الأربعاء، 23 أبريل 2025

01:12 ص

الاقتصاد العالمي نحو منعطف حرج، صندوق النقد يخفض التوقعات وسط حرب تجارية مشتعلة

الثلاثاء، 22 أبريل 2025 08:42 م

صندوق النقد الدولي

صندوق النقد الدولي

كتب/ كريم قنديل

في وقت يشهد فيه الاقتصاد العالمي تحولات جذرية وتحديات غير مسبوقة، وجّه صندوق النقد الدولي تحذيرًا صريحاً من تباطؤ اقتصادي يلوح في الأفق، خافضًا توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي خلال عامي 2025 و2026، وسط تصاعد التوترات التجارية وغموض السياسات الاقتصادية في كبرى الاقتصادات.

صندوق النقد الدولي

ففي تقريره الصادر اليوم الثلاثاء ضمن اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين، توقع الصندوق أن ينمو الاقتصاد العالمي بنسبة 2.8% في عام 2025، بانخفاض 0.5 نقطة مئوية عن توقعات يناير الماضي، ليتواصل الأداء دون المتوسط التاريخي البالغ 3.7%. 

أما في 2026، فقد تم خفض التوقعات إلى 3%، في إشارة واضحة إلى أن العالم يمر بمرحلة نمو دون التطلعات، بحسب تعبير التقرير.

حرب تجارية ومشهد اقتصادي مضطرب

ويعكس هذا التراجع في التوقعات تداعيات الحرب التجارية المتصاعدة، التي اندلعت بعد أن أقدمت الولايات المتحدة على فرض تعريفات جمركية جديدة، تبعتها دول أخرى بإجراءات مضادة، ووفقًا للصندوق، فإن هذه الخطوات تشكل صدمة سلبية كبيرة للنمو العالمي، وتؤدي إلى ارتفاع منسوب عدم اليقين، ما يعرقل خطط الاستثمار ويُربك آفاق التعافي الاقتصادي.

في هذا السياق، قال الصندوق، الاقتصاد العالمي يترنح على وقع تغيرات متسارعة في السياسات التجارية، ما يجعل من الصعب حتى على المؤسسات الكبرى وضع افتراضات دقيقة حول المستقبل.

صندوق النقد الدولي

الاقتصادات الكبرى في مرمى التباطؤ

الضربات الأقسى كانت من نصيب الاقتصادات المتقدمة، حيث تم خفض توقعات نموها إلى 1.4% في 2025 و1.5% في 2026، وفي مقدمتها الولايات المتحدة، التي من المتوقع أن ينمو اقتصادها بنسبة 1.8% فقط في 2025، بانخفاض 0.9 نقطة مئوية، لتتراجع مجددًا في 2026 إلى 1.7%.

أما منطقة اليورو، فتسير على نهج مشابه، مع توقعات متواضعة عند 0.8% في 2025 و1.2% في 2026، في حين خفّض الصندوق توقعاته لنمو اقتصاد الصين إلى 4% في العامين المقبلين، متأثرًا بالقيود الجمركية وتباطؤ الطلب المحلي.

الشرق الأوسط بين الاستقرار والقلق

رغم مؤشرات على تعافٍ نسبي، لم تسلم منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى من تأثير التباطؤ العالمي، فقد خفّض الصندوق توقعاته لنمو المنطقة إلى 3% في 2025 و3.5% في 2026، في ظل استئناف تدريجي لإنتاج النفط، وتداعيات الصراعات الإقليمية، والتقدم الأبطأ من المتوقع في مسار الإصلاحات الهيكلية.

وفي الخليج، كانت السعودية ضمن الاقتصادات المتأثرة، حيث تم خفض توقعات نموها إلى 3% في 2025 و3.7% في 2026، بينما حافظت الإمارات على توقعات نمو مستقرة عند 4% و5% على التوالي، وعزّزت مصر موقعها بارتفاع متوقع إلى 3.8% في العام المالي الجاري و4.3% في المقبل، مستفيدة من بوادر تعافٍ اقتصادي تدريجي.

صندوق النقد

تجارة أقل ونفط أرخص

أما التجارة العالمية، فقد نالت نصيبها من التراجع، إذ خفّض الصندوق معدل نموها إلى 1.7% في 2025، مقارنة بـ3.2% سابقًا، وإلى 2.5% في 2026، ويعكس هذا الانكماش أثر الحواجز الجمركية المتزايدة، والتي كبحت جماح تدفقات السلع والخدمات.

في الوقت نفسه، توقّع الصندوق أن تنخفض أسعار النفط بنسبة 15.5% هذا العام، مع تراجع الطلب العالمي وزيادة المعروض، ما يضغط على اقتصادات الدول المصدّرة، ومن المرجح أن يبلغ متوسط سعر البرميل 66.94 دولار في 2025، لينخفض إلى 62.38 دولار في 2026، وسط ضعف الطلب الصيني وازدهار السيارات الكهربائية.

تضخم مستمر وتحديات مقبلة

ورغم تراجع متوقع في معدلات التضخم العالمية إلى 4.3% في 2025 و3.6% في 2026، إلا أن هذه النسب لا تزال تفوق التوقعات السابقة، كما أشار الصندوق إلى أن الحرب التجارية قد تعيد إشعال الضغوط التضخمية، من خلال رفع أسعار الواردات في عدد من الدول، ما يضع البنوك المركزية في موقف أكثر تعقيدًا بين دعم النمو واحتواء الأسعار.

صندوق النقد الدولي

 

مستقبل اقتصادي لا يخلو من القلق

رسالة صندوق النقد كانت واضحة، العالم يمر بمرحلة حرجة، لا تُبشّر بتعافٍ سريع أو نمو قوي، ومع تصاعد التوترات التجارية، وتقلبات أسعار الطاقة، وعدم يقين السياسات، يبقى المشهد العالمي مفتوحًا على سيناريوهات متعددة، ليس من بينها الكثير من التفاؤل.

Short Url

showcase
showcase
search