السبت، 01 فبراير 2025

07:50 ص

أسسها

حازم الجندي

رئيس مجلس الإدارة

أكرم القصاص

إشراف عام

علا الشافعي

من القطب الشمالي إلى الشرق الأوسط.. اهتمام عالمي بتكنولوجيا المفاعلات العائمة الروسية

السبت، 30 مارس 2024 10:45 م

المفاعلات العائمة الروسية

المفاعلات العائمة الروسية

محمد أحمد طنطاوي

في الأول من يوليو عام 2016 أعلنت شركة روس أتوم الحكومية الروسية، عملاق صناعة المحطات النووية في العالم، بدء اختبار أول مفاعل نووي عائم ، في معمل البلطيق بمدينة سانت بطرسبورج، ويحمل اسم"أكاديميك لومونوسوف" كتجربة فريدة في العالم تختص بها روسيا دون غيرها، لإمداد مدينة "بيفك" في القطب الشمالي بالكهرباء بصورة مستدامة، مع إمكانية تعميم التجربة لتشمل مدن أخرى، خاصة المناطق الموجودة فى أقصى الشمال الروسي، التي يصعب وصول مصادر الطاقة التقليدية إليها، نظرا لطبيعة المناخ.

وبحسب ما ذكرته صحيفة دايلي ميل البريطانية فقد بدأ أول مفاعل نووي عائم في العالم رحلته الأولى من ميناء سان بطرسبورج، وهو المكان الذي شهد بناء السفينة وتجهيزها بمفاعلين نوويين، في إبريل 2018، عبر بحر البلطيق وحول الطرف الشمالي من النرويج إلى مورمانسك، وقد رست محطة "أكاديميك لومونوسوف"، في ميناء بيفيك الروسى الواقع بشبه جزيرة تشوكوتكا، منتصف شهر سبتمبر 2019، حيث موقعها الدائم بأقصى شرق روسيا، وقد بدأت التشغيل التجاري في مايو 2020، الطاقة من مفاعلين نمطيين صغيرين سعة كل منهما 35 ميجاواط (كهربائي)، وقد وقعت شركة روس أتوم، عقداً لبناء 4 وحدات طاقة عائمة جديدة لدعم القطب الشمالى، 3 وحدات رئيسية، ووحدة احتياطية لاستخدامها أثناء الإصلاح أو التزود بالوقود ومن المنتظر أن يتم توصيل أول وحدتين بالشبكة الكهربائية فى عام 2026، وفقاً لبيان معلن من الشركة 23 يوليو 2021.

المفاعلات النووية العائمة يمكن استخدامها لتوفير الطاقة للجزر النائية، وتحلية المياه، والمناطق الساحلية التي يصعب الوصول إليها فى شمال وجنوب روسيا، ويمكن استخدامها فى العديد من الدول التى تتشابه ظروفها الجوية من المناطق الجليدية فى روسيا، بالإضافة إلى الدول النامية التي لا يمكنها بناء محطات نووية تقليدية، ولديها مناطق ساحلية تفتقر إلى المياه العذبة، وتعتبر منطقة الشرق الأوسط بيئة مناسبة لهذا النوع من المفاعلات المتطورة، التي تخدم التنمية وتدعم الاقتصادات الناشئة من تطوير إمكانياتها بصورة عملية، وقد أبدت الأردن مؤخراً  استعدادها لإنشاء مفاعل نووي عائم، وفق تصريحات نقلتها وكالة سبوتنيك الروسية في لقاء مع خالد طوقان، رئيس هيئة الطاقة الذرية الأردنية، الذي أكد أن إنشاء مفاعل نووي عائم في العقبة مشروع تحت الدراسة.

المفاعلات النووية العائمة تمثل أهمية استراتيجية خاصة لروسيا، خاصة أن مدينة بيفيك الروسية، التي  يستقر فيها المفاعل النووي العائم "أكاديميك لومونوسوف" أحد الموانئ الرئيسية على طول الطريق البحري الشمالي، وسيتيح وجود مثل هذه المفاعلات العائمة في مدينة بيفيك الظروف المناسبة للنمو الاجتماعي والاقتصادي المتسارع في منطقة شوكوتكا، كما أنها تمثل أيضاً نقلة كبيرة في التكنولوجيا النووية في العالم كله، وقد اندفعت روسيا نحو إنتاج هذا النوع الجديد من المفاعلات لأن نصف سكان المنطقة القطبية الشمالية، البالغ عددهم 4 ملايين نسمة يعيشون فى أراضى الاتحاد الروسى، ومعظم المستوطنات فى أقصى الشمال يصعب الوصول إليها ؛ فهى تعتبر "جزر معزولة عن الشبكة القومية للكهرباء هناك، بينما يأتى مصدر الوقود الرئيسى لمحطات توليد الكهرباء فى تلك المناطق من الفحم والنفط، مما له تأثير سلبى للغاية على البيئة، فتلوث الهواء والماء يضر بالنظم الإيكولوجية فى هذه المنطقة، وقد ذكر وقال المدير العام لمؤسسة روس اتوم العالمية الحكومية، أليكسى ليخاتشوف، أن المفاعل العائم ربما يكون خطوة صغيرة لتحقيق التنمية المستدامة فى القطب الشمالى، لكنه في الوقت ذاته يمثل قفزة هائلة لإزالة الكربون في المناطق البعيدة عن شبكة الطاقة، وما حدث يعد نقطة تحول فى تطوير محطات الطاقة النووية الصغيرة فى العالم.

