذه السلع الأساسية.
ويعتبر النفط الكندي من المصادر الهامة للإمدادات في سوق النفط الأمريكي، لذا كان لهذه الرسوم تأثير كبير على حركة الإمدادات.
كما شهد السوق النفطي انخفاضًا ملحوظًا نتيجة القلق من تأثير هذه الرسوم على تكلفة الشحن والتداول، مما تسبب في موجة من الهبوط للأسعار في الفترة الأخيرة.
زيادة الإنتاج من قبل كبار المنتجين
اتخذت أوبك+ قرارًا مهمًا بزيادة حصص الإنتاج لأول مرة منذ عام 2022، وهو ما أدى إلى زيادة المخاوف من توافر فائض في المعروض العالمي.
يمثل هذا التوسع في الإنتاج تحديًا كبيرًا لأسعار النفط، خاصة مع انخفاض الطلب على النفط الخام في بعض الأسواق.
أما هذا القرار، فكان له دور كبير في الضغط على الأسعار، حيث توقع المستثمرون أن يؤدي ذلك إلى زيادة العرض في ظل استقرار الطلب النسبي.

التوترات التجارية بين أمريكا وكندا والمكسيك
مع اندلاع الحرب التجارية بين الولايات المتحدة وكندا والمكسيك، تأثرت أسواق النفط بشكل غير مباشر، وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة أعفت قطاع صناعة السيارات من بعض الرسوم الجمركية، إلا أن بقاء الرسوم على واردات الطاقة ظل يساهم في تقليص التفاؤل في الأسواق.
وقد أدى ذلك إلى موجة من البيع المكثف في أسواق النفط على مستوى العالم، مما خفّض الأسعار بشكل حاد خلال الجلسات الأخيرة.
التعافي الطفيف للأسعار نتيجة التوقعات بتخفيف الرسوم الجمركية
في ظل هذه الظروف الاقتصادية المتقلبة، بدأت أسعار النفط تعود إلى الارتفاع تدريجيًا، مدفوعةً بتوقعات بأن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد يقرر إلغاء الرسوم الجمركية على واردات الطاقة الكندية.
في حال حدوث ذلك، قد تكون هناك انفراجة في العلاقات التجارية بين الدول الثلاث، ما من شأنه أن يخفف من الضغوط على أسواق النفط العالمية.
على الرغم من أن هذا التحسن لم يكن كبيرًا، إلا أنه ساعد في رفع معنويات المستثمرين وتحفيزهم على العودة إلى السوق.
أثر القرار المحتمل على أسواق النفط العالمية
تتمتع كندا بموقع استراتيجي في سوق النفط العالمي، حيث تشكل مصدرًا هامًا للإمدادات الأمريكية، وفي حال تخفيف الرسوم الجمركية عليها، ستكون هناك زيادة في تدفق النفط الخام الكندي إلى الأسواق الأمريكية والعالمية، مما قد يساعد على تخفيف الضغوط على الأسعار.
هذا التخفيف يمكن أن يوفر دعمًا للأسواق التي شهدت تراجعًا في الإمدادات بسبب القيود التجارية، ولكن، يجب على المستثمرين والمحللين أن يظلوا حذرين في حال استمرار الرسوم الجمركية على المكسيك، وهو ما يحد من أثر هذه التطورات الإيجابية.

