لي كاونتي بنيو مكسيكو الأمريكية.. أول مقاطعة يتجاوز إنتاجها مليون برميل نفط يوميًا
الأحد، 01 ديسمبر 2024 02:38 م
النفط
آية عبدالهادي
يقع ركن يكسوه التراب بولاية نيو مكسيكو، على بعد حوالي 100 ميل شرق روزويل، المشهورة بقصص الأجسام الطائرة المجهولة، حيث يضم عددًا كبيرًا من الماشية مقارنة بتعداد السكان، لكنه يدعم هيمنة الولايات المتحدة الأميركية على النفط العالمي خلف الجدران.
فبعد أن كانت تضخ كميات أقل من النفط الخام مقارنة بأكبر المقاطعات في ولاية تكساس المجاورة خلال السنوات التي سبقت وباء كورونا، شهدت مقاطعة "لي كاونتي" في نيو مكسيكو نموًا سريعًا في الإنتاج.
منطقتين في نيو مكسيكو شكّلتا 17% من إجمالي إنتاج النفط
توسع الإنتاج في هذه المنطقة بوتيرة أسرع من أي مكان آخر في الولايات المتحدة، جعل لي كاونتي، أول مقاطعة تتجاوز إنتاج مليون برميل يوميًا العام الماضي، وفقًا لتقرير شركة "إنفيروس" لبحوث الطاقة، وتتوقع شركة "نوفا لابس" لتحليلات قطاع الطاقة، أن تصل مقاطعة "إيدي كاونتي" المجاورة، إلى هذا المستوى القياسي من الإنتاج و البالغ مليون برميل يوميًا، بحلول سبتمبر من العام المقبل.
وتشير البيانات، إلى أن هاتين المقاطعتين في نيو مكسيكو، شكّلتا 17% من إجمالي إنتاج النفط في الحقول البرية بالولايات المتحدة، باستثناء هاواي وألاسكا، العام الماضي، ومن المتوقع أن تتفوقا في إنتاج النفط على أكبر خمس مقاطعات، تليها مجتمعة قبل نهاية العقد المقبل.
حوض "برميان" المصدر الوحيد لنمو الإمدادات
ووفقًا لما قاله غاريت غولدينغ، الخبير الاقتصادي في مجال الطاقة لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي في دالاس، خلال مؤتمر للقطاع عُقد في مدينة هوبس بولاية نيو مكسيكو في وقت سابق من هذا الصيف، فإنه ومنذ وباء كورونا، كان حوض “برميان” هو المصدر الكبير الوحيد لنمو الإمدادات، وحيث أن زيادة إنتاج الحوض تتركز في ولاية نيو مكسيكو، فهذا يعني تقنيًا، أن سوق النفط العالمي تعتمد على ما يحدث هناك.
وعندما أدى استخدام تكنولوجيا التكسير الهيدروليكي، أو ما يعرف بالتصديع، قبل حوالي 15 عامًا إلى تسهيل الوصول إلى مكامن النفط والغاز الضيقة في مختلف أنحاء الولايات المتحدة، تدفقت شركات الحفر إلى أكبر حوض نفطي في البلاد، وهو حوض برميان.
ويُعد هذا الحوض، الذي يمتد عبر أجزاء من ولايتي تكساس ونيو مكسيكو، أفضل وسيلة للولايات المتحدة لمواجهة نفوذ منظمة البلدان المصدرة للبترول وحلفائها (أوبك+)، حيث يؤثرون على أسعار النفط العالمية من خلال تنسيق إنتاج الخام، وكانت غالبية أنشطة الحفر في الولايات المتحدة، تتركز في البداية حول منطقة ميدلاند داخل حوض برميان، بعدما جذبت القوى العاملة المتمرسة في قطاع الطاقة -إلى جانب القوانين التنظيمية الميسرة في ولاية تكساس- شركات التنقيب، وشركات النفط الكبرى على حد سواء.
تكساس تتمتع بتفوق جيولوجي
وفي تكساس، عرض مُلاك المزارع عقود إيجار لمساحات شاسعة ومتصلة، وهو ما جعلها أكثر جاذبية بالمقارنة مع نيو مكسيكو، حيث تكون قطع الأراضي أصغر حجمًا، وغالبًا ما تكون تحت سيطرة الولاية أو الحكومة الفيدرالية.