فيتالي تروتنيف، مدير عام البناء والتشغيل بمحطة الطاقة النووية العائمة، "اكاديميك لومونوسوف"، ذكر في تصريحات لصحيفة "اليوم السابع" المصرية، أن التحدى الرئيسى فى مرحلة بناء المفاعل العائم، الذى واجه العلماء والمصممين هو كيفية استيعاب مفاعلين على متن سفينة صغيرة نسبيا، مع الحفاظ على جميع الخصائص الوظيفية لها مع تقليل عدد الأفراد والطاقم، بالإضافة إلى أنه كان لازما أن تتم مراعاة سبل ضمان أعلى مستويات الصلابة وإمكانية التشغيل وسلامة العمل دون أى تأئير على البيئة، هذا كله إلى جانب الصعوبات الكبيرة التي واجهت الشركة أثناء تنفيذ البنية التحتية البرية مع مراعاة ظروف القطب الشمالي وفترات الملاحة المحدودة، موضحاً أن المفاعل العائم يساهم فى توفير إمدادات طاقة قوية إلى منطقة "تشوكوتكا" الروسية،  والعامل الحاسم التنافسى للمحطة العائمة فى المناطق النائية يتمثل فى إمكانية تقليل تكاليف نقل الكهرباء لمسافات طويلة فى بيئة نائية، حيث تكون هذه التكاليف أعلى بكثير من كلفة توليد الكهرباء نفسها.

المفاعلات العائمة تعتبر فرصة كبيرة للعديد من الدول الإفريقية والآسيوية والأوروبية، خاصة تلك التي تعاني من نقص حاد في المياه العذبة، مع التمدد السكاني وزيادة أعداد المواليد سنوياً، وتراجع حصة الفرد  فيها من المياه العذبة، الأمر الذي يجعل المفاعلات النووية العائمة سلعة حيوية واستراتيجية وهامة للغاية، وتحمل فرص تصديرية كبيرة لهذه الدول، خاصة أنها تقدم مصادر طاقة موثوقة وبأسعار معقولة، قياساً على مصادر الطاقة التقليدية، مع العلم أن الإنتاج الكمي  لهذا النوع من المفاعلات سيجعل تكاليف الإنشاء أقل، ويجعل أسعارها تتناسب مع قدرات الأسواق المستهدفة خلال الفترة المقبلة.

خبراء الطاقة النووية حول العالم يؤكدون أن تكنولوجيا المحطات النووية العائمة الجديدة سيكون لها مستقبل كبير، وتتنافس بقوة مع وسائل الطاقة التقليدية، وسوف توفر طاقة بسعر أرخص من الديزل والوقود التقليدي، الذي يعتبر المهدد الأول للبئية، خاصة أن تشغيل " لومونوسوف" على سبيل المثال في القطب الشمالي، يجنب البيئة استهلاك حوالى 200000 طن من الفحم و 120000 طن من الوقود سنوياً، إما بشكل مباشر أو غير مباشر، كما أنه قادر على مقاومة الظروف البيئية الصعبة، ومتوافق مع جميع متطلبات الدقة والصلابة والسلامة بما فى ذلك توصيات الوكالة الدولية للطاقة الذرية فيما يخص السلامة النووية والإشعاعية، كما أن المفاعلات العائمة تعمل على سطح الماء، فهى ليس معرضة لخطر الزلازل، على عكس المحطات التقليدية، كما يتم تركيب الهياكل الساحلية والهيدروليكية لتوفير حماية إضافية ضد خطر كوارث التسونامى، ويتم أيضا تركيب السدود وحواجز الأمواج لها، مما يجعل من الصعب تصادم الجبال الجليدية عملياً به.

Short Url

search