استمرار الضغوط الناتجة عن الرسوم الجمركية على المكسيك
في حين أن الرسوم الجمركية على كندا قد تشهد تخفيفًا، فإن الرسوم المفروضة على المكسيك لا تزال سارية، وبما أن المكسيك تمثل مصدرًا هامًا للإمدادات النفطية في أمريكا الشمالية، فإن استمرار الرسوم الجمركية عليها يعني أن الأسوق ستظل تحت ضغوط تجارية قد تؤثر سلبًا على تدفق النفط إلى الولايات المتحدة وأسواق أخرى.
تأثير زيادة الإنتاج على أسعار النفط
مع قرار أوبك+ بزيادة الإنتاج، أصبح هناك قلق من أن العرض سيستمر في الزيادة بينما يظل الطلب على النفط ثابتًا أو ينمو بوتيرة بطيئة.
وبالتالي، قد يستمر الضغط على الأسعار من جانب العرض إذا لم تنمو الطلبات بما يتناسب مع هذا التوسع في الإنتاج.
مخاوف من تراجع الطلب العالمي
إلى جانب زيادة الإنتاج، يعاني العديد من اقتصادات العالم من تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي، وهو ما يؤثر على الطلب على النفط.
وبينما تسعى بعض الدول لتخفيض استهلاك الطاقة بسبب التحولات البيئية والسياسات الاقتصادية، قد يؤدي ذلك إلى تراجع الطلب على النفط.
التوقعات المستقبلية لسوق النفط
على الرغم من التحسن الطفيف الذي شهدته أسعار النفط في الآونة الأخيرة، تبقى الأسواق النفطية تحت تأثير مزيج من العوامل السلبية التي قد تحد من ارتفاع الأسعار.
من المتوقع أن يستمر تقلب الأسعار في المستقبل القريب، حيث يبقى قرار أوبك+ بزيادة الإنتاج أحد العوامل الرئيسية المؤثرة في المعروض النفطي.
في ظل استمرار النزاع التجاري بين الولايات المتحدة وكندا والمكسيك، يبقى مستقبل الرسوم الجمركية غامضًا، ما يعني أن أسواق النفط قد تشهد المزيد من التقلبات.
كما إن الاتجاه العام للأسواق سيكون مرتبطًا بتطورات العلاقات التجارية وتوقعات النمو الاقتصادي العالمي.
 (1)_1773_100856.jpg)
التحليل الفني للأسواق النفطية
من خلال التحليل الفني لأسواق النفط، لوحظ أن العقود الآجلة لخام برنت قد شهدت ارتفاعًا بنسبة 0.61% إلى 69.72 دولارًا للبرميل، في حين صعد خام تكساس بنسبة 0.6% إلى 66.71 دولارًا للبرميل.
رغم هذا التحسن، فإن أسعار النفط تبقى قريبة من أدنى مستوياتها منذ ديسمبر 2021، مما يشير إلى أن السوق لا يزال هشًا ويعاني من الضغوط الاقتصادية والتجارية.
تتوقع بعض التحليلات الفنية أن تعود الأسعار للارتفاع تدريجيًا إذا استمر التخفيف المحتمل في الرسوم الجمركية، لكن لا تزال هناك مؤشرات على أن السوق قد يواجه مزيدًا من التقلبات.
ختامًا: يعتبر تعافي أسعار النفط بعد تراجع دام لأربع جلسات علامة إيجابية للسوق، رغم أن الأسباب التي أدت إلى التراجع ما زالت قائمة.
كما إن تخفيف الرسوم الجمركية على واردات النفط الكندي قد يمثل انفراجة للأسواق النفطية، لكن تبقى الحذر واجبًا بسبب الرسوم المستمرة على المكسيك وزيادة الإنتاج من كبار المنتجين.
سيظل السوق تحت مراقبة دقيقة من المستثمرين والمحللين الذين يترقبون المزيد من التحولات التجارية والاقتصادية التي قد تؤثر على أسواق النفط في المستقبل القريب.
Short Url
«نيوزيلندا تُحرج أمريكا» سفير يُشعل فتيل حرب اقتصادية عالمية باستقالته
06 مارس 2025 02:01 م
عمالقة التريليونات يقودون الاقتصاد العالمي في 2025
05 مارس 2025 05:34 م
هل تهدد الوظائف البشرية؟، مستقبل العمل في عصر الأتمتة بين الفرص والتحديات
04 مارس 2025 12:33 ص


أكثر الكلمات انتشاراً