كما أن تكساس، تتمتع بتفوق جيولوجي، إذ كان النفط في حوض ديلاوير، وهو حوض فرعي من برميان، يمتد إلى نيو مكسيكو، محصورًا في تكوينات رسوبية يصعب الوصول إليها، مقارنة بتلك الموجودة في تكساس، وأشارت شركات التشغيل إلى أن القواعد الصارمة لحفر الآبار وحماية البيئة في نيو مكسيكو زادت من تعقيد عملية الإنتاج.
من جانبه قال أندرو باركر، نائب الرئيس الأول للعلوم الجيولوجية في شركة ماتادور ريسورسز، متحدثًا عن نيو مكسيكو، أن التكوينات كانت أعمق، وأكثر سمكًا، وذات ضغط عالٍ، فيما كان من الصعب التغلب على تلك التحديات قبل 15 إلى 20 سنة.
ميزة تفضيلية
لكن ميزة تكساس التفضيلية تغيرت منذ ذلك الوقت، رغم أن الولاية ما تزال غنية بالنفط، إلا أن عمليات استخراجه تجري بوتيرة أبطأ، في ظل تقادم عمر أكبر حوض في نصف الكرة الغربي.
في المقابل، ما يزال في نيو مكسيكو الكثير من الأراضي غير المستغلة، حيث تم حفر حوالي ثلث حوض ديلاوير فقط، وفقًا لشركة "نوفا لابس"، حيث يقع جزء كبير من هذه الأراضي فوق طبقات متعددة من الصخور الغنية بالنفط الصخري، والتي أطلقت عليها شركات التنقيب اسم العوائد المكدسة.
ويرى جوزيف فورن، الرئيس التنفيذي لشركة ماتادور، أن حوض ديلاوير أثبت أنه أفضل مكان للحفر، حيث يحتوي على 5 آلاف قدم من الخام المتراكم مع 25 طبقة منفصلة يمكن استهدافها، بينما تضم ميدلاند تكوينين أساسيين يمكن استهدافهما فعليًا مع حوالي ست طبقات مستهدفة.
وعالجت التكنولوجيا المحسنة التحديات المتعلقة باستخراج النفط في ولاية نيو مكسيكو، كما أن التطور في البنية التحتية، بما في ذلك خطوط الأنابيب ومحطات التجميع، مكّن من الوصول إلى حوض ديلاوير واستغلاله بسهولة أكثر.
ومن المتوقع أن يدخل حيز الخدمة لاحقًا هذا العام، حزام ناقل كهربائي بالكامل بطول 42 ميلٍ، يعرف باسم دون إكسبريس، والذي سينقل الرمال المستخدمة في عمليات الحفر بين كيرميت بولاية تكساس ونيو مكسيكو.
وفي هذا السياق، قال باركر متحدثًا عن الجانب التابع لنيو مكسيكو من حوض برميان، كل الأمور التي كانت تشكل تحديًا في الماضي، أصبحت الآن هي التي تجعل العمل هنا متميزًا، وهذه العوامل نفسها، هي التي تجعلنا نفضل هذا الجانب من الحوض على الجانب الآخر.
تحديات تكلفة حفر الآبار وحرق الغاز
على الرغم من ذلك، فإن جانب نيو مكسيكو يواجه تحدياته الخاصة، حيث لا يزال حفر الآبار في حوض ديلاوير أكثر تكلفة، حيث يبلغ متوسط تكلفة البئر الواحدة، حوالي 9,8 ملايين دولار، مقارنةً بأكثر قليلاً من ثمانية ملايين في منطقة ميدلاند، وفقًا لبيانات "إنفيروس".
هذا الفارق في التكلفة، يجعل من الصعب على الشركات الصغيرة منافسة الشركات النفطية الكبرى، والتي تتمتع بتمويل أفضل، في ظل ارتفاع التكاليف، بعدما شهدت الولاية دخول استثمارات جديدة من شركات الملكية الخاصة.
وقال لاري سكوت، عضو مجلس النواب عن ولاية نيو مكسيكو ومهندس النفط والغاز المتمرس المنتمي للحزب الجمهوري، بلوغ تكلفة المشروع الواحد، 10 ملايين دولار أو 11 مليونًا، وعطل الشركات المنتجة الصغيرة والمتوسطة، يجابه الأشخاص أمثالي ممن كانوا يديرون أو ما يزالون، 50 أو 60 أو 200 بئر محفورة عموديًا، صعوبة في المنافسة.
