«كنز تحت أقدام الفراعنة» مصر تستعد لثورة الطاقة الحرارية الأرضية تحت رؤية 2030
الأحد، 02 مارس 2025 02:43 م

الطاقة العالمية
تحليل/ عبد الرحمن عيسى
تحظى مصادر الطاقة المتجددة بتركيز عالمي متزايد، إذ يسعى العالم بشتى الطرق إلى التخفيف من تأثيرات التغيرات المناخية من خلال التحول إلى مصادر طاقة نظيفة ومستدامة.
تتصدر الطاقة الحرارية الأرضية القائمة كأحد المصادر الواعدة لهذه التحولات، إذ تتميز بقدرتها على تقديم حلول مبتكرة في إنتاج الطاقة الكهربائية والحرارية.
وعلى الرغم من أن العالم قد بدأ في استغلال هذه الطاقة منذ عقود، إلا أن مصر ما زالت في مرحلة استكشاف إمكاناتها وتقييم مدى قدرتها على استغلالها بشكل فعّال.
تمثل الطاقة الحرارية الأرضية بديلًا متجددًا ومصدرًا للطاقة يمكن أن يسهم في تأمين احتياجات البلاد من الطاقة بما يتماشى مع رؤية مصر 2030 لتحقيق التنمية المستدامة.

أولًا: الاتجاه العالمي نحو استغلال الطاقة الحرارية الأرضية
يشهد العالم تحولًا كبيرًا في الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة والنظيفة، حيث تُعد الطاقة الحرارية الأرضية من أكثر المصادر المتاحة التي يسعى العديد من الدول إلى استغلالها بشكل واسع.
يرتبط هذا التحول بجهود تقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري والتصدي للتغيرات المناخية، ومن المتوقع أن تسهم الطاقة الحرارية الأرضية في تحقيق هدف "صافي الانبعاثات صفرية" بحلول عام 2050.
وهو الهدف الذي يسعى العديد من الدول إلى تحقيقه من خلال الانتقال من الاعتماد على الوقود الأحفوري إلى استخدام مصادر طاقة بديلة وصديقة للبيئة.
تتمثل أهمية الطاقة الحرارية الأرضية في كفاءتها العالية واستدامتها، فضلًا عن كونها مصدرًا للطاقة النظيفة التي لا تصدر عنها انبعاثات ضارة بالبيئة.
يمكن استغلالها بطريقتين رئيسيتين: الأولى، استخدام الحرارة مباشرة في التطبيقات الصناعية مثل التدفئة أو تربية الأحياء المائية، والثانية، تحويلها إلى طاقة كهربائية باستخدام التقنيات المتطورة.
تتطلب توليد الكهرباء من الطاقة الحرارية الأرضية درجات حرارة عالية تصل إلى 150 درجة مئوية أو أكثر، على الرغم من أن هناك تقنيات جديدة تسمح بتوليد الكهرباء من درجات حرارة أقل، تصل إلى 70 درجة مئوية.
تتميز الطاقة الحرارية الأرضية بقدرتها على العمل في جميع الظروف الجوية على عكس الطاقة الشمسية وطاقة الرياح اللتين تأثرا بشدة على الظروف المناخية.
تُعد أيسلندا، السلفادور، نيوزيلندا، كينيا، والفلبين من الدول التي تستفيد بشكل كبير من الطاقة الحرارية الأرضية، كما تواصل بعض الدول مثل الصين وتركيا وأيسلندا واليابان تطوير مشاريع ضخمة لتوليد الكهرباء من هذا المصدر.
وقد أثبتت الدراسات أن الطاقة الحرارية الأرضية قادرة على تلبية أكثر من 90% من الطلب على التدفئة في بعض الدول مثل أيسلندا.
_1773_015640.jpg)
ثانيًا: الطاقة الحرارية الأرضية ورؤية مصر 2030
تسعى مصر لتحقيق تنمية مستدامة تواكب التطورات العالمية في جميع القطاعات، ومن بينها قطاع الطاقة، كما تعمل الدولة المصرية وفقًا لرؤية "مصر 2030" على تعزيز استخدام مصادر الطاقة المتجددة وتنويع مزيج الطاقة لتحقيق استدامة البيئة وزيادة الكفاءة في استخدام الموارد.
تهدف الرؤية إلى أن تُمثل الطاقة المتجددة حوالي 42% من مزيج الطاقة بحلول عام 2030، بدلًا من عام 2035 كما كان مخططًا في البداية.
تولي مصر أهمية كبيرة للطاقة المتجددة، بما في ذلك الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وذلك في إطار سعيها للحد من الانبعاثات الكربونية وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري.
ومع ذلك، فإن استغلال الطاقة الحرارية الأرضية لا يزال يعد من المصادر المحتملة التي لم يتم استغلالها بشكل كامل حتى الآن.
تمثل هذه الطاقة مصدرًا واعدًا لتوليد الكهرباء وتلبية احتياجات التدفئة في المناطق المختلفة داخل مصر، خاصة في المناطق الجغرافية التي تشهد نشاطًا تكتونيًا وتحتوي على موارد حرارية غنية.

