الخميس، 06 مارس 2025

04:10 م

«التمويل الأخضر» كيف تحول السعودية التحديات البيئية إلى فرص استثمارية؟

الثلاثاء، 04 مارس 2025 08:00 م

من التحديات البيئية إلى الفرص الاستثمارية

من التحديات البيئية إلى الفرص الاستثمارية

تحليل/ عبد الرحمن عيسى

تعمل المملكة العربية السعودية على تعزيز دور القطاع الخاص في تحقيق أهداف التنمية المستدامة من خلال دعم وتحفيز مختلف المبادرات البيئية والاقتصادية. 

كما تسعى المملكة لفتح آفاق جديدة للتمويل الأخضر، وتوفير استراتيجيات مبتكرة تسهم في تحفيز المنشآت الصغيرة والمتوسطة على تبني ممارسات الاستدامة.

منشآت

الإطار العام للتمويل الأخضر

أطلقت المملكة العربية السعودية الإطار العام للتمويل الأخضر في عام 2021، والذي يتماشى مع سياسات صندوق الاستثمارات العامة ووزارة المالية.

يهدف هذا الإطار إلى تعزيز الاستثمارات المستدامة وتوفير الدعم المالي للمشاريع التي تسهم في تحقيق الاقتصاد الدائري، من خلال تقليل الانبعاثات الكربونية وتحفيز التنمية المستدامة في المملكة.

يشمل الإطار العام للتمويل الأخضر مجموعة من الأدوات المالية التي تهدف إلى دعم المشاريع المستدامة، مثل:

1- السندات الخضراء والصكوك: توجيه الاستثمارات نحو المشاريع التي تساهم في تحقيق أهداف الاستدامة.

2- التخفيف من آثار التغير المناخي: تمويل المشاريع التي تسهم في الحد من تأثيرات التغير المناخي والتكيف معه.

3- القروض وأدوات الدين الأخرى: توفير الدعم المالي اللازم لتمويل المشاريع الخضراء.

4- مشاريع الطاقة المتجددة: دعم مشاريع الطاقة الشمسية، والمائية، والرياح، وتطوير التقنيات المتقدمة في هذا المجال.

5- استخدام الموارد المائية والبحرية: الاستثمار في تقنيات تحلية المياه وإدارة الموارد المائية المستدامة.

6- حماية التنوع البيولوجي: الحفاظ على البيئة وحمايتها من التلوث.

7- إدارة المدن الذكية: دعم تقنيات إدارة المدن والمباني الذكية لتقليل الاستهلاك غير المستدام للطاقة.

فرص السوق والاستراتيجيات المستدامة للتمويل

تحفيز نمو الابتكارات من خلال مسرعات الاستدامة

تدرك المملكة أهمية الابتكار في تسريع التحول نحو اقتصاد مستدام، كما أطلقت المملكة العديد من برامج مسرعات الأعمال التي تستهدف تحفيز الابتكار والنمو في المنشآت الصغيرة والمتوسطة في مجال الاستدامة.

وتوفر هذه البرامج للشركات الناشئة والابتكارية بيئة حاضنة تمكنهم من الوصول إلى رأس المال المطلوب وتطوير حلول مستدامة.

برنامج مسرعة الأعمال "سدرة"

أطلقت وزارة البيئة والمياه والزراعة برنامج "سدرة" في وادي السيليكون في عام 2024، بهدف دعم الشركات الناشئة والمنشآت الصغيرة والمتوسطة في القطاع البيئي.

كما يستمر البرنامج لمدة 12 أسبوعًا، ويشمل الإرشاد، وربط الشركات بالشركات العالمية، وتعزيز التعاون مع شركات الاستثمار الجريء.

ويستهدف البرنامج تطوير الابتكارات التي تسهم في تحسين البيئة، ويعزز من النمو الاقتصادي المستدام في المملكة.

صناديق الاستثمار الجريء في مجال الاستدامة

تعمل المملكة على تمكين القطاع الخاص من الحصول على التمويل اللازم لابتكار حلول مستدامة، من خلال العديد من صناديق الاستثمار الجريء التي تركز على التقنيات الحديثة والمستدامة. تشمل أبرز هذه الصناديق:

1- صندوق "واعد فنتشرز": تابع لشركة أرامكو السعودية، يهدف إلى دعم الشركات الناشئة في مجالات التقنية الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي، والطاقة المتجددة، والتقنية الزراعية، ويوفر الصندوق التمويل والإرشاد للشركات الناشئة التي تسعى إلى تطوير حلول مبتكرة في مجالات الاستدامة.

صندوق "واعد فنتشرز"

2- صندوق "STV" الاستثماري: أُطلق عام 2018، وهو أكبر صندوق للاستثمار الجريء في قطاع التقنية في الشرق الأوسط. يركز على استثمار الشركات الناشئة المبتكرة التي تعتمد على التكنولوجيا وتساهم في الاستدامة.