يتعين على شركات التشغيل في نيو مكسيكو أيضًا، التعامل مع بيئة تنظيمية أكثر صرامة، مقارنةً بما اعتادوا عليه في ولاية تكساس، فعلى سبيل المثال، تم حظر حرق الغاز الناتج عن عملية الحفر نهائيًا في نيو مكسيكو، ما يعني أن شركات التنقيب تحتاج إلى إيجاد طرق أخرى للتخلص من الغاز الطبيعي، إضافة إلى فرض الولاية قواعد صارمة للتخلص من المياه، وهو عنصر رئيسي في إنتاج النفط، وقد ارتبط بحدوث هزات أرضية، ويدرس المشرعون وشركات التشغيل، جهودًا لمعالجة المزيد من مياه حقول النفط لإعادة استخدامها.
تفرض اللوائح وإنتاج النفط توازنًا دقيقًا في نيو مكسيكو، وهي ولاية يهيمن علي إدارتها الديمقراطيون بصورة كبيرة، في وقت يظل فيه التغير المناخي، قضية سياسية كبيرة على المستوى الوطني للحزب، ورغم ذلك لم تقدم نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس الكثير من التفاصيل حول موقفها من النفط والغاز، بصفتها مرشحةً عن الحزب الديمقراطي في انتخابات الرئاسة، خلال حملتها الانتخابية القصيرة في عام 2019، فيما دعت إلى حظر تكنولوجيا التكسير الهيدروليكي، مشيرة إلى أنها ومنذ ذلك الحين غيّرت موقفها.
إيرادات إنتاج النفط والغاز التي تدعم الإيرادات العامة
تشير مارييل ناناسي، المديرة التنفيذية لمنظمة "نيو إنرجي إيكونومي، وهي مجموعة مناهضة للوقود الأحفوري في نيو مكسيكو، إلى أنه إذا كانت أي ولاية مهمة لمجال الطاقة ستدرس وقف الحفر لأسباب بيئية، فستكون نيو مكسيكو، لأن قيم حب الأرض قوية للغاية هنا.
وترى ناناسي، أن أكبر تحدٍ يواجه ذلك يتمثل في المليارات من الدولارات التي يجلبها القطاع سنويًا، قائلة، كل ما نحتاج لفعله بصورة جوهرية، هو معرفة سبل الحصول على 13 مليار دولار، فإذا تمكنا من معرفة ذلك، وتوافر بعض الأفكار ذات الصلة، فسيمكننا ترك الوقود الأحفوري في باطن الأرض.
من جانبها تقدّر ميسي كورييه، رئيسة ومديرة تنفيذية لرابطة النفط والغاز في نيو مكسيكو، أن مساهمة القطاع في خزينة الولاية كل سنة، أعلى من ذلك بكثير، مقتربة من 14 مليار دولارٍ، أو 40% تقريبًا من ميزانيتها.
وتقول كورييه، إنها تمضي وقتًا كثيرًا في محاولة تثقيف سكان نيو مكسيكو حول فوائد القطاع، على سبيل المثال، نظرًا لإيرادات إنتاج النفط والغاز، والتي تدعم الإيرادات العامة، حيث باتت نيو مكسيكو، أول ولاية في البلاد تقدم رعاية مجانية للأطفال وتعليمًا جامعيًا مجانيًا، رغم كونها واحدة من أفقر الولايات الأميركية، مختتمة: “إذا توقف النفط والغاز في نيو مكسيكو، فسنصبح خلال عِقد دولة من دول العالم الثالث”.
Short Url
"المصري للدراسات الاقتصادية" يناقش آليات تحقيق الاستدامة في الاقتصاد الأزرق
19 يناير 2025 06:29 م
وزير الآثار: السياحة تعتمد على القطاع الخاص بنسبة 100%وهناك نقص في التسويق
19 يناير 2025 04:13 م
للمرة الخامسة، افتتاح أسواق اليوم الواحد بالشرقية
19 يناير 2025 05:08 م
-
الصحة : تقديم أكثر من 9 مليون خدمة طبية بالمنشأت الصحية
15 يناير 2025 02:41 م
-
قطار كل 4 دقائق ونصف.. المترو يستعد لاستقبال جمهور مباراة الأهلى والجونة
15 يناير 2025 02:16 م
-
وضع بصمته فى التنمية.. جمال عبد الناصر كان يؤمن بتحول مصر لدولة صناعية
15 يناير 2025 01:37 م
-
صون وحماية الأمن المائي، جلسة مباحثات بين وزير الخارجية ونظيره السوداني
15 يناير 2025 12:46 م
-
انخفاض أسعار الذهب في السعودية اليوم الأربعاء 15-1-2025، اعرف سعر الجرام
15 يناير 2025 12:41 م
أكثر الكلمات انتشاراً