الـ 100 يوم الثانية لترامب.. الركود يحاصر أمريكا والعالم على حافة الكساد الكبير

يبذل دونالد ترامب مع البيت الأبيض قصارى جهده هذا الأسبوع للترويج لـ الـ100 يوم الثانية في منصبه كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية، لكن التباهي يكاد يكون أشبه بأسوأ بداية لسوق الأسهم لرئيس منذ عقود.

لا يستطيع ترامب مقاومة التباهي بالأيام التي يرتفع فيها السوق، هذا استمرار لتوجه ممتد لسنوات، لكن تلك الأيام كانت نادرة ومتباعدة حتى الآن، على الرغم من انتعاشه خلال الأسبوع الماضي.

بشكل عام، وحتى إغلاق يوم الاثنين، انخفض مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنحو 8% منذ تنصيب ترامب، مسجلاً بذلك أسوأ بداية للمستثمرين لرئيس جديد منذ سبعينيات القرن الماضي، عندما شهد كل من ريتشارد نيكسون وجيرالد فورد خسائر أولية أكبر.

تراجع اقتصادي بسبب الرسوم الجمركية 

هذا التراجع الاقتصادي الناجم عن الرسوم الجمركية يثير مخاوف من الركود، ويُمثل حقيقةً مُزعجة للغاية للرئيس، الذي تولى منصبه مُروجًا لـ"تأثير ترامب" على الأسهم، والذي زعم أنه سيدفع الأسعار إلى الارتفاع.

بدلًا من ذلك، حدث العكس حتى الآن، حيث قدم الرئيس وفريقه مجموعةً من التفسيرات، يُشير استعراضٌ لموقع ياهو فاينانس لعشرات الأمثلة على تعليقات ترامب وحلفائه على السوق في الأسابيع الأخيرة إلى ثلاث استراتيجيات مُستخدمة لتفسير هذا الانفصال.

أكثر ما يُردد ترامب ومساعدوه في أغلب الأحيان هو أن هذه الخسائر جزءٌ أساسيٌّ من خطتهم، أو على الأقل من "فترة انتقالية" قصيرة ستُعكس قريبًا مع تكيف الاقتصاد مع رسومه الجمركية.

لجأ ترامب ومساعدوه أحيانًا إلى نهجًا ثالث يتمثل في التقليل من أهمية سوق الأسهم، لكن هذا النهج لا يستمر إلا حتى اليوم التالي الذي يشهد ارتفاعًا في الأسعار، وفي النهاية، ربما يكون الملاذ الأخير لترامب هو ادعاء الجهل، وفق ما قالته ياهو فاينانس.

ترامب لا يرى شيئًا

"لم أرى شيئًا"، هذا ما قاله ترامب خلال اجتماع وزاري في 10 أبريل خلال موجة بيع كبيرة، مشيرًا إلى مكاسب اليوم السابق. ثم سلم الأمر إلى وزير الخزانة سكوت بيسنت، الذي قال إنه "لم يرى شيئًا غير عادي" في موجة البيع التي شهدها مؤشر داو جونز في ذلك اليوم والتي بلغت 1000 نقطة.

ثلاث طرق شُرح بها عالم ترامب مسار سوق الأسهم المتعثر

النهج الأول: كل ذلك جزء من الخطة

أعقب إعلان ترامب "يوم التحرير" في 2 أبريل انهيارًا حادًا لسوق الأسهم في اليوم التالي، "من المتوقع"، هذا ما قاله ترامب أثناء توجهه إلى فلوريدا مساء ذلك اليوم، وشبه الاقتصاد بـ"مريض خضع لعملية جراحية في يوم التحرير، وستكون دولة مزدهرة للغاية... علينا فقط أن نمنحها بعض الوقت".

كان ذلك جزءًا من مرحلة شهدت فيها الأسواق إدراك ترامب جديةً بشأن الرسوم الجمركية الباهظة، وغالبًا ما انخفضت بشكل حاد نتيجةً لذلك، بل إن ترامب أشار في بعض الأحيان إلى أن تراجعات السوق قد تكون بمثابة أداة تفاوض.

