مسلسل "معاوية" يثير جدلًا واسعًا في الأوساط الدينية والإعلامية

الثلاثاء، 04 مارس 2025 07:58 م

مسلسل معاوية

مصعب فرج

مع بداية عرض مسلسل "معاوية" في رمضان الجاري، انفجر الجدل حول العمل التاريخي الذي يعيد تقديم الفتنة الكبرى، وهي فترة هامة في التاريخ الإسلامي، تتبع أحداث ما بعد مقتل الخليفة عثمان بن عفان وتولي علي بن أبي طالب الخلافة، ثم مقتل الحسين بن علي في معركة كربلاء، المسلسل من إخراج طارق العريان وتأليف الصحفي خالد صلاح، ويشارك في بطولته لجين إسماعيل، إياد نصار، وسهير بن عمارة.

الخلافات التاريخية والدينية حول شخصية "معاوية"

ويستعرض المسلسل فترة تاريخية مثيرة للجدل، والتي تشهد تنازعًا سياسيًا ودينيًا حادًا بين أبرز شخصيات تلك الفترة، خاصة حول شخصية معاوية بن أبي سفيان.

وهذا التجسيد أثار اعتراضات شديدة من قبل بعض الأطراف الدينية التي تعتبر أن تجسيد الصحابة والخلفاء يعد أمرًا غير مقبول، وخصوصًا في مسلسلات درامية.

في الوقت الذي يدافع فيه المؤلف خالد صلاح عن المسلسل معتبرًا أن معاوية كان "إنسانًا صاغته الأيام"، فإن الأزهر وهيئة كبار العلماء أعلنت موقفها الثابت ضد تجسيد الصحابة في الأعمال الدرامية.

منع بث المسلسل في العراق بسبب السجالات الطائفية

هيئة الإعلام والاتصالات العراقية كانت من أولى الجهات التي اتخذت قرارًا رسميًا بمنع بث مسلسل "معاوية" في قناة أم بي سي العراق.

وأوضحت الهيئة أن الأعمال ذات الطابع التاريخي الجدلي يمكن أن تُثير "السجالات الطائفية" وتؤثر على السلم المجتمعي، خاصة خلال شهر رمضان.

وبناءً على ذلك، تم إرسال خطاب رسمي إلى القناة المطالبة بالامتثال للقرار، مؤكدة أنها ستتخذ الإجراءات القانونية ضد أي جهة تخالف هذه الضوابط الإعلامية.

اعتراضات دينية وتعليق الأزهر

ورغم عدم إصدار فتوى رسمية من الأزهر بشأن المسلسل، إلا أن العديد من الصحف المحلية أكدت أن مؤسسة الأزهر لا تزال متمسكة بموقفها الثابت تجاه تجسيد الصحابة في الدراما، وهو ما سبق وأعلنت عنه عند عرض أعمال تاريخية سابقة، مثل مسلسل "عمر بن الخطاب".

وأكد رضا عبد الواجد، عميد كلية الإعلام بجامعة الأزهر، أن عرض شخصيات الأنبياء والصحابة في الأعمال الفنية يعد أمرًا غير مناسب نظرًا للمكانة الخاصة التي يتمتعون بها في الدين الإسلامي.

دعوى قضائية لوقف عرض المسلسل في مصر

وفي مصر، أعلن المستشار هيثم المغربي عن عزمه إقامة دعوى قضائية ضد عرض المسلسل، خاصة بسبب تجسيد شخصية علي بن أبي طالب من قبل الفنان الأردني إياد نصار.

وهذه الدعوى تأتي في سياق الصراع الديني والسياسي الذي يرافق تقديم أعمال تاريخية تحمل قضايا جدلية تتعلق بالأحداث الإسلامية الكبرى.

المؤلف خالد صلاح يدافع عن "معاوية"

ودافع خالد صلاح، مؤلف المسلسل، عن العمل عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مؤكدًا أن معاوية كان شخصًا معقدًا لم يكن مجرد قائد عسكري، بل كان رجلًا صاغته ظروفه وأحداث فترة تاريخية مشحونة بالصراعات.

وأوضح “صلاح” أن السعي كان لتقديم معاوية كإنسان يواجه زلزالًا سياسيًا، حيث وجد نفسه في صراع لم يختاره، بل فرضته عليه الأقدار.

تفاعل الجمهور وتباين الآراء

وأثار عرض المسلسل العديد من ردود الفعل المتباينة بين الجمهور والصحف والمؤسسات الدينية. البعض يرى أن المسلسل يعيد تقديم التاريخ بشكل موضوعي، بينما يرى آخرون أنه يتناول أحداثًا حساسة قد تثير السجالات الطائفية وتؤثر على الوحدة الإسلامية.

وبينما يدافع البعض عن حرية التعبير الفني، يحذر آخرون من العواقب السلبية لتقديم هذه الشخصيات التاريخية بشكل غير دقيق أو حساس.

يبقى مسلسل "معاوية" ضمن الأعمال الدرامية التي تثير الجدل الواسع بسبب طبيعته التاريخية المثيرة للجدل.

وبينما يسعى البعض لتقديم الأحداث بشكلاً دراميًا يتماشى مع الواقع التاريخي، يصر آخرون على ضرورة تجنب تجسيد الشخصيات الإسلامية في الأعمال الفنية.

وقد يكون هذا الجدل هو بداية لفتح نقاش أوسع حول حدود الفن والدين في الدراما العربية.

Short Url

أخبار متعلقة