ثالثًا: موارد الطاقة الحرارية الأرضية في مصر
يتوفر في مصر العديد من المواقع التي تحتوي على موارد حرارية أرضية تتراوح بين منخفضة ومتوسطة وعالية المحتوى الحراري، وتنتشر هذه الموارد بشكل أساسي في المناطق التالية:
1- الموارد منخفضة المحتوى الحراري: تتمثل هذه الموارد في الينابيع الكبريتية الساخنة والمياه الجوفية الحرارية المنتشرة في مناطق الصحراء الغربية، مثل الواحات الخارجة والواحات البحرية، بالإضافة إلى بعض المواقع في سيناء.
تمثل هذه الموارد فرصًا واعدة للاستخدام في التطبيقات الصناعية والزراعية مثل تدفئة البيوت الزجاجية أو تربية الأحياء المائية.
2- الموارد متوسطة المحتوى الحراري: توجد في مناطق مثل خليج السويس وحمام فرعون، حيث تتراوح درجات حرارة المياه الحرارية الأرضية في هذه المناطق بين 70 و100 درجة مئوية، مما يجعلها مناسبة لاستخدامات متنوعة بما في ذلك توليد الكهرباء والطاقة الحرارية.
3- الموارد عالية المحتوى الحراري: توجد في المناطق التي تشهد نشاطًا تكتونيًا عميقًا، خاصة في خليج السويس والبحر الأحمر.
تتميز هذه المناطق بوجود مياه حرارية تحت سطحية ذات درجات حرارة تتراوح بين 150 و250 درجة مئوية، مما يجعلها مناسبة لتوليد الكهرباء بشكل اقتصادي.
وتعتبر هذه المناطق المصدر الأساسي للطاقة الحرارية الأرضية في مصر، ولكن الاستغلال الفعلي لهذه الموارد يتطلب المزيد من البحث والدراسات المتعمقة لتحديد الإمكانيات بشكل دقيق.

رابعًا: الدراسات والاستكشافات المتعلقة بالطاقة الحرارية الأرضية في مصر
لقد أُجريت العديد من الدراسات حول الطاقة الحرارية الأرضية في مصر باستخدام تقنيات الاستكشاف الجيوفيزيائية والجيوكيميائية.
وأظهرت نتائج الدراسات أن مناطق مثل حمام فرعون ورأس سدر تمثل مناجم حرارية واعدة، إذ تصل درجة الحرارة تحت السطح إلى حوالي 128 درجة مئوية عند عمق 1720 مترًا، ما يعكس إمكانيات كبيرة لاستخراج الطاقة الحرارية.
كما تشير الدراسات إلى أن منطقة خليج السويس تتمتع بتدفق حراري مرتفع، يتراوح ما بين 30 إلى 50 ميجا وات/م²، مما يجعلها من أبرز المناطق المحتملة لاستخراج الطاقة الحرارية.

خامسًا: التحديات والفرص في استغلال الطاقة الحرارية الأرضية في مصر
رغم الإمكانيات الكبيرة التي تمتلكها مصر من حيث الطاقة الحرارية الأرضية، إلا أن استغلال هذه الموارد يواجه بعض التحديات. من أهم هذه التحديات:
1- الافتقار إلى الدراسات العميقة: تفتقر مصر إلى دراسات دقيقة تُحدد إمكانيات الطاقة الحرارية الأرضية بشكل أكثر تفصيلًا، ما يعيق الاستفادة الكاملة من هذه الموارد.
2- التمويل والتكنولوجيا: تتطلب مشاريع الطاقة الحرارية الأرضية استثمارات كبيرة في مجال البحث والتطوير والبنية التحتية، كما إن تقنيات استخراج الطاقة الحرارية تحتاج إلى تقنيات متقدمة مكلفة.
3- الاحتياجات القانونية والتنظيمية: هناك حاجة لتطوير إطار قانوني وتنظيمي مناسب يتيح الاستثمار في هذا المجال بشكل آمن وفعّال.
أما الفرص التي يمكن أن يتيحها استغلال الطاقة الحرارية الأرضية في مصر فهي كبيرة. من بين هذه الفرص:
1- تحقيق الاستدامة البيئية: يمكن للطاقة الحرارية الأرضية أن تساهم بشكل كبير في تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، مما يساعد على تقليل الانبعاثات الكربونية.
2- تحقيق الاكتفاء الذاتي في الطاقة: يمكن لمصر أن تقلل من استيراد الطاقة وتحقق الاكتفاء الذاتي، مما يسهم في تعزيز الأمن القومي.
3- تعزيز التنمية الاقتصادية: من خلال استغلال هذه الموارد، يمكن لمصر أن تخلق فرص عمل جديدة وتطور صناعات جديدة.
ختامًا: إن استغلال الطاقة الحرارية الأرضية في مصر يعد خطوة مهمة نحو تحقيق الاستدامة البيئية وتعزيز أمن الطاقة.
ومع استثمارات إضافية في البحث والتطوير، يمكن لمصر أن تصبح واحدة من الدول الرائدة في استغلال هذه الموارد، ما يسهم بشكل كبير في تحقيق رؤية مصر 2030 والطموحات الوطنية نحو مستقبل أكثر استدامة.
Short Url
اقتصاد التأجير الرقمي.. كيف يعيد تشكيل مستقبل الأعمال عبر الإنترنت؟
03 مارس 2025 06:39 م
زيادة قيمة الإصدار في أذون الخزانة المصرية غدًا، اعرف التفاصيل
03 مارس 2025 02:12 م
"الاستثمار": سداد 67 مليار جنيه من مستحقات المصدرين المتأخرة حتى أغسطس 2024
02 مارس 2025 05:02 م


أكثر الكلمات انتشاراً