وقال في 17 أبريل، متحدثًا عما سيحدث إذا لم يتمكن من التوصل إلى اتفاق مع بعض الدول: "سنضع تعريفة جمركية، قد يجدها السوق مرتفعة للغاية، أو قد تجدها الدولة مرتفعة للغاية، وعندها سيعودون ويتفاوضون".

حتى أن ترامب اضطر إلى رفض أسئلة حول ما إذا كان يدفع أسعار الأسهم إلى الانخفاض عمدًا بعد أن نشر الرئيس مقطع فيديو على منصة "تروث سوشيال" في 4 أبريل، يُشير إلى أنه يدفع السوق إلى الانخفاض "عمدًا"، "هذا ليس صحيحًا"، اضطر الرئيس إلى إخبار الصحفيين بعد بضعة أيام.

النهج الثاني: عوامل "خاصة" أخرى

كثيرًا ما سعى ترامب ومساعدوه إلى الإشارة إلى مجموعة من العوامل غير المتعلقة بترامب وغير المتعلقة بالرسوم الجمركية، والتي يقولون إنها قد تؤدي إلى انخفاض الأسعار.

غالبًا ما أجاب بيسنت على هذا السؤال مُركزًا على شركة DeepSeek، وهي شركة صينية للذكاء الاصطناعي، ليُثبت، كما قال في إحدى حلقات برنامجه على قناةفوكس، أن "الكثير مما شهدناه لم يكن سوى موجة بيع تكنولوجية غير اعتيادية".

أثارت تقارير عن تطورات في شركة الذكاء الاصطناعي تلك موجة بيع في السوق أواخر يناير، لكن ذلك أعقبه ارتفاع في الأسعار، ليبلغ السوق ذروته في 19 فبراير قبل أشهر من البيع الذي عادةً ما يتزامن مع أخبار التعريفات الجمركية.

في تصريحاته بتاريخ 21 أبريل، ربط ترامب الخسائر في ذلك اليوم بقطاع الرعاية الصحية، قائلاً: "لقد صدر اليوم تقرير سيئ من إحدى شركات الرعاية الصحية، مما أثر على سوق الأسهم، لكن الأمر لا يتعلق بذلك".

ومع انخفاض مؤشر ستاندرد آند بورز 500بأكثر من 2.3% وانخفاض مؤشر ناسداك الذي يهيمن عليه قطاع التكنولوجيا بنسبة 2.5% - هو توجيه ترامب انتقادات جديدة لرئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، واصفًا إياه بأنه "خاسر كبير"، ألقى ترامب باللوم أحيانًا على سلفه، قائلاً إن ضعف السوق هو في جوهره خطأ بايدن.

قال ترامب في 13 مارس: "أعتقد أن جزءًا كبيرًا من انخفاض سوق الأسهم كان بسبب أربع سنوات سيئة للغاية مررنا بها".

النهج الثالث: التقليل من أهمية سوق الأسهم

من العبارات الشائعة الأخرى التقليل من أهمية الأسهم، ومن الملاحظات المتكررة من مساعدي ترامب أن الرسوم الجمركية تهدف إلى مساعدة "الاقتصاد الرئيسي" على حساب "وول ستريت"، حتى مع امتلاك حوالي 61% من الأمريكيين للأسهم.

هذا الأسبوع، في ظهور له على قناة CNBC، أوضح بيسنت أنه لا يريد التعليق على وضع مفاوضات التجارة "لمجرد تغذية دورة الأخبار".

كذلك نشر ترامب خلال موجة بيع أخرى في السوق: "الضعفاء فقط هم من يفشلون!"، ومع ذلك، نادرًا ما يكرر ترامب هذه العبارة لفترة طويلة، حيث يبذل الرئيس قصارى جهده للترويج لارتفاعات السوق كلما سنحت له الفرصة.