الخميس، 06 مارس 2025

05:10 م

«490 مليار ريال خسائر» هل نتائج أرامكو السعودية السبب في هبوط مؤشر تاسي؟

الخميس، 06 مارس 2025 09:47 ص

سوق الأسهم السعودية

سوق الأسهم السعودية

تحليل/ عبد الرحمن عيسى

شهدت سوق الأسهم السعودية، وتحديدًا مؤشر "تاسي"، تقلبات حادة في الفترة الأخيرة، حيث فقدت القيمة السوقية حوالي 490 مليار ريال سعودي خلال ثلاثة أسابيع فقط.

بعد أن سجل المؤشر أعلى مستوى له في بداية فبراير 2025، بدأ المسار التحليلي للسوق يتحول بشكل مفاجئ إلى هبوط متسارع، مما أثار القلق لدى المتداولين والمستثمرين.

يسعى هذا التحليل إلى كشف أسباب هذا التراجع، وتقديم رؤية متكاملة حول العوامل المؤثرة على سوق الأسهم، مع التركيز على تأثير النتائج المالية للشركات، التحولات الاقتصادية العالمية، وتأثير النفط، بالإضافة إلى تسليط الضوء على الأسهم التي تأثرت سلبًا وأخرى التي حققت مكاسب في نفس الفترة.

السياق الزمني والاقتصادي

بدأت السوق السعودية عام 2025 بمؤشرات إيجابية، حيث سجلت الأسهم ارتفاعًا قويًا في يناير وفبراير، وهو ما جعل الكثير من المحللين يتوقعون استمرار هذا الزخم الصعودي.

غير أن الأمور تغيرت سريعًا في الأسابيع التالية، حيث بدأ مؤشر "تاسي" في الانخفاض بسرعة، متأثرًا بعدد من العوامل الاقتصادية والتجارية التي انعكست على معنويات المتداولين.

النتائج المالية غير المتوقعة

قدمت العديد من الشركات المدرجة في سوق الأسهم نتائج مالية أقل من التوقعات، وهو ما أدى إلى إحباط كبير بين المستثمرين وأثر سلبًا على القيمة السوقية للسوق بشكل عام.

كما قدمت بعض الشركات أداءً ضعيفًا في الربع الأخير من 2024، حيث انخفضت الإيرادات والأرباح، مما جعل العديد من المستثمرين يعيدون تقييم حصصهم في هذه الشركات.

الرسوم الجمركية الأمريكية على الشركاء التجاريين

فرضت إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق دونالد ترامب تعريفات جمركية على بعض الشركاء التجاريين الرئيسيين للولايات المتحدة.

أدى ذلك إلى تأثيرات سلبية على حركة التجارة الدولية، مما كان له انعكاسات مباشرة على الشركات العالمية والمحلية.

كما شهدت شركات كثيرة انخفاضًا في قيمة أسهمها بسبب التأثيرات السلبية لهذه الرسوم على الأرباح المستقبلية.

انخفاض أسعار النفط

يعتبر النفط من المحركات الرئيسية للاقتصاد السعودي، ومن ثم فإن انخفاض أسعاره كان له تأثير كبير في هبوط السوق.

ويعكس هذا التراجع تذبذبًا في أسعار السلع الأساسية عالميًا، مما أثر بدوره على ثقة المستثمرين في أسواق الطاقة وأدى إلى انخفاض سعر أسهم الشركات المرتبطة بشكل وثيق بقطاع النفط.

نتائج أرامكو السعودية وتأثيرها على السوق

لم تكن نتائج شركة أرامكو السعودية بعيدًا عن هذا الانخفاض، حيث سجلت أسهم الشركة تراجعًا بنسبة 4.3% منذ بداية فبراير. 

وعزا العديد من المحللين هذا التراجع إلى إعلان الشركة عن نتائج أعمال أقل من التوقعات، بالإضافة إلى خفض توزيعات الأرباح المتعلقة بالأداء للعام الجاري.

وكان لهذا التأثير الواضح على القيمة السوقية للمؤشر بشكل عام، نظرًا للوزن الكبير الذي تحمله أسهم أرامكو داخل مؤشر "تاسي".