صندوق "STV" الاستثماري

3- صندوق "ستيل أطلس": تأسس في نيويورك عام 2022 بالشراكة بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة. يركز على الاستثمار في التقنيات المناخية داخل المملكة ودول مجلس التعاون الخليجي وخارجها.

صندوق "ستيل أطلس"

التوقعات المستقبلية وفرص النمو

تتجه المملكة نحو توسيع تبني الممارسات المستدامة من خلال الابتكار في مختلف القطاعات. أطلقت العديد من المبادرات المبتكرة التي تستهدف تمكين القطاع الخاص، بما في ذلك قطاع الصناعة والتقنية.

شركة "آلات" للتصنيع المستدام

أُطلقت شركة "آلات" في عام 2024، وهي شركة تابعة لصندوق الاستثمارات العامة، وتعمل الشركة على تطوير حلول صناعية مستدامة تدعم التحول إلى الطاقة النظيفة من خلال تقنيات الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الحديثة.

تهدف الشركة إلى استثمار 375 مليار ريال سعودي عبر تسعة وحدات أعمال بحلول عام 2030، والتي تشمل الصحة الذكية، والتحول الكهربائي، والصناعات المتقدمة.

البحث والتطوير في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية

أبحاث الاستدامة في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية

تسهم جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية في تحقيق رؤية المملكة من خلال دعم جهود البحث والتطوير في مجالات الاستدامة.

وتعمل الجامعة على تطوير حلول تكنولوجية مبتكرة في مجالات مثل حماية البيئة، واستصلاح الأراضي، وحماية النظم البيئية البحرية.

التقنيات الناشئة في مجال الاستدامة

تتطور المملكة في تبني تقنيات ناشئة تدعم الاستدامة في مختلف القطاعات. تشهد المملكة تطورًا في تطبيق التقنيات المتقدمة التي تسهم في تقليل التأثيرات البيئية وتعزيز كفاءة الموارد.

التقنيات المتقدمة للطاقة المتجددة

تستثمر المملكة في تطوير تقنيات الطاقة الشمسية المتقدمة، مثل الألواح الشمسية المركزة وتوربينات الرياح المصممة خصيصًا لظروف الصحراء، كما تعمل على تطوير تقنيات الهيدروجين الأخضر والأزرق كمصدر للطاقة المتجددة.

إدارة الموارد المائية

تُركز المملكة على استخدام تقنيات تحلية المياه التي تعتمد على الطاقة الشمسية، بالإضافة إلى تطوير أنظمة مبتكرة لتنقية المياه باستخدام ألواح “الغرافين”، كما تسعى المملكة لتطبيق شبكات المياه الذكية لزيادة كفاءة استخدام المياه في الزراعة والصناعة.

التقنيات الزراعية المستدامة

تتجه المملكة نحو تبني أساليب الزراعة المائية والعمودية، التي تساعد في تقليل استخدام المياه وتحسين إنتاجية الغذاء. كما تسعى إلى استخدام الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء لتحسين استهلاك الموارد الزراعية.

البنية التحتية والمدن الذكية

تستثمر المملكة في تطوير أنظمة البنية التحتية الذكية التي تعتمد على التكنولوجيا لتحسين كفاءة استهلاك الطاقة، وتشمل هذه التقنيات التدفئة والتهوية والتكييف الذكية، وأنظمة العزل الأخضر، وتوزيع الكهرباء باستخدام الذكاء الاصطناعي.

الاقتصاد العالمي

التقنيات البيئية والبحرية

تعمل المملكة على استخدام تقنيات جديدة لاستعادة توازن النظم البيئية البحرية، مثل زراعة الشعاب المرجانية في المختبرات، كما تعمل على تطوير مواد بلاستيكية قابلة للتحلل الحيوي.

بدائل الوقود المستدامة

تسعى المملكة إلى تطوير مصادر بديلة للطاقة من خلال استخدام الطحالب لإنتاج الوقود الحيوي، وتحويل ثاني أكسيد الكربون إلى وقود صناعي، وتهدف هذه الجهود إلى تقليل الانبعاثات وتحقيق تنقل وصناعة خالية من الكربون.

إدارة النفايات الذكية

تعمل المملكة على تطوير تقنيات لإدارة النفايات باستخدام الذكاء الاصطناعي، لتحسين عملية الفرز وإعادة التدوير، كما تُستثمر تقنيات تحويل النفايات إلى طاقة حيوية لزيادة الفائدة من النفايات وتحويلها إلى منتجات ذات قيمة.

ختامًا: تمثل المملكة العربية السعودية نموذجًا رياديًا في مجال الاستدامة، حيث تعزز من تطوير السياسات والاستراتيجيات التي تساهم في تحقيق أهداف رؤية 2030. 

ومن خلال تبني التقنيات الحديثة، وتوفير التمويل الأخضر، ودعم الابتكار في القطاع الخاص، فإن المملكة تسير نحو تحقيق تحول اقتصادي واجتماعي مستدام.

Short Url

showcase
showcase
search