الإثنين، 10 مارس 2025

08:59 م

«12.5% انخفاضًا» نظرة تفصيلية على محركات التضخم في مصر بفبراير 2025

الإثنين، 10 مارس 2025 12:40 م

التضخم المصري

التضخم المصري

تحليل/ عبد الرحمن عيسى

تعد مؤشرات أسعار المستهلكين من أهم الأدوات الاقتصادية التي يستخدمها المحللون والمتابعون في فهم الوضع الاقتصادي لأي دولة.

إذ تُمثل هذه المؤشرات صورةً دقيقة للتغيرات في تكاليف المعيشة، ومن خلال متابعة هذه المؤشرات، يمكن للمؤسسات الاقتصادية والمستثمرين وصانعي السياسات اتخاذ القرارات الاقتصادية المناسبة التي تتماشى مع الوضع الراهن.

وفي مصر، يعكس الرقم القياسي لأسعار المستهلكين التطورات الاقتصادية المؤثرة في قدرة المواطن على التعامل مع الأسعار، مما يؤثر بدوره في تحديد مستوى الحياة والمعيشة.

شهد شهر فبراير 2025 انخفاضًا ملحوظًا في معدل التضخم السنوي ليصل إلى (12.5%) مقارنة بـ (23.2%) في شهر يناير من العام ذاته، وذلك ما كشفته بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء اليوم الاثنين 10/3/2025.

يعود هذا التراجع إلى مجموعة من العوامل الاقتصادية والداخلية التي أثرت على السوق المحلي، بما في ذلك التغيرات في الأسعار بين مختلف القطاعات.

بالإضافة إلى تأثير بعض العوامل الخارجية مثل التقلبات في أسعار السلع العالمية والسياسات الاقتصادية المحلية، يمكن القول إن هذه البيانات تشير إلى تحسن نسبي في الوضع الاقتصادي، لكنه لا يزال يحمل تحديات متعددة.

يهدف هذا التحليل إلى فحص الأسباب والعوامل التي ساهمت في تراجع التضخم خلال الشهرين الماضيين، مع تسليط الضوء على تأثير هذه التغيرات على قطاعات مختلفة مثل الطعام والمشروبات، والملابس والأحذية، والمسكن والمرافق، بالإضافة إلى القطاع الصحي والنقل.

كما سيتناول التحليل العلاقة بين السياسات الاقتصادية والتغيرات في الأسعار، وكيفية تأثير هذا على القدرة الشرائية للمواطنين.

أسباب تراجع التضخم في فبراير 2025 مقارنة بشهر يناير 2025

شهد معدل التضخم انخفاضًا شهريًا مقارنة بشهر يناير 2025 حيث وصل إلى (12.5%) في فبراير بعد أن كان (23.2%) في الشهر السابق.

يلاحظ أن انخفاض هذا المعدل جاء نتيجة لتغيرات في أسعار العديد من السلع الأساسية، مثل الخضروات والبن والشاي، والخدمات المنزلية، وهو ما يساهم في تخفيف الأعباء على المستهلكين.

فقد انخفضت أسعار مجموعة الخضروات بنسبة (8.2- %)، مما ساعد في تخفيف الضغط على أسعار الغذاء في السوق. هذا التراجع يمكن تفسيره بتقلبات العرض والطلب على الخضروات موسميًا، إلى جانب الجهود الحكومية لتحسين شبكة التوزيع.

وفي المقابل، سجلت أسعار مجموعة البن والشاي والكاكاو انخفاضًا بنسبة (0.2- %)، وهو ما قد يكون مرتبطًا بتقلبات الأسعار العالمية لهذه السلع التي تعتمد على الإنتاج العالمي.

أيضًا، استقرار أسعار مجموعة المياه والخدمات المتنوعة المتعلقة بالمسكن، وكذلك أسعار الكهرباء والغاز ومواد الوقود الأخرى عند (0.0%) يعكس نوعًا من الاستقرار في هذا القطاع الحيوي.

ورغم هذه الانخفاضات، كانت هناك بعض الارتفاعات الطفيفة في العديد من القطاعات الأخرى، فعلى سبيل المثال، ارتفعت أسعار مجموعة الحبوب والخبز بنسبة (0.8%)، وكذلك أسعار اللحوم والدواجن بنسبة (3.2%)، وهو ما قد يؤثر على تكلفة الحياة اليومية للمواطنين.

تظهر هذه التحركات المتباينة في الأسعار في مجموعة من القطاعات الأخرى، مما يعكس ديناميكية السوق وتفاعلاته مع العوامل الداخلية والخارجية.

التحليل الشهري لتغيرات الأسعار في فبراير 2025

قسم الطعام والمشروبات: ارتفعت أسعار قسم الطعام والمشروبات بمقدار (0.4%) خلال شهر فبراير 2025 مقارنة بشهر يناير.

من الأسباب الرئيسة لهذا الارتفاع كانت زيادة أسعار مجموعة الحبوب والخبز بنسبة (0.8%)، وكذلك اللحوم والدواجن التي شهدت ارتفاعًا بلغ (3.2%).

إضافة إلى ذلك، سجلت أسعار الأسماك والمأكولات البحرية زيادة بنسبة (0.4%)، وفي المقابل، انخفضت أسعار الخضروات بنسبة (8.2- %)، مما ساعد في تخفيف الضغوط على هذا القسم.