أسهم الشركات المتراجعة

خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، شهدت العديد من الشركات تراجعات حادة في أسهمها. تصدرت شركة "سال" القائمة بتراجع بنسبة 28.3%، تلتها شركة "ملاذ للتأمين" بنسبة 26.7%، ثم شركة "الأبحاث والإعلام" بتراجع بلغ 26%.

تعرضت هذه الشركات إلى انخفاضات حادة بسبب نتائجها المالية غير المرضية وتأثيرات العوامل الخارجية مثل تراجع أسعار النفط والضرائب الجمركية.

الشركات التي حققت مكاسب

في الوقت الذي سجلت فيه العديد من الأسهم تراجعات حادة، برزت بعض الشركات التي تمكنت من تحقيق مكاسب.

كما تصدر سهم "اتحاد الاتصالات" قائمة الشركات الرابحة، حيث سجل زيادة بنسبة 7.4% بعد إعلان الشركة عن نتائج مالية فاقت التوقعات.

وحققت الشركة أرباحًا بلغت 979.4 مليون ريال سعودي بنمو وصل إلى 31% مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي.

أيضًا، شهدت أسهم كل من "أسمنت الرياض" و"الأندلس" ارتفاعًا بنسب بلغت 5% و4.7% على التوالي، مما يعكس الأداء الجيد لبعض الشركات في مواجهة التحديات الاقتصادية.

القطاع المصرفي في السعودية

حافظ قطاع البنوك في السعودية على تماسكه نسبيًا خلال فترة التراجع الكبيرة في سوق الأسهم، كما استفاد القطاع المصرفي من نتائج مالية جيدة خلال العام الماضي، حيث حقق العديد من البنوك أرباحًا قوية مما ساعد على دعم أسعار أسهمها.

كما أن تداول أسهم البنوك عند مكررات ربحية أقل من متوسط السوق ساهم في تقليل حدة التراجعات في مؤشر "تاسي".

ويعد القطاع المصرفي من القطاعات الثقيلة في السوق، وبالتالي فإن استقرار أسهمه كان له دور حاسم في الحد من الانخفاضات.

التحليل الفني للسوق

من خلال النظر في الأرقام الفنية، فإن مستويات مؤشر "تاسي" خلال الفترة الأخيرة كانت تتراوح بين 11850 و11800 نقطة.

تشير هذه النقاط إلى أنها قد تكون مناطق ارتداد للسوق، مما يفتح الباب أمام احتمالية حدوث تحول إيجابي في الأيام المقبلة إذا تمكنت الشركات من تقديم نتائج أفضل.

في الوقت نفسه، لا تشير مكررات الربحية الحالية إلى وجود مجال كبير للصعود إلى مستويات مرتفعة جديدة، مما يجعل التوقعات المستقبلية غير واضحة ويعكس حالة من الحذر بين المتداولين.

التوقعات المستقبلية للسوق السعودي

رغم التراجعات الكبيرة في الفترة الماضية، يظل الأمل في عودة السوق إلى مساره الصاعد قائمًا. من المتوقع أن تكون النتائج المالية للشركات المدرجة في الربع الأول من 2025 لها دور كبير في تحديد مسار السوق في الأشهر المقبلة.

إذا استمرت أسعار النفط في الانخفاض أو استمرت التوترات التجارية العالمية، فقد تستمر الضغوط على السوق السعودي.

أما إذا تحسنت نتائج الشركات الرئيسية، وظهرت إشارات على استقرار أسعار النفط، فقد تبدأ الأسواق في التعافي تدريجيًا.

ختامًا: أدى التراجع الحاد في قيمة مؤشر "تاسي" في الأسابيع الثلاثة الأخيرة إلى تحولات كبيرة في السوق السعودي.

وقد يكون من الصعب تحديد المستقبل القريب للسوق في ظل الظروف الحالية، ولكن يجب أن تظل الشركات والمستثمرون مستعدين للتكيف مع التقلبات الاقتصادية العالمية والمحلية.

يبقى التفاؤل الحذر هو الأسلوب الأنسب في الفترة القادمة، حيث أن السوق السعودية قد تشهد مرحلة من الاستقرار تدريجيًا إذا تحسنت الأوضاع الاقتصادية العالمية والمحلية.

Short Url

showcase
showcase
search