قسم المشروبات الكحولية والدخان: شهد هذا القسم زيادة ملحوظة بنسبة (6.3%) بسبب ارتفاع أسعار الدخان بنسبة (6.3%)، وكذلك المشروبات الكحولية التي ارتفعت بنسبة (3.3%).

وهذا يشير إلى تأثيرات السوق المحلي وارتفاع الطلب على هذه السلع في بعض الفئات المستهلكة.

قسم الملابس والأحذية: شهد قسم الملابس والأحذية ارتفاعًا طفيفًا بنسبة (0.6%) نتيجة للزيادة في أسعار الأقمشة والملابس الجاهزة، التي ارتفعت بنسبة (0.9%) و(0.6%) على التوالي، كما ساهمت الزيادة في أسعار الأحذية بنسبة (0.8%) في هذه الزيادة الإجمالية.

قسم المسكن والمياه والكهرباء والغاز والوقود: شهد قسم المسكن زيادة بنسبة (0.5%) نتيجة لزيادة أسعار الإيجار الفعلي للمسكن بنسبة (1.1%)، مع ارتفاع أسعار صيانة وإصلاح المسكن بنسبة (0.2%)، لكن كانت أسعار خدمات الكهرباء والغاز ثابتة، مما ساهم في تقليل تأثير هذه الزيادة.

قسم الرعاية الصحية: سجل هذا القسم زيادة بنسبة (0.6%) نتيجة لارتفاع أسعار مجموعة المنتجات الطبية بنسبة (0.5%)، وكذلك خدمات العيادات الخارجية والمستشفيات بنسبة (0.8%)، وهو ما يعكس ارتفاع التكلفة في الخدمات الصحية الخاصة والعامة.

قسم النقل والمواصلات: ارتفعت أسعار هذا القسم بنسبة (0.4%) بسبب زيادة أسعار المركبات بنسبة (0.3%)، وكذلك النقل الخاص بنسبة (0.2%)، إلا أن الزيادة الأكثر تأثيرًا كانت في مجموعة خدمات النقل بنسبة (0.5%).

قسم الاتصالات: سجل قسم الاتصالات زيادة بنسبة (0.1%) نتيجة لارتفاع أسعار خدمات البريد بنسبة (2.9%)، بالإضافة إلى زيادة أسعار معدات الهاتف والفاكس بنسبة (0.6%).

التغير السنوي (شهر فبراير 2025 مقارنة بشهر فبراير 2024)

سجل معدل التضخم السنوي 12.5% في فبراير 2025، فيما كان في فبراير 2024 بنسبة أعلى، ويعود هذا التغير إلى العديد من العوامل التي أثرت في القطاعات المختلفة:

قسم الطعام والمشروبات: شهد هذا القسم زيادة بنسبة (4.2%) نتيجة للارتفاع الكبير في أسعار الفاكهة بنسبة (44.1%)، مما كان له تأثير مباشر على تكلفة الطعام.

كما سجلت أسعار مجموعة الحبوب والخبز ارتفاعًا بنسبة (7.2%)، وهو ما يساهم في زيادة تكاليف المعيشة.

قسم المشروبات الكحولية والدخان: سجل هذا القسم ارتفاعًا كبيرًا بنسبة (26.8%) نتيجة للزيادة الكبيرة في أسعار الدخان بنسبة (26.8%)، وكذلك المشروبات الكحولية بنسبة (18.8%)، وتعد هذه الزيادة من ضمن الزيادات التي تؤثر بشكل كبير على استهلاك هذه السلع.

قسم الملابس والأحذية: شهد هذا القسم زيادة كبيرة بنسبة (18.1%) نتيجة للارتفاعات الكبيرة في أسعار الأحذية والملابس الجاهزة، وكذلك الأقمشة، كما تزايدت أسعار خدمات التنظيف والتأجير للأحذية بنسبة (22.5%).

قسم المسكن: سجل قسم المسكن ارتفاعًا سنويًا قدره (17.3%) نتيجة لزيادة أسعار الإيجار الفعلي للمسكن بنسبة (11.0%)، وزيادة أسعار صيانة وإصلاح المسكن بنسبة (12.6%).

قسم الرعاية الصحية: شهد قسم الرعاية الصحية زيادة ضخمة بلغت (27.0%) نتيجة للزيادة الكبيرة في أسعار المنتجات الطبية بنسبة (36.0%)، وكذلك في خدمات المستشفيات بنسبة (16.8%).

قسم النقل والمواصلات: كان من أبرز القطاعات التي تأثرت في الأسعار، حيث ارتفعت بنسبة (32.4%) بسبب زيادة أسعار المركبات والنقل الخاص بشكل كبير.

ختامًا: تشير البيانات التحليلية التي تم استعراضها إلى أن الاقتصاد المصري شهد تغيرات هامة في معدلات التضخم خلال الفترة الماضية، حيث تراجعت الأسعار في بعض القطاعات الأساسية التي أثرت بشكل إيجابي على مستوى التضخم.

وفي الوقت نفسه، تظل بعض القطاعات الأخرى، مثل النقل والرعاية الصحية، تشهد ارتفاعات ملحوظة في الأسعار.

يعكس هذا التغير في التضخم حالة الاقتصاد التي تتأثر بالعديد من العوامل المتداخلة مثل السياسات الاقتصادية المحلية والعوامل العالمية مثل تغيرات الأسعار العالمية وتكاليف الإنتاج.

ومع أن هذا التراجع في التضخم يعد خطوة نحو الاستقرار، إلا أن التحديات تبقى قائمة في ظل التقلبات المستمرة في بعض القطاعات.

Short Url

search